شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

مسؤولية بدون محاسبة

من أبرز مسببات انتشار وتغول الفساد، والفشل في التسيير وهدر المال العام، منح المسؤولية مع إهمال تفعيل المحاسبة، وتشجيع الإفلات من العقاب بطرق ملتوية، وطرح مبررات واهية تحول دون التفعيل الأمثل لربط المسؤولية بالمحاسبة، كما أكدت على ذلك التعليمات الملكية السامية مرات متعددة، وكما جاء أيضا في بنود دستور المملكة، وتدابير تخليق الحياة العامة وضمان الجودة في الخدمات العمومية، التي تقدمها مؤسسات الدولة، وتحقيق التنمية المنشودة.

إن تعثر تفعيل المحاسبة وتراكم ملفات الفساد، وفتح تحقيقات متعددة دون اتخاذ اللازم بشأنها بالحفظ، أو المتابعة، وغياب تسريع المحاكمة بشكل لا يؤثر على قرينة البراءة، كلها مؤشرات سلبية تشجع على التهافت على تحمل المسؤولية، حتى دون القدرة على العطاء، وإهمال تنفيذ الوعود الانتخابية والالتزامات والمسؤوليات بالنسبة إلى المسؤولين الذين يتم تعيينهم، والتقصير في أداء المهام بشكل واضح، والتلاعب أحيانا بالقوانين لخدمة أجندات خاصة.

حجم الفساد الذي ظهر بالمجالس الجماعية، واختلالات الصفقات العمومية، واختلاس الدعم العمومي المخصص لبرامج في غاية الأهمية بالنسبة إلى التنمية والتشغيل وتحقيق العدالة الاجتماعية، يتطلب الصرامة في المحاسبة، وإطلاع الرأي العام على كافة المستجدات، لأنه لا يعقل أن يتم تمييع كل حملات تخليق الحياة العامة بحمل الجميع لشعارات محاربة الفساد، من قبل الفاسدين أنفسهم.

هناك تفاصيل دقيقة يجب الانتباه إليها، وتتعلق بتتبع الرأي العام للملفات والقضايا والمقارنة، لذلك فإن إيجابية التفعيل الأمثل للمحاسبة ستمكن استباقيا من دفع مسؤولين ومنتخبين يحملون نوايا فساد أو تورطوا فيه في وقت سابق، إلى التراجع عن تحمل المسؤولية من الأصل، وعدم اللهث خلف المنصب الإداري أو الانتخابي.

إن السرعة التي يمشي بها المغرب نحو مستقبل التنمية والتشغيل وبناء الدولة الاجتماعية والعدالة في توزيع الثروة والاستفادة منها، لا شك تعرقلها مظاهر الفساد المتمثلة في التلاعب بأحكام قضائية، وأنشطة سماسرة المحاكم وادعاء العلاقات والنفوذ، وانتشار جرائم الابتزاز والتشهير وابتزاز استثمارات بطرق ملتوية، مع دعم الجهات المتورطة في التشهير، وبحث السبل القانونية لتجنيبها المتابعات القضائية، والاستغلال البشع لسلطة التوقيع، وتستر الأحزاب على أعضاء من ذوي السوابق العدلية، أو لهم ملفات قضائية وتورطوا في خروقات واختلالات خطيرة، ناهيك عن تهميش الصالح العام، مقابل خدمة الأجندات وتوزيع غنيمة استغلال النفوذ والسلطة.

لا مسؤولية من دون محاسبة، والوقت الحاضر يتطلب منا الصرامة الزائدة في تفعيل المحاسبة، لأن ذلك من شأنه إعادة الاعتبار للعمل السياسي والعمل الإداري أيضا، بحيث يجب أن يعي كل منتخب أن جنة المال العام تتبعها جهنم الحساب والعقاب حول كل درهم يتم صرفه، كما يجب أن يعي المسؤول الإداري والقاضي والجمعوي أيضا أن المسؤولية أمانة ومحاسبة، وليست مظاهر البذخ والعلاقات واستغلال السلطة التي يخولها القانون في ظلم البلاد والعباد والعيث في الأرض فسادا، فهل من ملتقط للإشارات التي تقول كفى من جرائم الفساد، التي تعطل بلدا بأكمله وتجهض أحلام شعب يتوق لينافس شعوب العالم المتقدم.

 

   

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى