
محمد اليوبي
أفادت ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، أول أمس الاثنين بمجلس النواب، بأن الوزارة منكبة حاليا على إطلاق طلب إبداء الاهتمام المتعلق بالشبكة الغازية المغربية، من خلال تزويد ميناء الناظور بوحدة عائمة لتخزين الغاز الطبيعي، وإحداث شبكة لنقل الغاز إلى مدن القنيطرة والمحمدية والداخلة، مع ربط الشبكة بأنبوب الغاز الإفريقي-الأطلسي وأنبوب الغاز المغاربي الأوروبي.
وأوضحت الوزيرة، في معرض ردها على سؤال شفهي حول “تطورات مشروع أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب”، تقدم به فريق التجمع الوطني للأحرار، خلال جلسة الأسئلة الشفوية، أن العمل جار حاليا على المرحلة الأولى من المشروع، التي تشمل محور السينغال-موريتانيا-المغرب، مؤكدة أن المشروع قطع أشواطا جد مهمة في مسار تطويره، حيث تم الانتهاء من دراسات الجدوى والدراسات التصميمية الهندسية، وكذا تحديد المسار الأمثل لخط الأنبوب الذي سيتم ربطه بأنبوب الغاز المغاربي الأوروبي (GME). وإلى جانب ذلك، تتم مواصلة الدراسات الميدانية ودراسة الأثر البيئي والاجتماعي، وفق البرمجة المحددة لها.
كما يتم العمل حاليا، تضيف الوزيرة، على إحداث شركة ذات غرض خاص (SPV) بين الجانبين المغرب ونيجيريا تتولى الإشراف على الدراسات التقنية من أجل توفير الشروط التقنية والقانونية اللازمة لتنزيل هذا المشروع، ليتم لاحقا خلق شركات تدعى “شركات المشروع” التي سيعهد إليها بالمهام المتعلقة بالتصميم وإنجاز المشروع.
وكشفت بنعلي أن الوزارة منكبة حاليا على الانتهاء من المراحل الأخيرة للشروع، خلال الأسابيع المقبلة، في إطلاق طلب إبداء الاهتمام من قبل المستثمرين لتزويد ميناء الناظور بوحدة عائمة لتخزين الغاز الطبيعي المسال وإعادة التغويز (FSRU) إلى جانب تطوير أنبوب الغاز الذي سيربط ميناء الناظور بأنبوب الغاز المغاربي الأوروبي، ليمتد إلى المنطقة الصناعية بالقنيطرة وصولا إلى المحمدية. وأكدت الوزيرة أن هذه المرحلة تعد محطة مفصلية لتطوير البنية التحتية لاستيراد الغاز الطبيعي المسال ونقله عبر شبكة أنبوب الغاز، تمتد تدريجيا لتصل إلى ميناء الداخلة، ليتم بذلك الربط مع أنبوب الغاز نيجيريا المغرب.
وسجلت الوزيرة أن مشروع “أنبوب الغاز الطبيعي نيجيريا-المغرب”، الذي أصبح يحمل اسم “أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي”، يعد مشروعا استراتيجيا محفزا للتنمية الاقتصادية الإقليمية، ورافعة لتطوير قطاع الصناعة، وتسريع برامج الولوج إلى الشبكة الكهربائية، ودعامة لخلق فرص الشغل وتحقيق اندماج اقتصادي على مستوى دول غرب إفريقيا، وركيزة لتحويل المغرب للممر الطاقي الوحيد الذي يربط بين أوروبا وإفريقيا وحوض الأطلسي.
ولفتت بنعلي إلى أن هذا المشروع يندرج ضمن الرؤية الملكية السامية التي تعبر عن الإرادة القوية للمغرب لتعزيز ولوج بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي وخلق اندماج اقتصادي متكامل، ويمتد أنبوب الغاز الإفريقي-الأطلسي، بحسب الوزيرة، على مسافة تفوق 6800 كيلومترا، بسعة نقل تصل إلى 30 مليار متر مكعب سنويا من الغاز الطبيعي، فيما يقدر الغلاف الاستثماري الإجمالي للمشروع بـ 25 مليار دولار أمريكي، وسيمكن من إعداد المنطقة لاقتصاد الهيدروجين الأخضر.
وأشارت المسؤولة الحكومية إلى أن الوزارة قامت على مدى الثلاث الأشهر الأخيرة لسنة 2024 بالمشاركة الفعالة في مجموعة من الاجتماعات التي نظمت من طرف المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (سيدياو)، والتي عرفت مشاركة الخبراء الممثلين للدول التي سيمر عبرها خط الأنبوب، وتوجت بانعقاد الاجتماع الوزاري لدول أعضاء (سيدياو) والمغرب وموريتانيا، يوم فاتح نونبو 2024، والذي شهد المصادقة على الاتفاق الحكومي بين الدول الأعضاء، وكذا اتفاقية البلد المضيف، واعتبرت الوزيرة هذا الحدث يشكل مرحلة جد مهمة لإنجاز هذا المشروع الاستراتيجي.
وسيمتد المشروع الاستراتيجي لأنبوب الغاز نيجيريا-المغرب على طول ساحل غرب إفريقيا انطلاقا من نيجيريا مرورا عبر البنين والطوغو وغانا والكوت ديفوار وليبيريا وسيراليون وغينيا وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال وموريتانيا وصولا إلى المغرب، وسيتم ربطه بأنبوب الغاز المغاربي الأوروبي وشبكة الغاز الأوروبية. كما سيتيح تزويد دول النيجر وبوركينا فاسو ومالي غير المطلة على البحر.
وسيساهم هذا المشروع الاستراتيجي في تحسين مستوى عيش السكان، وكذا تكامل اقتصادات المنطقة وتخفيف حدة التصحر بفضل تزويد مستدام وناجع بالغاز، كما ستكون لهذا المشروع آثار اقتصادية كبيرة على المنطقة، من خلال استغلال طاقة نظيفة تحترم الالتزامات الجديدة للقارة ذات الصلة بحماية البيئة، وفضلا عن ذلك، سيعطي المشروع بعدا اقتصاديا وسياسيا واستراتيجيا جديدا للقارة الإفريقية.
ويعتبر أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب مشروعا استراتيجيا سيستفيد منه حوالي 500 مليون شخص في المنطقة، ويحسن الرفاه الاقتصادي والاجتماعي لساكنتها، كما سيمكن هذا المشروع من نقل أزيد من 5000 مليار متر مكعب من الاحتياطيات المؤكدة للغاز الطبيعي؛ مما سيعطي دينامية لإنتاج الكهرباء ويحل مشاكل الولوج إلى الطاقة في معظم الدول التي سيعبر منها.