الرئيسية

أين اختفت المعارضة؟

يونس جنوحي
نهاية أسبوع ساخنة في الجزائر. بلاغ تلو البلاغ، يتأكد من خلاله أن الذين يمسكون بمفتاح الأزمات ماضون في عزمهم على الإبقاء على الرئيس بوتفليقة لولاية أخرى رغم حالته الصحية الحرجة التي أصبحت بعض الدول تتندر بها في برامجها الساخرة، وعلى رأسها فرنسا.
آخر الأخبار تقول إن الممسك الفعلي بزمام السلطة سوف يمرر اسم بوتفليقة بطريقة غير مباشرة عبر وعد بتمرير السلطة لمرشح آخر عن طريق بوتفليقة. وهذا الأمر مراوغة سياسية لربح الوقت. فيما تقول أخبار أخرى إن بوتفليقة مضى في إجراءات الترشح رسميا وليس هناك أي مؤشرات على التراجع، علما أن الرجل مختف تماما عن الأنظار، بل ولا توجد ضمانات مؤكدة لبقائه على قيد الحياة، فما بالك بخوض غمار الرئاسة في بلد تتنامى الاحتجاجات داخله كل يوم.
الرباط تتأثر بطريقة أو بأخرى بما يجري في الجزائر، لأن مفتاح أزمة الصحراء المغربية يتوقف شق مهم منه على الموقف الجزائري. وآخر مبادرة أخوية في الموضوع قادها المغرب وليس الجزائر. وإلى الآن ليس هناك أي تنظيم سياسي أو إطار حكومي أو سيادي يتحدث في شأن العلاقات مع المغرب.
في موريتانيا بدأت الاستعدادات للانتخابات وسط تخوفات من عودة ظل الرئيس الأسبق معاوية من خلال رجاله السابقين. الصحافة الدولية اهتمت بموضوع الإعداد لهذه الانتخابات وما قد يكون بعدها من سيناريوهات. لكن الأزمة الجزائرية الآن تبقى هي الأهم، ما دام الجزائريون ينزلون إلى الشوارع يوميا محاولين إيقاف موجة السخرية العالمية من انتخاباتهم الرئاسية المقبلة. المثير أن الإعلام الفرنسي هو الساخر الأكبر من الوضع في الجزائر، علما أن الرئيس الفرنسي ماكرون زار الجزائر أخيرا فقط، وزارتها أيضا رئيسة الوزراء الألمانية ميركل قبل أشهر على نهاية السنة الماضية.
يبدو واضحا أن هناك تحركات على مستوى المعارضة في المنطقة، إلا أننا في المغرب لا نزال أمام معارضة كرتونية وحكومة بأداء يثير غضب الشارع، خصوصا في ما يتعلق بسياسة الأسعار والحوار الاجتماعي وملفات التوظيف وزيادة الأجور.
لم تعد لدينا معارضة في المغرب، لدينا فقط حكومة تمارس المعارضة بدل تدبير الشأن العام. وبدل أن تنصرف الحكومة إلى حل الملفات الكبرى، وخلق مناصب مالية إضافية وفتح الحوار العاجل مع النقابات، نجد أن النقاش تحت قبة البرلمان ينصرف إلى ما هو شخصي في أحيان كثيرة. هذا دون الحديث عن خرجات رئيس الحكومة السابق الذي أصبح يتحدث عن أزمة التعليم وكأنه لم يكن يوما رئيس حكومة. وهذا الأمر لا يمكن أن يدخل إلا في بوابة المفارقات الساخرة التي تزيد من يأس المغاربة من السياسة عموما.
وإلى الآن لم تبادر الحكومة بعد إلى مناقشة أرقام رغبة الأطر المغربية في الهجرة، وبشكل عاجل.
لماذا تصرف الدولة ملايين الدراهم سنويا لتكوين مهندسين وأطباء وتقنيين ومجازين في تخصصات مختلفة، ليختاروا في الأخير انتظار نتائج القرعة الأمريكية أو رد مكاتب الهجرة إلى كندا لكي يغادروا المغرب دون أسف؟
هناك يلتقون بالأشقاء الجزائريين الهاربين بدورهم من رئيس لا أحد يعلم إن كان على قيد الحياة أم أن قلبه موصول بالمجسات الكهربائية لإبقائه فوق الكرسي.
المعارضة في المغرب تبدأ بضرب الطاولة تحت قبة البرلمان تماما مثلما كان يفعل برلمانيو الحزب الذي يدبر الشأن العام اليوم، وتنتهي بخمول مطبق مثل هذا الذي نعيشه. وهذه هي السياسة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى