
النعمان اليعلاوي
تحوّل مطرح النفايات بأم عزة، ضواحي العاصمة الرباط، إلى مركز لتصاعد القلق البيئي والصحي، في ظل التقارير والتحذيرات المتزايدة بشأن المخاطر الناتجة عن تسرب «الليكسيفيا»، وهي العصارة السامة الناتجة عن تحلل النفايات، إلى المياه الجوفية وتهديدها للحقول والمجالات الزراعية المجاور. ويحذر عدد من الخبراء والفاعلين في مجال البيئة من الآثار الكارثية المحتملة لهذا التلوث على الصحة العامة والتوازن البيئي، مشيرين إلى أن الليكسيفيا تحتوي على معادن ثقيلة ومواد كيميائية خطرة قد تتسرب إلى السلسلة الغذائية عبر المزروعات المروية بالمياه الملوثة.
المطرح، الذي أنشئ أصلاً باعتباره محطة عصرية لفرز ومعالجة النفايات في إطار مقاربة بيئية متقدمة، تحوّل، مع مرور السنوات، إلى مصدر إزعاج بيئي خطير، بعدما فشلت الأنظمة المعتمدة في معالجة النفايات السائلة بالشكل المطلوب، ما أدى إلى تسربها خارج الحوض المخصص، وتلويث طبقات المياه الجوفية التي يعتمد عليها الفلاحون في سقي محاصيلهم.
في هذا السياق، أكدت مصادر محلية أنه، إلى جانب تلوث المياه، يشكل الدخان المنبعث من عمليات الحرق العشوائي للنفايات داخل المطرح خطراً آخر لا يقل أهمية، حيث تُطلق في الجو كميات من الغازات السامة والدقائق العالقة، التي تؤثر بشكل مباشر على سكان المناطق المجاورة، خاصة أولئك الذين يعانون من أمراض تنفسية مزمنة، إلا أن ما يجري على أرض الواقع يؤكد فشل التدبير البيئي للمطرح، وضعف المراقبة التقنية والبيئية المنتظمة، وفق ما تشير إليه عدة تقارير جمعوية وشكايات للسكان المحليين.
وطالبت فعاليات مدنية وبيئية في المنطقة بفتح تحقيق شفاف حول مدى احترام دفتر التحملات الخاص بالمطرح، وتقييم مدى التزام الشركة المكلفة بالتدبير بالشروط التقنية والبيئية، مع دعوة الجهات الوصية إلى التدخل العاجل من أجل تفادي كارثة بيئية قد يصعب احتواؤها لاحقًا. ودعت الجمعيات إلى إعادة النظر في النموذج المعتمد لتدبير النفايات، والتوجه نحو حلول بيئية مستدامة تشمل التثمين وإعادة التدوير الحقيقيين، مع ضمان احترام المعايير الدولية في ما يخص تدبير العصارات وحماية الطبقات المائية والهواء من التلوث.