الافتتاحيةالرئيسيةتقاريرسياسية

مرسوم الصفقات

صادقت الحكومة، خلال مجلسها الأخير، على مشروع المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية، ليعوض آخر مرسوم يعود إلى سنة 2013، يأخذ بعين الاعتبار توصيات اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد؛ من خلال اعتماد نظام موحد للصفقات يطبق على مصالح الدولة وعلى الجماعات الترابية والهيئات التابعة لها والمؤسسات العمومية.

مقالات ذات صلة

لا أحد يخفى عليه الدور المحوري الذي تلعبه الصفقات العمومية في تحريك عجلة الاقتصاد والتنمية، خاصة في ظل النمو المطرد لحجم الاستثمارات العمومية للدولة والجماعات الترابية والشركات والمؤسسات العامة، حيث سيبلغ حجم الاستثمارات العمومية برسم ميزانية سنة 2023 ما يناهز 300 مليار درهم، أي حوالي 25 في المائة من الناتج الداخلي الخام (PIB).

لذلك فإعادة النظر في مرسوم الصفقات العمومية ليست مجرد تقنية قانونية، أو أداة لتدبير الطلبيات العمومية وتلبية حاجيات الإدارة، بل هي محطة مفصلية في تحقيق المغرب الذي ننشده في مجال التنموي والاقتصادي، فليس هناك أي مشروع من المشاريع الكبرى للدولة المغربية، أو قطاع من القطاعات، أو حتى جماعة صغيرة في أقصى منطقة بالمغرب، لا يحتكم لمرسوم الصفقات أو يمكن أن ينجز دون الرجوع إليه.

لهذا من اللازم على الحكومة الحرص على إحاطة هذه الآلية الهامة بكافة الضمانات القانونية اللازمة لضمان شفافية ونجاعة الصفقات العمومية، التي طالب الدستور بحمايتها من كل أشكال الانحراف المرتبطة بإبرام الصفقات العمومية وتدبيرها، والزجر عن هذه الانحرافات.

صحيح أن النسخة الجديدة من المرسوم التي صادقت عليها الحكومة تتوفر على آليات ناجعة لتعزيز الشفافية في مجال تدبير المال العام وضمان تكافؤ الفرص، سيما للمقاولات الوطنية في الولوج إلى الصفقات العمومية، لكن المعضلة الكبرى للطلبيات العمومية لم تكن فقط في النص، بل بمحيط النص وتطبيقه هناك فقط يسكن شيطان الفساد، فمهما حصل من تجويد للمرسوم فلن يكون له أثر بمعزل عن محيطه العام، وما لم تتحرك المفتشيات العامة بالصرامة اللازمة للافتحاص، وما لم يضرب القضاء بقوة على أيدي المتلاعبين بالصفقات، وما لم يتم ربط إصلاح مرسوم الصفقات بالاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، وما لم تتقلص يد الموظفين والمنتخبين والمسؤولين في القرار لفائدة تكنولوجيات المعلومات والاتصال الحديثة، ضمانا للمزيد من الشفافية، وما لم يتم تكريس الحق في الحصول على المعلومات فلن يكون للمرسوم الجديد أي أثر على مستوى الممارسة، سيلتحق المرسوم بنصوص قانونية أخرى لم تقدم ولم تؤخر في محاربة الفساد.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى