شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

وإن خفتم ألا تعدلوا

 

 

حسن البصري

لا تهتم عشيرة الكرة بالقانون الرياضي، إلا حين تواجه إشكالا قانونيا يستدعي الاستماع لفقهاء القانون. حين انسحب فريق اتحاد العاصمة الجزائري وأعرض عن مواجهة النهضة البركانية، في نصف نهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، بسبب خريطة، حملنا أسئلتنا المقلقة لرجال ونساء القانون الرياضي، ابتغاء فتوى تدعم موقفنا.

وحين دار نقاش حول مذكرة لفتيت التي منعت الجمع بين المناصب المؤثرة، كانت الكلمة الأخيرة للقانون، وتبين أن رؤساء كثير من الفرق يفضلون الاستعانة بـ«حياحة»، بدل توظيف «قانوني» يشهر بين الفينة والأخرى ضوابط اللعبة ويزرع في طريق الفريق علامات التشوير.

أثار إعلان هشام آيت منا عن ترشحه لرئاسة الوداد الرياضي جدلا واسعا في الوسط الكروي، خاصة أن الرئيس الحالي عبد المجيد البرناكي لم يتجاوز فترة «الروداج» التسييري.

بحث الوداديون عن فتوى تنتشلهم من فوضى الرئاسة. قالوا لا يحق لهشام أن يعشق فريقا في فضالة ويسير فريقا في الدار البيضاء، وتصدوا للتعدد.

رد عليهم مريدو آيت منا وأتباعه، وكشفوا للرأي العام الودادي حكاية الرئيس الحالي البرناكي، الذي يمارس التعدد حين يعشق اتحاد الفقيه بن صالح والوداد الرياضي.

«وإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة»، هكذا رد أهل الإفتاء، في قضية التزمت فيها العصبة الوطنية لكرة القدم الاحترافية الصمت.

لنفرض جدلا أن آيت منا أصبح رئيسا للوداد، وهو رئيس الشركة الرياضية لشباب المحمدية، فكيف سيكون موقفه حين يلتقي الفريقان في يوم المباراة؟

أين سيجلس؟ هل في منصة مسيري الوداد، أم الشباب؟ هل يحق له الاحتجاج على حكم؟ سيكون طبعا في حالة إحراج قصوى وهو يعيش دقائق هذه المباراة.

في فترة سابقة كان عبد السلام بلقشور رئيسا لحسنية أكادير، ومنخرطا في الدفاع الحسني الجديدي، ومدعما لنهضة أتلتيك الزمامرة، بحكم الانتماء الدكالي. وهناك أسماء عديدة لا تجد حرجا في الجمع بين تسيير فريقين مثنى أو ثلاث.

الذين طرحوا هذا السؤال المشروع طبعا، كان عليهم أن ينزلوا درجات في سلم «التنافي»، ويتساءلوا عن مدى أحقية رئيس جماعة ترابية في الجمع بين رئاسة ناد ورئاسة مجلس جماعي؟

والذين يرفعون راية التسلل كلما جمع مسؤول بين منصب رياضي ومنصب سياسي، يعلمون جيدا أن الذين يراكمون المناصب الجمعوية هم أكثر عددا من العاطلين، وأن ظاهرة الجمع بين المسؤوليات تجد في قطاع «المجتمع المدني» سريرا دافئا، يساعد على تناسل المناصب وتفريخ صناعها.

وبإلقاء نظرة على المشهد الكروي لتكتمل رؤية أقصى حالات التنافي، سنجد أنفسنا أمام كائنات تحمل عددا من بطاقات الزيارة، رئيس فريق ورئيس شركة رياضية ورئيس مجلس جماعي وبرلماني ورئيس عصبة ورئيس جمعية للتبرع بدم الآخرين وعضو شرفي في هيئة للرفق بالحيوان.

كما في بعض سيناريوهات أفلام «الأكشن» الكروي، يتقمص الممثل دورين على الأقل خلال فيلم واحد، وفي مشاهد اللعبة المجنونة يموت البطل، ثم تراه في النسخة الثانية من الفيلم، كذلك الأمر في عالم الكرة والسياسة. يتقلد الرجل هذه المناصب ويمارس التعدد بالتدريج، وفي غفلة من الجميع وباسم جموع عامة استثنائية لغة واصطلاحا، يراكم المناصب في يوم في شهر في سنة.

اشتكى أحد الرؤساء المثقلين بالمناصب الجمعوية والسياسية، في لقاء مع المنخرطين من كثرة المهام وثقل الأعباء، وأقسم بأغلظ الأيمان قائلا: «والله ما كنلقى كيفاش نحك راسي»، وفي نهاية اللقاء التواصلي تطوع شخصان وأعلنا استعدادهما لـ«حك» رأس الرئيس المشغول تطوعا وحبا للفريق.

غدا سيصبح بإمكان فريق استيراد رئيس من الخارج، أو من بلد يعيش طفرة كروية، أو نعيش صورة جديدة للتدبير المفوض للفرق، كما هو معمول به في قطاع جمع النفايات.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى