شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

كيف يفكر نتنياهو

 

عبد اللطيف المناوي

 

 

ذكرنا كثيرًا أن حرب غزة تكاد تكون المنقذ الوحيد لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من المساءلة أو الإبعاد عن المنصب، لهذا هو يصر بكل الأشكال على أن يُطيل أمدها، على حساب أرواح وضحايا أهل القطاع، الذي تمارس عليه حكومة تل أبيب حصارًا خانقًا في جريمة إنسانية مكتملة الأركان والمعالم.

وفي سبيل نتنياهو لإطالة مدة الحرب، فهو يرفض الجلوس على أي طاولة مفاوضات للوصول إلى حلول قد تُنهي المعاناة أو الحرب، لكنه ربما يؤمن بأن معادلة إنهاء الحرب تساوي رحيله عن الحكومة ومحاسبته هو شخصيًّا عن جرائم ارتكبها في الداخل الإسرائيلي، بعضها يتعلق بما حدث منذ السابع من أكتوبر الماضي، وبعضها يتعلق بأمور سياسية واقتصادية داخلية يرى الجمهور الإسرائيلي أنه ارتكب فيها جرائم فساد.

نتنياهو حتى عندما تحدث عن اليوم التالي للحرب في قطاع غزة، في وثيقة قدمها للكنيست بشأن سياسة إسرائيل المستقبلية، فإنه تحدث عن احتفاظ إسرائيل بحرية العمل في القطاع، وتدمير القدرات العسكرية لحركتي حماس والجهاد الإسلامي، وتضمنت الوثيقة مجموعة من البنود الأساسية، من بينها إقامة منطقة أمنية في قطاع غزة متاخمة للبلدات الإسرائيلية، وإبقاء إسرائيل على الإغلاق الجنوبي على الحدود بين غزة ومصر، مع إغلاق وكالة الأونروا واستبدالها بوكالات إغاثة دولية أخرى، لكن الأهم في الوثيقة أنه لم يضع حدًّا زمنيًّا لهذه الإجراءات أو حتى للحرب.

وقد نشرت الصحيفة الإسرائيلية ذائعة الصيت «يديعوت أحرونوت» تقريرًا مهمًّا خلال الأيام الماضية عن هذا الأمر، ذكر أن ما يُنشر بشأن المفاوضات مع حركة حماس هو أكاذيب، يحاول مكتب رئيس الحكومة بواسطتها الضحك على عقول الجمهور لأن نتنياهو لا يريد أي مفاوضات، حيث إنه تراجع عشية الجولة الأخيرة في القاهرة عن التوجيهات السابقة التي أعطاها للطاقم الإسرائيلي، من دون أن يوضح له ما سبب التغيير.

الصحيفة تحدثت بشكل واضح بأن ما يفعله نتنياهو بالهروب الدائم من طاولة المفاوضات بات في غير صالح الرهائن الإسرائيليين، الذين تصرخ عوائلهم في الداخل بخصوص أمنهم لأنهم ما زالوا يعتقدون أنهم على قيد الحياة وأن أكثر من 140 يومًا في وجودهم بالأسر هو أمر صعب.

ويخلص التقرير إلى أن كل الجهود الدبلوماسية التي يفعلها الوسطاء من أجل الوصول إلى صيغة تبدو مقبولة عند الطرفين حولت نتنياهو من محارب من أجل إسرائيل، ومُدافع عن فكرة تحرير الرهائن، إلى عدو قد يُعرض حياة الرهائن للخطر، خصوصًا في معركة رفح، التي تعتقد الدوائر الإسرائيلية وجود الرهائن فيها بعد عمليات الكر والفر بين قادة حماس وبين الجيش الإسرائيلي، الذي توغل في كل مكان في القطاع تقريبًا.

حقيقة، لا أعرف كيف يفكر نتنياهو، ولا أدري إلى أي نقطة دماء سوف يصدر فيها رئيس الوزراء الإسرائيلي أوامره بإيقاف الحرب، فقط كل ما أعرفه أن حساباته مقصورة على إنقاذ نفسه، ونفسه فقط، دون التفكير في رهائن أو حتى جنود جيشه، الذين يُقتلون في معارك الشوارع بغزة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى