شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

هدنة أم وقف إطلاق النار

 

مقالات ذات صلة

عمرو الشوبكي

 

المفاوضات التي جرت في باريس والقاهرة والدوحة، وعادت مرة أخرى إلى باريس، تركز الخلاف الأساسي فيها حول ما إذا كان الاتفاق بين إسرائيل وحماس سيكون هدنة مؤقتة، أو وقف إطلاق نار. صحيح هناك بعض الاختلافات حول أعداد المفرج عنهم من الجانبين، إلا أن الخلاف الرئيسي سيظل من الموقف الإسرائيلي المتمسك باستمرار الحرب بغرض القضاء على حركة حماس، وارتكاب جرائم إبادة جماعية يدفع ثمنها المدنيون من أبناء الشعب الفلسطيني.

والحقيقة أن تمسك نتنياهو ومعه منظومة الحكم المتطرفة في إسرائيل، برفض وقف إطلاق النار، يرجع إلى هيمنة فكرة القضاء على حماس واجتثاثها، وهي فكرة وصفها الرئيس الفرنسي بأنها تعني استمرار الحرب 10 سنوات، ورفضها جوزيب بوريل، ممثل السياسة الخارجية الأوروبية، واعتبرها غير واقعية.

والحقيقة أن تمسك إسرائيل بالهدنة المؤقتة مع استمرار استهدافها للمدنيين الفلسطينيين مثل عنصر ضغط كبير على حماس، وجعلها تفكر في قبول الهدنة المؤقتة ببعض الشروط، وفق آخر تسريبات خرجت من اجتماع باريس.

والمؤكد أن الهدف الإسرائيلي الذي عبر عنه نتنياهو أخيرا بالسيطرة العسكرية على قطاع غزة والقضاء على حماس، هو تكرار لتجارب أمريكا الفاشلة في اجتثاث حزب البعث في العراق، واجتثاث حركة طالبان في أفغانستان. فلا يمكن اجتثاث فكرة أو عقيدة من أي مجتمع، صحيح يمكن تهميشها أو تجاوزها بفعل تطور المجتمعات وتغير السياق السياسي والاجتماعي المحيط بها، وفي حالة حماس لا يمكن تفكيك جناحها العسكري، إلا بمسار سياسي ينهي الاحتلال ويقيم دولة فلسطينية.

إن محاربة الأفكار المتطرفة لا تكون أساسا بقمع من يحملونها؛ إنما بتغيير الظروف التي أدت إلى انتشار «التطرف»؛ لأن قوتها أساسا في الفكرة وليست في الأعداد الكبيرة أو الصغيرة لمن يحملونها.

والحقيقة أن تجربة إسرائيل في التعامل مع حركات المقاومة بمختلف توجهاتها مثلت أسوأ صور تجارب الاجتثاث في العالم وأكثرها قسوة وتشددا، فخطاب إسرائيل المعلن لتبرير رفضها وقف إطلاق النار هو أنها ترغب في اجتثاث حماس، مثلما فعلت أمريكا وحلفاؤها في العراق وأفغانستان وفشلت.

صحيح يمكن للدولة العبرية أن تضعف قوة حماس، بل يمكن أيضا أن تفكك قدراتها العسكرية وتقتل الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني، ولكنها لن تستطيع أن تقضي على فكرة أو إيديولوجية مقاومة المحتل، لأنها ستعود مرة أخرى في ثوب جديد، قد يكون أكثر تطرفا أو اعتدالا، لكنه سيعود، فطالما بقي هناك احتلال ستصبح هناك مقاومة أيا كان اسمها وتوجهها.

مشكلة الخلاف حول الهدنة أو وقف إطلاق النار تكمن في أنه ليس مجرد خلاف على صيغة اتفاق، إنما هو خلاف أعمق من ذلك، يتعلق بمشروع عقائدي صهيوني يتصور أن حماس مجرد جماعة مسلحة يمكن القضاء عليها، وليست تنظيما مقاوما سيبقى طالما ظل الاحتلال حتى لو أضعف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى