شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

لُغة الطائرات المقاتلة

يونس جنوحي

في الوقت الذي اجتهدت فيه الصين للرد على القرار الأمريكي الذي «زلزل» العالم، بخصوص قانون الضرائب الجديد، وإعلان أنها موجودة فوق الأرض آلاف السنين قبل تأسيس الولايات المتحدة، ها هو سوق صناعة الطيران الصيني يتلقى ضربة مؤخرا، بعد أن كان المحللون في بكين يراهنون على السوق الآسيوي لبيع طراز من الطائرات المقاتلة.

إذ أن التقارير، التي نشرت في أبريل الماضي، تؤكد أن هناك تفاهما بين السلطات المصرية والكورية الجنوبية بخصوص التعاون بين دفاعي البلدين ودراسة طلب أولي لشراء 36 طائرة مقاتلة من كوريا. وهو ما شكل مفاجأة للصين.

وجاء في التقرير أن مصر تُجري تقييما دقيقا لخيارات الحصول على الطائرات المقاتلة، عقب مناورات «نسور الحضارة 2025». وتشير التقارير إلى أن القاهرة فضّلت الحصول على المقاتلات الكورية الجنوبية بدلا من الصينية، وأن مفاهمات تجري بهذا الخصوص لإبرام الصفقة.

الصفقة التي تأتي في سياق التعاون العسكري بين البلدين، بلغت قيمتها الإجمالية 1.7 مليار دولار. وفي الوقت الذي يضم فيه الأسطول المصري فعليا طائرات فرنسية وروسية وأمريكية، كان يُنتظر أن تنضم الطائرات الصينية إلى «العائلة»، لكن بدا واضحا أن الأمر لن يتم.

التقرير نفسه يقول إن مصر في حاجة إلى تحديث أسطول مقاتلات الإف 16 التي تمتلكها، إلا أن اللوائح الأمريكية الصارمة المتعلقة بقطع الغيار والقيود التشغيلية أعاقت هذه التحديثات، وهو ما زاد من حاجة مصر، ودول أخرى بطبيعة الحال، إلى طائرات مقاتلة جديدة.

يقول الخبراء إن الصين كانت تراهن بقوة على بيع الطائرات المقاتلة في منطقة الشرق الأوسط، وأنه من الممكن أن يبحث الصينيون قريبا سُبل تعاون بديلة مع مصر.

تكنولوجيا صناعة الطيران في الصين سوف تعيش أزمة في القريب بسبب القانون الأمريكي الصارم. ورغم أن الخبراء الصينيين يؤكدون أن السوق الأمريكي لا يمثل إلا نسبة من إجمالي السوق الذي تنتشر فيه السلع الأمريكية، إلا أن تداعيات القرار الأمريكي حتى الآن تؤكد أن أزمة «موجعة» تلوح في الأفق.

أما الكوريون، الذين تربطهم صداقة متينة مع الولايات المتحدة، ففاجؤوا العالم مؤخرا بالإعلان عن أسطول كامل من الطائرات المقاتلة، والذي تتوفر فيه تكنولوجيا دفاعية متقدمة جدا، وتُنبئ بقرب احتلال الطائرات الكورية لمكانة مهمة في السوق العالمية في المستقبل. إذ، بالإضافة إلى سعة وقود أكبر من نظيرتها الصينية، فإن الكوريين طوروا أسلحة دقيقة التوجيه وأنظمة دفاع ذاتي في طائراتهم، وهو ما يؤهل كوريا للمنافسة بقوة على صدارة الدول المصنعة للطائرات العسكرية المقاتلة.

وزارة الصناعة الكورية أعلنت العام الماضي عن مبادرة لتعزيز القدرة التنافسية وكفاءة الطائرات الكورية في السوق، وعروض صفقات أقل من تكاليف الصفقات الصينية بشكلها الحالي.

وليس هذا فحسب، بل إن الكوريين أبانوا أيضا عن السرعة في تسليم الطائرات، بعد إبرام صفقة مؤخرا مع بولندا، التي تسلمت أولى طائرتين من الدفعة، بعد عشرة أشهر فقط على إبرام الصفقة.

السوق الآسيوي يعرف تغيرات لا تقل حدتها عن الساحة السياسية في المنطقة التي لا تتوقف نهائيا عن الغليان.

الذين قللوا من تداعيات القرار الأمريكي لا بد أنهم يراجعون الآن أوراقهم، ويتضح مرة أخرى أن المستقبل سيكون لصالح من يمتلك مفتاح الولوج إلى الصناعات الدقيقة، وليس من يملك مفاتيح قاعات الندوات لتوزيع التصريحات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى