
الأخبار
أفادت مصادر جيدة الاطلاع بأن الهيئة القضائية، بالغرفة الجنحية التلبسية الاستئنافية، بمحكمة الاستئناف بالرباط حسمت، أول أمس الاثنين، ملف المتهمين المتورطين في تمرير المخدرات إلى داخل المؤسسة السجنية تامسنا، وهي القضية المثيرة التي سجلت بشكل استثنائي وغير مسبوق بهذه المؤسسة منذ إحداثها قبل ثلاث سنوات تقريبا.
المحاكمة، التي تهم ثمانية متهمين، بينهم سيدتان، أصدرت بشأنها الهيئة القضائية أحكاما قضائية جاءت مؤيدة للأحكام الابتدائية الصادرة في حق المتهمين، قبل أشهر، بالمحكمة الابتدائية بتمارة.
وكانت هيئة الحكم بالغرفة الجنحية التلبسية بالمحكمة الابتدائية بتمارة أدانت المتهمين بعقوبات سجنية، تراوحت بين 7 أشهر حبسا نافذا وسنة ونصف السنة حبسا نافذا، وبلغت في مجموعها 8 سنوات ونصف السنة تقريبا.
وتأييدا للأحكام الابتدائية، أدانت الهيئة القضائية بالغرفة الجنحية التلبسية الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بالرباط، أول أمس الاثنين، المتهمين الثمانية بثماني سنوات ونصف السنة سجنا نافذا، موزعة على سنة ونصف السنة حبسا نافذا في حق ثلاثة سجناء وهم المتهمون الرئيسيون في الملف. وأدانت الهيئة المستخدمين بالشركة المكلفة بالتغذية بسنة حبسا نافذا، فيما أدانت المتهمين الثلاثة الآخرين، وبينهم سيدتان، إحداهما زوجة أحد المتهمين الرئيسيين، بسبعة أشهر حبسا نافذا لكل منهم.
وتعود أطوار هذا الملف الى شهر نونبر من السنة الماضية، عندما نجحت عناصر المراقبة بسجن تامسنا في إجهاض محاولة إغراق السجن بالمخدرات من طرف أشخاص مقربين من سجناء بمساعدة مستخدمين ينتميان لإحدى شركات المناولة المتخصصة في تغذية السجناء بسجن تامسنا تحديدا.
وتفجرت القضية خلال عملية تفتيش واسعة أنجزتها الفرق المكلفة بمراقبة السجن، حيث ضبطت بعض الغرامات من مخدر الشيرا بمعية سجين، وبعد إخضاعه للبحث صرح أنه حصل عليها من طرف سجين آخر حدد هويته واسمه، وبعد إخضاع هذا الأخير للبحث بدأت تتضح امتدادات هذه الشبكة، حيث أكد السجين الأول أنه كان يمتهن حرفة الحلاقة قبل دخوله السجن، وبينما كان يقدم الخدمة ذاتها لأحد السجناء عرض عليه مقايضته بمخدر الشيرا بدل المال، مؤكدا أنه قبل بالاتفاق من أجل الاستهلاك، قبل أن يدعوه في المرة الثانية إلى مساعدته في ترويجها بين السجناء، وأضاف المعني أن مزوده بكمية المخدرات، التي عمل على نقلها إلى السجناء، كان يتسلمها من مستخدمين تابعين للشركة المكلفة بتغذية السجناء.
وكشفت التحريات في حيثيات هذه القضية المثيرة، والتي أنجزتها عناصر المركز القضائي بسرية الدرك بعين العودة، تحت إشراف وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بتمارة، عن تطورات بالغة الخطورة تتعلق بامتداد الجريمة إلى خارج السجن، من خلال مشاركة أهالي المتهمين الرئيسيين في الملف، وعددهم ثلاثة أشخاص، في نقل وتسليم المخدرات وتسلم المبالغ المالية من عائلات السجناء الذين كانوا يحصلون على بعض الغرامات من مخدر الشيرا.
وكشفت التحريات ذاتها أن مقربين من المتهمين الرئيسيين كانوا يسلمون كمية المخدرات للمستخدمين اللذين يقومان بتسليمها للسجناء، قبل تسليمها إلى السجين «الحلاق» الذي كان يستغل تنقلاته بين السجناء والمستخدمين التابعين للشركة بحكم «حرفته»، فيما تتكلف عائلات المتهمين، بينهم زوجة أحدهم تقطن بسلا، وشقيقة آخر تقطن بمدينة تطوان، بتسلم مقابل «المخدرات» من عائلات المستهلكين، وضبطت فرق البحث بعض الوصولات التي تؤكد نجاح الشبكة في تمرير المخدرات إلى داخل السجن، في محاولتين، وتحصيل مبالغ مالية عن طريق الوكالة، بتدخل من أهالي السجناء المتهمين والمستهلكين، قبل أن تنجح مصالح المراقبة بالسجن في إحباط المحاولة الثالثة.
وحسب معطيات الملف، تبين أن المستخدمين كانا يسلمان السجين الغرامات القليلة من المخدرات بزاوية دقيقة بالمطبخ يصعب رصدها من طرف كاميرات المراقبة، فيما أفادت المعطيات نفسها، نسبة إلى تصريحاتهما، أنهما كانا ينقلان الكمية القليلة من المخدرات التي لا تتعدى 10 غرامات، عبر إخفائها بإحكام شديد في جواربهما، بحيث لا يتم ضبطهما من طرف جهاز السكانير، ونفذا هذه العملية مرتين فقط، قبل أن تجهض عناصر المراقبة المحاولة الثالثة، معلنة عن إسقاط كل المتهمين في هذه الشبكة، بينهم شقيقان وزوجتا سجينين، ومستخدمان، وشخصان آخران كانا يتكلفان بالإمدادات.
تجدر الإشارة إلى أن مصالح المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج نجحت منذ سنوات في التصدي لآفة تمرير المخدرات إلى داخل المؤسسات السجنية، وذلك عبر قرار منع نظام القفة وتعويضه بنظام المطعمة، وهي الآلية التي مكنت المندوبية من ضبط وتجاوز كل الاختلالات التي كانت ترافق الصبغ التقليدية في تواصل السجناء بعائلاتهم خلال الزيارات الاعتيادية، وضمنت هذه الآلية الجديدة المتمثلة في المطعمة والاعتماد على شركات المناولة المتخصصة في التغذية، جودة الخدمات وتكافؤ الفرص بين السجناء، والتصدي لكل المحاولات الرامية إلى تمرير الممنوعات إلى داخل المؤسسات السجنية بمختلف جهات المملكة.





