شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

هل انتهت حرب غزة

 

 

بقلم: خالص جلبي

 

حسب القرآن، كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله. وحسب المؤرخ البريطاني توينبي، فإن دورات الحرب كالنار تزداد هولا واتساعا تأكل بعضها بعضا حتى تنطفئ. وحسب المؤرخ ديورانت، فإن الحرب هي إحدى الممارسات التي يقوم بها الجنس البشري القاتل من حين لآخر. أو هي لعبة الملوك القديمة وهم يتفرجون على المجالدين. ومعركة غزة التي بدأت في 7 أكتوبر من عام 2023 هي حلقة من صراع لن يهدأ، بسبب زرع جسم غريب في المنطقة، ولكن السؤال الأكبر هو: ماذا لو خسف الله الأرض بدولة بني صهيون؟ إنه يحرض نفس السؤال الذي سأله قوم موسى أن الوضع لم يتغير قبل قدومه وبعده؟ فكان جوابه أن العبرة ليست في زوال فرعون، بل ما بعد هلاك فرعون، أي البديل: عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون.. وهو الكلام نفسه الذي كرره الكواكبي في كتابه «طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد»، بأن ثلاثة شروط هامة لاستبدال الاستبداد أهمها: البديل. كل الخوف أن حماس تتحول بكل حماس إلى دولة ثيوقراطية استبدادية.. فأمامنا تجربة فتح وكيف تحولت من حركة مقاومة إلى حركة مساومة. وهذا سينطبق بدوره على حركة حماس، فينطفئ كل حماس. مع ذلك، يمكن وضع مفاصل رئيسية لما جرى والقادم من الأيام. أبدأها بالخبر الذي أرسلته إلي أخت فاضلة من غزة المنكوبة، تتحدث فيه عن توقيف حرب غزة، مقابل تبادل الأسرى في صفقة جماعية، وإنهاء حالة الحرب.

قالت الأخت من قلب غزة: هذا يستحق كل ما حدث لشعب غزة؟ مبروك المقاومة انتصرت وحققت أهدافها وقياداتها بخير، ولم يستطع الاحتلال الوصول إليها. مبروك إسرائبل انتصرت وحققت أهدافها وأفرجت عن أسراها الأبرياء، وضربت البنية التحتية لعشرات السنين لغزة وللمقاومة. أما الشعب الفلسطيني والإنسان الفلسطيني فهو المهزوم الوحيد والخاسر الوحيد.. مبروك للجميع.

وعلى فرض عدم صحة الخبر فالسياسة عادة تطلق بالونات اختبار للرأي العام. حسب المبدأ القرآني، كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين.. لكن ثمة نتائج من حرب أكتوبر 2023:

أولها: التعاطف العالمي مع القضية الفلسطينية إلى درجة اعتناق الإسلام من أفراد شتى في المعمورة، أو بكاء العديد من النساء على الأطفال القتلى. بالطبع هناك متحمسون لمن اعتنق الإسلام، ولكن المسلمين لا ينقصهم عدد، مع ذلك هناك نساء تحدثن عن الحدث أنه إن كان شعب مختار فهو شعب غزة ومصرع أهلها، ما يذكر بكل المظلومين في التاريخ وتعاطف الناس معهم. لنتذكر مصرع الحسين ومحاولة صلب المسيح.

الأمر الثاني: بروز حماس كقوة في المنطقة فإن قضت نحبها فستتولد من رحمها حماسات أشد قوة وبأسا. وهو ما صرح به أيضا إيلون ماسك، الإعلامي الشهير، أن كل طفل يقتل سيترك خلفه حماس جديدة يتناسلون بدون توقف إلى حين ولادة العدل.

الأمر الثالث: انكشاف عورة حسن اللبناني الكذاب وملالي إيران، حين خذلوا أهل غزة في محنتهم، فالمحن تكشف معدن الناس، وأنا شخصيا كتبت مقالتين نشرتا في جريدة «الشرق الأوسط»، حين التمع نجم المذكور في أول ظهوره إلى درجة جعله أيقونة تعلق صوره في كل المنطقة. بل إنني اجتمعت ببرلماني مغربي معروف، سألتني زوجته يومها وهي سيدة فاضلة وأستاذة جامعية عن الحسن بدون حسن ما تقول فيه؟ كان جوابي: هل تريدين الجواب موسعا، أم في (جوج كلمات؟)، قالت: بل (جوج كلمات)، قلت لها: هو بيدق إيراني، وكان زوجها يحملق في الجواب..

الأمر الرابع: كشف عورة الصهيونية عالميا والانتباه إلى أنها سرطان مستفحل منتشر في كل مفاصل السياسة العالمية، انتبه إليه الرأي العام العالمي مبكرا. وحسب جيفري لانغ، أستاذ الرياضيات، الذي ألحد، ثم اعتنق الإسلام وكتب ثلاثة كتب بعناوين شتى (الصراع من أجل الإيمان+ حتى الملائكة تسأل+ ضياع ديني)، قال الرجل إن زوجته الأولى كانت يهودية، فلما طلقها حافظت على اسمه، كل ذلك خوفا من انقلاب الزمان عليهما. وللعلم فإن اليهود اضطهدتهم أوروبا فهربوا إلى العالم الإسلامي فآواهم، فلما قامت دولة بني صهيون هربوا إليها بكل أسف، كما يفعل الطابور الخامس بالخيانة.

الأمر الخامس: نكسة خطيرة في دولة بني صهيون أمام طائفة مصممين من الناس الذين استولى عليهم شعور خطير، أنه ليس من شيء يخسرونه فهم عليه خائفون. لذا ينقل عن كارل ماركس، نبي الشيوعية، قوله للعمال: ثوروا فلا تملكون شيئا تخافون من فقدانه سوى قيودكم.. وهو وضع أهل غزة المحاصرين منذ 17 سنة. بالطبع كان منطق آخر قابل للتحقيق بدل القتل، وهو ما كنت أكرره على أهل غزة إن أصبحتم أحرارا فلا صهيوني فوق رأسكم، فأقيموا مجتمع الصحابة بينكم. لكن كل المشكلة أن الإنسان المحاصر والمسجون يفقد العقلانية ويميل إلى الانتحار، أو ما تفعله دولة بني صهيون في بناء الترسانة النووية تحت شعور الفناء، أو ما سماه سيمور هيرش، خيار شمشون (Samson Option)…

وأخيرا الأمر السادس: سيبقى أهل غزة في أرضهم فلا يبرحونها، فلا زحزحة ولا هجرة ولا تهجير.. وفشل مبدئي لمشروع قناة بن غوريون بين الأحمر والمتوسط أفضل من قناة السويس، كما يجرى حاليا في نيكاراغوا أفضل من قناة باناما، إلا بثمن مغر لأهل غزة. ستبنى غزة من جديد، فالبشر أهم من الحجر، ما يذكر بنساء الأنقاض في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية (Truemmer Frauen). وسيتكاثر أهل غزة بأكثر من أرانب أستراليا، فالحرب تحرض الأرحام.

وسابعا وهو الأهم: هو الثقة بالشعوب أنها تقهر أكبر الغزاة والطغاة والغلاة. لذا فحكام وطغاة العالم العربي بدؤوا يمسحون رؤوسهم الوشيكة على التساقط. فهل هي مؤشرات ليقظة العالم العربي، بعد فشل الربيع العربي؟ إنه قادم بالتأكيد، إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا.. يوم تكون السماء كالمهل وتكون الجبال كالعهن. ولا يسأل حميم حميما. أما قتلى أهل غزة فلهم القرآن إنهم منصورون، ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا، فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا.

 

 نافذة:

بروز حماس كقوة في المنطقة فإن قضت نحبها فستتولد من رحمها حماسات أشد قوة وبأسا وهو ما صرح به أيضا إيلون ماسك الإعلامي الشهير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى