حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةتعليمسياسية

إجراءات جديدة لتنظيم العلاقة بين مؤسسات التعليم الخصوصي والأسر

إقرار بحرية الأسعار وتنوع الخدمات وفي الوقت نفسه تشديد الرقابة

حرص كل الوزراء المتعاقبين على رأس قطاع التربية الوطنية على تنظيم العلاقة بين الوزارة والمدارس الخصوصية، سيما وأن وضع هذه المدارس يصعب إخضاعه لتحكم مطلق، فهي من جهة «شريكة» للوزارة، لأن الأمر يتعلق باستثمار في خدمة اجتماعية عمومية، وبالتالي فالوزارة لا يمكنها أن تتخلى عن دور الرقابة، ولأن الأمر يتعلق باستثمار، فإن هذه المدارس تخضع لمبادئ السوق الحرة من جهة أخرى، حيث لا يمكن للدولة التدخل نهائيا في رسوم وواجبات التسجيل والتمدرس لأن المواطنين هم من يختارون هذه الخدمات ولهم الحق في الاستغناء عنها وتوجيه أبنائهم إلى مدارس خصوصية أقل تكلفة أو أكثر تكلفة بحسب قدراتهم المالية، ولها الحق أيضا في تسجيل الأبناء في المدارس العمومية الأقرب إلى مقرات السكن. هذا الوضع دفع كل الوزراء السابقين إلى بذل مجهودات قانونية كبرى لمحاولة ضبط هذه العلاقة.

المصطفى مورادي :

عقود مكتوبة بوضوح

أعلن وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد برادة، بمجلس النواب، عن إجراءات تنظيمية جديدة تقضي بتنظيم العلاقة بين مؤسسات التعليم الخصوصي والأسر من خلال توقيع عقد مكتوب. وأوضح برادة، في عرض قدمه أمام لجنة التعليم والثقافة والاتصال، أن هذا العقد، الذي سيتم تجديده سنويا، سيحدد أهداف وواجبات والتزامات هذه المؤسسات وأولياء الأمور. واستعرض الوزير، في هذا السياق، بعض أهم مستجدات مشروع القانون رقم 59.21 المتعلق بالتعليم المدرسي، والتي تتجلى في تحديد لائحة رسوم وواجبات الخدمات ونشرها بكل وسائل النشر، سواء داخل فضاء مؤسسات التعليم الخصوصي أو عبر الوسائط الرقمية.

وتشمل هذه المستجدات، يضيف برادة، منع رفع قيمة الرسوم والواجبات خلال السنة الدراسية الجارية ومأسسة إبرام عقد مكتوب مع المستفيدين قانونيا من المتعلمين، إضافة إلى منع مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي من رفض إعادة تسجيل أو طرد أي متعلم يتابع دراسته بهذه المؤسسات. وأشار الوزير إلى أن لجان المراقبة التربوية والإدارية، على مستوى كل الأكاديميات الجهوية، ستعمل على تتبع مدى احترام المؤسسات التعليمية لهذه الالتزامات، مؤكدا أن الوزارة «ستحرص على فرض الانضباط داخل القطاع».

واشترط مشروع القانون سابق الذكر، الذي يعد الأول من نوعه في تاريخ التعليم المغربي، كذلك، توفّر مجموعة من العناصر الرئيسية لدى المؤسسات التعليمية بالقطاعين العام والخاص، بما فيها مشروع للمؤسسة مندمج كإطار منهجي موجه لمجهودات جميع الفاعلين التربويين والشركاء وآلية عملية لتنظيم وأجرأة مختلف العمليات التربوية والتدبيرية، إلى جانب «مشروع المؤسسة المندمج» ووحدات للدعم النفسي والتربوي ونظام داخلي، مع فتح الباب أمام تأسيس جمعيات لآباء وأولياء أمور التلاميذ، وفقا للمادة 35 من مشروع القانون المذكور.

 

المزيد من الصرامة

ألزم مشروع القانون، الذي ستتم المصادقة عليه قبل انتهاء السنة السياسية الحالية، المستثمرين في مجال التعليم الخصوصي باتباع معايير الجودة والمحاسبة والمسؤولية ومعايير التجهيز والبنايات المدرسية والتأطير والتوجيه المدرسي والمهني والبرامج المقررة في التعليم المدرسي العمومي وإحداث المرافق الرياضية التي تمارس فيها حصص التربية البدنية. واشترط المشروع على هذه المؤسسات التعليمية الخاصة كذلك (في حال أرادت تقديم تعليم أجنبي بالمغرب) احترام المؤسسات الدستورية للبلاد وتلقين الأبناء، الذين يتابعون تعليمهم على مستواها، البرامجَ التي تعرفهم بهويتهم الوطنية، بما فيها تلقينهم اللغتين الأمازيغية والعربية، والتعريف بمؤسسات البلاد الدستورية وتقديم برامج الدعم التربوي ومنح دراسية لفائدة أبناء الأسر المعوزة، وحتّم عليها، كذلك، ضمان حق التمدرس للمتعلمين بها بشكل منتظم.

وبرز، في هذا الجانب، توجّه صريح نحو إعمال المزيد من الصرامة في وجه هذه المدارس الخاصة من لدن وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، حيث أحال مشروع القانون رقم 59.21 على غرامات تخص حالات ارتكاب مخالفات بعينها، بما فيها تغيير البرامج والمناهج، التوسعة بدون ترخيص، تغيير المقر أو استعمال كتب غير مرخص لها أو حرمان متعلم من متابعة دراسته أو رفض تسليمه شهادة المغادرة.

وتعاقَب المؤسسات التعليمية الخصوصية بغرامة تتراوح ما بين 10 آلاف و50 ألف درهم، في حالة ارتكابها هذه المخالفات، على أن ترتفع في حالة العود إلى 100 ألف درهم في الحد الأقصى. كما تُعاقب بغرامة ما بين 5 آلاف و20 ألف درهم في حالة «استخدام مرب أو مدرس لا تتوفر فيه الشروط المطلوبة، أو تسجيل أو إعادة تسجيل متعلم لا يتوفر على تأمين فردي واسمي عن الحوادث المدرسية، في حين تصل الغرامة إلى 50 ألف درهم في حالة العود، وهي الغرامات التي يحررها موظفون منتدبون من لدن الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، إلى جانب ضباط الشرطة القضائية.

يذكر أن النص نفسه الذي أُعدّ في وقت سابق وينتظر بدء مساره التشريعي، أكد على تسجيل جميع الأطفال المغاربة، ذكورا وإناثا، البالغين من العمر 4 سنوات إلى تمام 16 سنة، بمن فيهم الموجودون في وضعية إعاقة أو في وضعية خاصة، في التعليم المدرسي، على أن تقوم الدولة بتعبئة كل الوسائل اللازمة وتتخذ التدابير التنظيمية والمادية والتربوية والاجتماعية الضرورية لضمان ذلك.

وأشار المشروع بالتحديد إلى المسؤولين عن هؤلاء الأطفال، الذين يتمثلون في الأب والأم، الوصي أو المقدم، الكافل أو مديري أو متصرفي مؤسسات الرعاية الاجتماعية والمراكز والمؤسسات المستقبلة للأحداث الجانحين أو الموجودين في وضعيات صعبة أو غير مستقرة أو في وضعية احتياج، موضحا أنه في حالة وجود نزاع بين الأم والأب، تحرص الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والمديريات الإقليمية التابعة لها على التقيد بالقوانين الجاري بها العمل، سيما أحكام مدونة الأسرة.

 

////////////////////////////////////////////////////////////////////

 

المصطفى مورادي

 

السرعة القصوى في تنزيل خارطة الطريق

 

 

لا تفصلنا سنوات كثيرة عن المدة التي خصصتها الدولة المغربية لتنزيل الرؤية الاستراتيجية، لذلك دخلنا المرحلة الثانية منذ تعيين الحكومة الحالية، وينبغي التركيز فيها على مسألة الحكامة تحديدا، أي التركيز على الهياكل الإدارية التي تعتبر آليات ضرورية لتنفيذ مشاريع القانون الإطار، وعلى رأسها خارطة الطريق.

يتعلق الأمر، إذن، بمرحلة جديدة ينبغي أن تحمل هوية تدبيرية خاصة، ينكب فيها الوزير الجديد على تجديد دماء الإدارات، المركزية والجهوية والإقليمية بطاقات شابة لها أفكار جديدة وقدرات ومهارات ظلت لسنوات «مقموعة» داخل هرم إداري صارم، يطبق فيه المدير المركزي حرفيا تعليمات الوزير، والمدير الجهوي تعليمات المدير المركزي، والمدير الإقليمي تعليمات المدير الجهوي، ورئيس المصلحة تعليمات المدير الإقليمي، ومدير المؤسسة التعليمية تعليمات رئيس المصلحة.

داخل هذا الهرم «القاتل» للإبداع والاجتهاد، لابد للوزارة أن تنكب، في المرحلة القادمة، على ورش تجديد دماء الإدارات بوجوه جديدة. والخطوة الأولى بتبني فهم ذكي للهيكلة المركزية بدل الفهم القديم، الذي يكرس الصراع على الصلاحيات والمهام. وأيضا تعديل قانون الأكاديميات بما يسمح بالمزيد من الاستقلالية الحقيقية لهذه المؤسسات، ثم توضيح العلاقة بين المسؤولين الإقليميين والجهويين، ليكون منصب المدير الإقليمي واضح المهام والصلاحيات.

فما تم القيام به في المرحلة الأولى للرؤية الاستراتيجية لا ينكره إلا جاحد أو أعمى. ومن تتبع المسار الذي قطعته الرؤية منذ لحظة التشخيصات الموسعة للقطاع، وصولا إلى خارطة الطريق المنبثقة من القانون الإطار، سيرى حجم المجهود الجماعي المبذول، والذي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن ينسب لشخص واحد مهما كان منصبه، إذ الأمر يتعلق بالذكاء الجماعي لأمة.. لكن الإبقاء على المسؤولين أنفسهم بطرق يتم فيها التلاعب بقانون التعيين في المناصب العليا، أمر يناقض روح الرؤية الاستراتيجية.

فإذا كان الإنصاف، وهو من بين مبادئ الرؤية الاستراتيجية، يعني إنصاف الفئات الهشة للحصول على حقها في التربية والتكوين، فإن هذا المبدأ يعني أيضا إنصاف الكفاءات الواعدة التي تموت كل يوم في المكاتب الصغيرة المهترئة دون أن تحصل على فرصتها لإثبات جدارتها. والأمر نفسه بالنسبة للارتقاء، فهو لا يعني فقط أن التعليم فرصتنا لارتقاء الفرد والمجتمع، ودخول القرن 21 من أوسع أبوابه، لكنه يعني أيضا أنه لا يمكن أن نرتقي بالفرد والمجتمع بقطاع مازال يعتمد منطق «الوزيعة»، حيث العلاقات الشخصية في تولي المناصب وفي الاحتفاظ بها ضدا على القانون، وأساسا الإفلات من المحاسبة والاكتفاء فقط بمحاسبة مدير إقليمي أو رئيس مصلحة، علما أن مهمة كهذه تعد قزمية جدا في الهرم الإداري للوزارة.

فإذا كان هذا المسؤول أو ذاك يتوهم بوجود فضل له على القطاع، فضل يبرر به تحويل منصبه إلى «مزرعة خاصة»، فلأن العرف الإداري السائد في القطاع يسمح بذلك، بل ويشجع عليه. ووضع كهذا له نتائج كارثية في العلاقة التي يفترض أن تكون بين المسؤولين، مركزيين كانوا أو جهويين.. حيث تصل العلاقات حد «حفر ليا نحفر ليك»، من قبيل عرقلة المبادرات الجيدة أو الدفاع عن المبادرات الفاسدة، فقط لأن العلاقة الشخصية بين مسؤول وآخر متوترة أو حميمية.. دون أن ننسى أيضا مشكلة الاستقطاب «العرقي» بين المسؤولين.

إذن، فإن كان من عنوان ينبغي للمرحلة الثانية أن تحمله، فهو تنقية البيت الداخلي وتجديد مكوناته وفق معايير جديدة انطلاقا من الأخطاء المتراكمة منذ سنوات في القطاع.

 

//////////////////////////////////////////////////////////////////

 

رقم:2600

قال محمد سعد برادة، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، إن تجربة مدارس الريادة نجحت، مضيفا، خلال استضافته في برنامج على القناة الثانية، أن تقييم مستوى تلاميذ هذه المدارس أظهر، السنة الماضية، نتائج عالية جدا وفق تقييم دولي لهذه التجربة. وأشار الوزير إلى أنه يتابع ميدانيا مشاريع إصلاح القطاع في الأكاديميات الجهوية للتعليم، حيث زار مدارس في جميع جهات المملكة ووقف على المشاكل المطروحة، مشددا على أن هدف ورش إصلاح التعليم هو تحقيق طموح صاحب الجلالة لأبناء المغاربة في تعليم ذي جودة. وأوضح برادة أن عدد مدارس الريادة انتقل من 600 عند مجيئه إلى الوزارة إلى 2600 مدرسة ريادة حاليا، تضم 40 ألف قسم ومليوناً و300 ألف تلميذ وتلميذة، في أفق تعميمها لتشمل 3 ملايين و400 ألف من التلاميذ والتلميذات، وكذا إحداث 500 ثانوية إعدادية للريادة العام المقبل. واعتبر الوزير أن مدارس الريادة جاءت لتحل مشاكل التَّعلمات الأساس للتلاميذ في اللغات والحساب، وهو ما تم تحقيقه بنسبة 80 بالمائة، لتمكنهم من مواكبة الدراسة في مراحل التعليم الثانوي والعالي.

 

/////////////////////////////////////////////////////////////

 

تقرير:

 

الوزارة مصممة على حماية مصداقية شهادة الباكلوريا

 

تعزيز العتاد الرقمي لمحاصرة الغشاشين وشبكات التسريبات

 

 

لا حديث في التربية الوطنية، هذه الأيام، إلا عن الامتحانات الموحدة لنيل شهادة الباكلوريا، المرتقب إجراؤها الأسبوع القادم عبر كل التراب الوطني.. هذه الشهادة التي تحظى بأولوية في الوزارة بسبب قيمتها وسمعتها وطنيا ودوليا، فإلى جانب تأمين الاختبارات من التسريبات، وضمان وصولها إلى كل مراكز الامتحانات في ظروف آمنة، تخوض الوزارة أيضا «حربا إلكترونية» لمحاصرة أنشطة شبكات واسعة تستغل شساعة العالم الافتراضي لتحقيق أرباح ضخمة، عبر تأمين الأجوبة للغشاشين.

 

مصداقية الشهادة على المحك

لضمان نجاح هذا الاستحقاق الوطني، اتخذت الأكاديميات جميع التدابير والترتيبات التنظيمية، بما في ذلك التطبيق الصارم لمقتضيات دفتر المساطر الخاص بالامتحانات، خاصة في الجانب المتعلق بتوفير الأجواء المناسبة لضمان احترام مبدأ تكافؤ الفرص وتحصين مصداقية شهادة البكالوريا.

وتشهد هذه الدورة عددًا من المستجدات، منها اعتماد الأطر المرجعية المكيفة الخاصة بالامتحانات الإشهادية، البالغ عددها 71 إطارًا مرجعيًا خاصًا بسلك البكالوريا، تم إعدادها بتناغم مع الوثيقة المرجعية الخاصة بتكييف البرامج الدراسية بجميع الأسلاك التعليمية، موضوع المذكرة الوزارية رقم 24-086 بتاريخ 25 يناير 2024، التي أعادت ترتيب الزمن المدرسي ومفردات البرامج الدراسية، كما كثفت حصص الدعم التربوي بمختلف أنواعه، سواء في المؤسسات التعليمية أو عبر آلية الدعم التربوي الرقمي عن بعد من خلال المنصة الوطنية «TelmidTICE » والتطبيق الجوال المرتبط بها.

وفي إطار مواصلة اعتماد التكنولوجيا الرقمية في إنتاج وتدبير شهادات البكالوريا وبيانات النقط، سيتم العمل بالترقيم السري المرقمن (Compostage Phigital)، ما سيؤمن عملية الترقيم بشكل أدق، ويقلل المدة الزمنية بين تجميع أوراق التحرير وترقيمها وتصحيحها. وستشهد شهادة البكالوريا، كذلك، تغييرًا يتمثل في تعويض مكان الازدياد برقم بطاقة التعريف الوطنية، بعد تدقيق المعطيات الشخصية وفق البطاقة الوطنية البيومترية، وهي مستجدات تساهم في ضمان تكافؤ الفرص وتحصين حقوق جميع المترشحات والمترشحين.

تجهيز حوالي ألفي مركز امتحان

أكدت مصادر من وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة أن المنظومة التربوية وفرت كل الظروف الملائمة لتيسير اجتياز اختبارات الدورة العادية للامتحان الوطني الموحد لنيل شهادة البكالوريا، برسم 2025، التي ستنطلق الأسبوع القادم بمختلف عمالات وأقاليم المملكة. وأوضحت المصادر ذاتها أن الوزارة حرصت على تعبئة مختلف المتدخلين واتخاذ جميع الإجراءات التنظيمية واللوجستية اللازمة لإجراء هذا الامتحان في أحسن الظروف، حيث تم توفير ألف و833 مركزا للامتحانات بمجموع قاعات بلغ 28 ألفا و549 على الصعيد الوطني. وأضافت المصادر أنه تمت تعبئة 49 ألف مكلف بالمراقبة لتعزيز تكافؤ الفرص، مشيرة إلى أن هذه الدورة عرفت مستجدات تتعلق أساسا بالدعم التربوي والنفسي والاستدراكي الذي سيحظى به المترشحون خلال هذه السنة.

وفي ما يتعلق بالمستجدات الرقمية، أشارت المصادر نفسها إلى أن ترميز أوراق الامتحان سيمكن من تجاوز الأغلاط والتقليص من حالات الغش، مبرزة أنه سيتم الإعلان عن النتائج في 21 يونيو القادم، منوهة بمجهودات كافة الأطر التربوية والادارية المعبأة من أجل تنظيم هذه الاستحقاقات في أحسن الظروف.

 

 

 

الميداوي أمام تحدي مراقبة صرف الجامعات لملايير التكوينات المستمرة

 

جامعات طنجة وسطات والقنيطرة أضحت مستغنية عن الميزانية العامة

 

ماتزال تداعيات المداخلة التي قام بها وزير قطاع التعليم العالي أمام لجنة التعليم بالبرلمان في تفاعل مستمر، خصوصا بسبب صراحتها الصادمة لاحتوائها معطيات لطالما اعتبرت خطوطا حمراء عند مدبري الجامعات. من هذه المعطيات استغناء بعض الجامعات عن الميزانية التي تأتيها من الحكومة سنويا، واكتفاؤها بعائدات التكوينات المستمرة، وهي كما نعلم بملايير الدراهم، لتظهر مفارقة صارخة. ففي الوقت الذي تعيش فيه الجامعات العمومية تخبطا كرسته الاختيارات السياسية للحكومات المتعاقبة، تعرف هذه الجامعات طفرة نوعية في التكوينات المستمرة، سيما الجامعات التي تقع في مدن تحتضن مناطق صناعية، من قبيل طنجة والدار البيضاء والقنيطرة وسطات، حيث سجلت في السنوات الخمس الأخيرة رقم معاملات ضخما للغاية، مكَّن بعضها من الاستغناء عن المال العام في العديد من مشاريع البنية التحتية. المرونة، التي تتسم بها عملية صرف الميزانية القادمة من هذه التكوينات، جعلت جامعة سطات، مثلا، تحقق الاستقلالية المالية التامة عن الميزانية التي تحصل عليها من المالية العمومية.

 

تحدي الشفافية في صرف العائدات

ففي الوقت الذي يعترف فيه الجميع بوجود أزمة مركبة تعيشها الجامعات العمومية (الهدر الجامعي، ضعف البحث العلمي، عدم مناسبة التكوينات لحاجيات سوق الشغل، الحكامة…)، نجد، بالمقابل، أن هذه الجامعات تعرف انتعاشة غير مسبوقة بسبب دخولها سوق التكوينات المستمرة لتنافس مؤسسات التعليم العالي الخاصة، حيث تمكنت جامعات الدار البيضاء وسطات والقنيطرة وطنجة من تسجيل رقم معاملات يقدر بالملايير، ناتجة عن شراكاتها مع شركات خاصة تطلب تكوينات معينة في تخصصات تقنية وعلمية فائقة الدقة، لفائدة مستخدميها، تستجيب للطفرات الهائلة التي يعيشها عالم الذكاء الاصطناعي.

بدأت موجة انفتاح الجامعات العمومية على عالم المقاولات والشركات قبل عشر سنوات، ونظرا لبعض مظاهر الفساد التي شابت مسألة الإشهاد، أي الشهادات التي يتم منحها للمستفيدين من التكوينات المستمرة، تدخل الوزير السابق لحسن الداودي ومنع تسمية هذه الشهادات بالتسميات المعتادة (إجازة–ماستر–دكتوراه)، وألح، بالمقابل، على أن تتضمن هذه الشهادات بشكل صريح إشارة تفيد بأنها شهادات للتكوين المستمر. مظاهر الفساد هذه سيقف عندها تقرير سيصدر لاحقا عن المجلس الأعلى للحسابات.

تهافت الجامعات على التكوينات المستمرة مرده، حسب خبراء متمرسين، إلى أن عملية صرف الميزانية التي تخصصها الوزارة للجامعات تعرف تقييدا يعرف بـ«نظام الأسطر»، حيث يمنع على رؤساء الجامعات تحويل الميزانية المخصصة للمعدات، مثلا، إلى الميزانية المخصصة للحراسة أو الصيانة، بينما عملية صرف الأموال المتأتية من التكوينات المستمرة تعرف مرونة كبيرة، إذ يخصص لها حساب بنكي مستقل ويتم صرفها دون اعتماد نظام الأشطر..، حيث يكفي أن يقر مجلس الجامعة تبني مشروع معين ليتم تخصيص ميزانية خاصة به دون مشكلة.

هذه المرونة مكنت بعض الجامعات من خلق فضاءات جامعية غير مسبوقة غيرت بشكل ملحوظ بنية المؤسسات الجامعية المنضوية تحت لواء هذه الجامعات، كما هو الشأن، مثلا، في جامعتي سطات والقنيطرة، هذه الأخيرة التي أضحت تعد نموذجا للمدينة الجامعية المتكاملة، بفضل الفضاءات الذكية التي تم خلقها (محطة لتصفية المياه، تعميم الطاقة النظيفة، ملاعب جامعية بمواصفات أولمبية دولية، مسرح جامعي، فضاءات للطلبة..)، وكل هذا بفضل عشرات الشراكات التي تم عقدها مع خواص، شركات ومقاولات تنشط في سلاسل إنتاجية متعددة في المنطقة الصناعية الكبيرة التي جرى استحداثها في السنوات الأخيرة.

 

مواكبة مناخ الاستثمار.. لكن

مناخ الاستثمار الذي يحرص المغرب، وعلى أعلى مستوى، على توفير شروطه، جعل بلادنا وجهة مفضلة للعديد من الشركات والمقاولات الأجنبية الكبرى، وفق بيانات حكومية، ويعود ذلك إلى تحسن متواصل لمناخ الأعمال إلى جانب الاستقرار السياسي والأمني الذي تعيشه المملكة، حسب آراء خبراء في الاقتصاد.

لكن، من جهة أخرى، لا تتوقف طلبات المقاولات والشركات الأجنبية عند الشروط القانونية لتشجيع الاستثمار، بل تصل حاجياتها أيضا إلى توفير يد عاملة مؤهلة تأهيلا علميا ومهنيا عاليا، وفي هذا يعيش النظام الجامعي المجاني أزمة حقيقية، ما دفع متخذي القرار في قطاع التعليم العالي إلى تبني ما يعرف بنظام «الباشلر»، قبل التراجع عنه في ما بعد، والشروع في وضع نظام جديد يعتمد اللغة الإنجليزية لغة إجبارية.

فالذي يحصل، مثلا، أن شركة سيارات فرنسية معروفة، كانت ترسل مستخدميها وتقنييها إلى رومانيا قبل سنوات قصد الاستفادة من التكوين في مجالات تقنية تهم سلسلة إنتاج بعض سياراتها، وهذا يكلفها كثيرا، غير أنها استقرت في السنتين الأخيرتين على تكوين هؤلاء في جامعة مغربية مقابل مبالغ مالية ضخمة..، حيث يتم الاتفاق بين مسؤولي الشركة ورؤساء بعض الجامعات على التكوين في تقنية رقمية أو ميكانيكية جديدة، مقابل مبالغ يدفع جزء منها المستخدمون أنفسهم، وخاصة الراغبين في تحسين وضعهم المهني داخل هذه الشركة، وجزء منها تتكفل به الشركة. وهو الأمر الذي وصفه مسؤول جامعي بـ«شراكة رابح رابح».

فرغم رفع الحكومات المتعاقبة منذ أكثر من عقد لشعار «مواءمة الجامعات مع حاجيات سوق الشغل»، نجد الجامعات المغربية، حسب مراقبين، عاجزة عن تحقيق هذا الهدف في نظامها البيداغوجي الرسمي (إجازة–ماستر–دكتوراه)، إلا أنها استطاعت في السنوات الأخيرة أن تخلق تكوينات مستمرة مؤدى عنها، تحقق هذه الغاية لكونها تتوفر على الموارد البشرية الكفيلة بضمان جودة التكوينات في هذه المجالات التقنية والعلمية المطلوبة من طرف الشركات، وأيضا بفضل توفر هذه الجامعات على الفضاءات المناسبة لاحتضان هذه التكوينات، ووصل الأمر حد أن مركبات التكوين المستمر في العديد من الجامعات تكون ممتلئة عن آخرها في أيام الجمعة والسبت والأحد، لكون الفئات المستهدفة مكونة من مستخدمي وتقنيي الشركات، في إطار ما يعرف بـ«تكوينات بزمن مُكيَّف» (les formation a temps aménagé).

يذكر أن الوزير السابق لحسن الداودي كان أول وزير يتحدث رسميا عن الموضوع، وأصدر قرارا ينظم العلاقة بين التكوينات الجامعية التقليدية، أي المجانية، والتكوينات المستمرة المؤدى عنها، لتبقى المشكلة هي عدم مواكبة الترسانة القانونية المنظمة لوظيفة الجامعات لهذا المستجد، حيث لم يتعد منشور وزاري صادر في هذا الشأن عتبة «مذكرة وزارية» صادرة في عهد حكومة عبد الإله بنكيران الأولى، والتي دعت رؤساء الجامعات إلى التمييز بين تسمية الشهادات المسلمة من طرف الجامعات في إطار التكوين المستمر «diplômes d’université»، وبين تسمية الدبلومات الوطنية «إجازة، ماستر، دكتوراه».

 

/////////////////////////////////////////////////////////////////

 

متفرقات:

 

«مقاولات المغرب» غير راضية عن خدمات التكوين المهني

جدد شكيب لعلج، رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، دعوته إلى إحداث إصلاح شامل في التكوين المهني، وهي المؤسسة التي تترأسها لبنى اطريشا. فخلال لقاء نظمه الاتحاد العام لمقاولات المغرب بحضور وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات، يونس السكوري، ومشاركة أكثر من 200 مدير شركة، طرح العلج إشكالية عدم مواكبة التكوين المهني لسوق الشغل بالمغرب.

وخلال هذا اللقاء تم التطرق إلى عدة تحديات تواجه المقاولات المغربية خاصة الصغرى والمتوسطة، بينها صعوبة الحصول على التمويل والتكوين المهني الذي لا يلبي احتياجات الشركات وفق رئيس الباطرونا، بالإضافة الى ضرورة تبسيط الإجراءات الإدارية. ودعا لعلج، في وقت سابق، إلى الإسراع في إصلاح شامل للتكوين المهني بالمغرب، معتبرا أنه عائق مهم أمام تطور الاقتصاد الوطني ويحتاج إلى إصلاح شامل في أسرع وقت.

 

 

رئيس الحكومة في البرلمان لمناقشة قطاع التعليم

كما كان متوقعا، احتضن البرلمان جلسة مساءلة جمعت رئيس الحكومة بنواب الأمة. هذه الجلسة، التي تعقد طبقا لأحكام الفقرة الثالثة من الفصل 100 من الدستور ومقتضيات النظام الداخلي، انطلقت على الساعة الثالثة بعد الزوال، وتناولت موضوع «إصلاح وتطوير المنظومة التعليمية»، وهو موضوع لا يقع ضمن تصور شامل لتنزيل النموذج التنموي الذي تعتمد عليه الحكومة الحالية كقاعدة لكل السياسات العمومية التي اعتمدتها. لذلك تطرق رئيس الحكومة للمجهودات المالية الكبرى التي قامت به الحكومة، والمتمثلة في الرفع المتواتر لميزانية القطاع، بدليل اعتماد ميزانية قياسية لهذا القطاع في قانون المالية الحالي، ثم توفير سيولة مالية قياسية أيضا لحل مشكلات اجتماعية بنوية تراكمت طيلة سنوات، وهي سيولة جاءت لانتزاع فتيل الاحتقانات التي عرفها القطاع في السنوات الأخيرة، ثم تمكين فئات تعليمية، تربوية وإدارية من تعويضات مهمة، اعترافا من الحكومة بما يبذله المنتمون لهذه الفئات من تضحيات، وفي الوقت نفسه تحفيزا لأغلب الفئات على الانخراط في مشاريع المؤسسة، والتي تراهن عليها الحكومة لإيصال الإصلاح إلى الفصول الدراسية، دون أن ننسى هنا أيضا الشق التربوي المتمثل في مؤسسات الريادة، التي يجري الآن تعميمها على مؤسسات التعليم الإعدادي.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى