شوف تشوف

الرأيالرئيسية

نكسة في يوم العيد

كان العيد مرادفا للفرح. كان فرصة لزيارة الأهل والأحباب وتبادل اللقاءات، قبل أن تحوله الكرة إلى مآتم حول أطباق حلوى.

مقالات ذات صلة

من حول عيدنا إلى نكبة؟ ومن انتزع من أطباقنا لذتها؟

هل تآمرت علينا الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم وحرمتنا من متعة العيد حين دست لنا في كؤوس الشاي شيئا من مسحوق الكرة؟

في يوم عيد الفطر، وبعد أن ابتلت العروق واسترجعت الأمعاء إيقاعها، تسمرنا أمام شاشة التلفزيون وسافرنا في الظهيرة إلى دار السلام لنتابع مباراة الوداد وسيمبا التنزاني. هتفنا أمام التلفاز وددنا لو أن ممثل الكرة المغربية شاركنا اللمة وتفضل بإرسال هدية العيد من بلد في عمق القارة الإفريقية، لكن اللاعبين لم يفعلوا بل كانوا متسامحين مع خصومهم كأنهم يخوضون المباراة بجلباب وجبادور العيد.

تجرعنا مرارة الهزيمة وقلنا العوض في الرجاء الذي كانت تنتظره يوم العيد مباراة قوية في مصر أمام الأهلي المصري. وحين أجلنا تناول وجبة العشاء إلى ما بعد موقعة القاهرة، اكتشفنا سوء القرار، فقد انهزم الرجاء وانهزمت شهية الأكل وساد الصمت الرهيب في الزقاق.

لفظت المقاهي جمهورها. كان ختم العيد بخسارة، لكن بين الرجاويين والوداديين لحظة لوقف إطلاق النار، حين يتجرعان سويا مرارة الهزيمة، فيمضي كل إلى غايته وهو يردد «إذا عمت هانت».

كان العيد فرحة للأطفال قبل المباراة، لكن الهزيمة ضربت طقوس الاحتفال وألغت أكثر من لمة عائلية، تفاديا لنقاش بيزنطي، وصادرت سخاء الآباء تجاه الأبناء.

تعلقت آمالنا بالجيش الملكي. في اليوم الموالي سافرت أحلامنا إلى الجزائر أملا في انتصار يعيد الإيقاع لعقارب الدماغ، ويجعلنا نبتلع مع كأس شاي مرارة هزيمة الوداد والرجاء. قال المعلق التلفزيوني هنا الجزائر، وقدم التلفزيون الجزائري لقطات من أول مباراة شهدها ملعب خامس يوليوز والتي شهدت حضور مجموعة من اللاعبين المغاربة، كعلال وبوجمعة وباموس والفيلالي، هذا الأخير دخل التاريخ حين سجل أول هدف في هذا الملعب، لكن المعلق ابتلع لسانه وتحاشى الحديث عن لاعب مغربي أبهر بومدين وصفق له الجمهور بحرارة. فاز منتخب المغرب العربي قبل أن تتسلل الخلافات السياسية فتجهض حلم منتخب المغرب العربي الذي تم حله في بداية السبعينات حين ردد القذافي مقولة مستوردة تقول إن «الرياضة أفيون الشعوب».

كان الروبورتاج الذي بثه التلفزيون الجزائري بمثابة محاولة لدس مسحوق السياسة في طبق كروي، يجمع بين اتحاد العاصمة الجزائري والجيش الملكي، لكن العساكر رموا بأسلحتهم في ساحة الوغى وقبلوا الهزيمة وأصروا على جعل العيد مرادفا للنكبة الكروية.

من المسؤول إذن عن «النكبة»؟ من حول يوم العيد إلى يوم «نكسة»؟

أليس المسؤول عن ذلك هم أولئك المدربون الأجانب الذين غرروا بالجمهور بشعارات «بطولية» حول ثوابت «تقنية» مقدسة لا يمكن التخلي عنها؟

هل باعت دار الإفتاء المصرية الوهم للاعبي الرجاء فأقنعتهم بصيام مبتور؟

هل خدع أسد سيمبا الوداد حين ظهر في مباريات دار السلام السابقة كالحمل الوديع؟

هل خدعوها بقولهم حسناء والفرق كالغواني يغريهن الثناء؟

أﺣﻴﺎﻧﺎ ﺗﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺗﺠﺎﻫﻞ الكرة في يوم العيد، ﺗﺠﺎﻫﻞ أﺣﺪﺍﺙ يتعامل معها مدربونا الأجانب باستخفاف، ﺗﺠﺎﻫﻞ أﺷﺨﺎﺹ، ﺗﺠﺎﻫﻞ أﻓﻌﺎﻝ، تجاهل أﻗﻮﺍﻝ وتصريحات ما قبل المباريات، تحتاج لنعمة النسيان ﻓﻠﻴﺲ ﻛﻞ أمر يستحق الانفعال.

ممثلون في المحافل الكروية ظهروا يوم المباراة كالأقزام الطوال، انتزعوا منا فرجة العيد ثم انصرفوا، فجاز فيهم قول الشاعر أحمد مطر في قصيدة أعياد:

النكسة.. تأتينا على آثار نكبة.

 

حسن البصري

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى