
حاورته: نعيمة لحروري
1 – باعتباركم كنتم ضمن حكومة عبد الرحمان اليوسفي رحمه الله، وكنتم مكلفين ببرنامج محاربة الجفاف وإعادة تأهيل القطيع، كيف تقيّمون اليوم برنامج إعادة تأهيل القطيع الوطني؟
أود أولًا أن أنوه بهذا البرنامج الحكومي المهم، الذي جاء تنفيذا لتعليمات جلالة الملك محمد السادس نصره الله، والذي يواصل من خلاله اهتمامه بالعالم القروي ومربي الماشية، على خطى والده المغفور له الملك الحسن الثاني، الذي أطلق برامج مماثلة في أعوام 1981، 1983، 1996 و1999.
ورغم أهمية البرنامج وأهدافه النبيلة، إلا أنه يعاني من نواقص قد تهدد تحقيق نتائجه المرجوة إن لم تُعالج.
أبرز هذه النواقص أن الدعم مبرمج لسنة 2026، بينما مربو الماشية الصغار يفتقرون إلى السيولة، ما قد يدفعهم إلى بيع إناث الأغنام لمربين كبار أو وسطاء (شناقة)، وبالتالي لن يصل الدعم إلى مستحقيه. ولهذا أرى أنه من الضروري إطلاق الدعم فورا، ولستة أشهر على الأقل قبل نهاية السنة الجارية.
2 – ما أبرز الإشكالات التقنية والاقتصادية التي رصدتموها في البرنامج؟
من بين الإشكالات أن البرنامج يستثني من الدعم إناث الأغنام التي لم تبلغ 12 شهرا، ما سيدفع الكثيرين إلى ذبحها سرا بين 8 و11 شهرا، وهو ما يُهدد استدامة القطيع الوطني، إذ لن نجد في السنة التالية إناثا بالغة سنتين تصلح للتربية.
إضافة إلى ذلك يجب ألا يقتصر البرنامج على تقديم الدعم فقط، بل يجب أن يكون أداة لتحريك الاقتصاد القروي. من ذلك، مثلا، بيع الشعير المدعم في الأسواق المحلية، مع مراقبة صارمة، وهو ما سيسهم في إنعاش حركة النقل، والتجارة، والمقاهي، وبائعي الخضر واليد العاملة. نحن بحاجة إلى برنامج يعيد الحيوية إلى الاقتصاد القروي بشكل شامل.
3 – وماذا عن الموارد الطبيعية، مثل الأراضي والمياه؟ وهل لديكم مقترحات أخرى؟
الخطر الأكبر اليوم يتمثل في كراء الأراضي الرعوية للمشاريع الفلاحية المكثفة، خصوصا في المناطق الجبلية والهضاب. ففي الأطلس المتوسط، مثلا في مراعي تاسماكت بدائرة أزرو (إقليم إفران)، تم منح مساحات شاسعة لمستثمرين لزراعة الورديات، مع حفر عشرات الآبار في أراض رعوية، ما أدى إلى طرد مربي الماشية واستنزاف الموارد المائية.
وفي ملوية العليا، كمراعي آيت حمو أوحقي وآيت بوعلي بجماعة أغبالو (إقليم ميدلت)، تسبب كراء هذه المراعي لكبار المستثمرين في انسحاب عدد كبير من مربي الماشية الصغار، بسبب فقدانهم للماء والمرعى. وأي دعم في ظل هذا الوضع البيئي الهش لن يحقق نتائج.
من هنا من الضروري أن تتوقف وزارة الداخلية عن كراء الأراضي الرعوية، وأن تتوقف وزارة التجهيز والماء عن منح رخص حفر الآبار في هذه المناطق لفائدة الفلاحة المكثفة، حفاظا على التوازن البيئي والاجتماعي.
أرى من الضروري، كذلك، التفكير في تمكين أبناء مربي الماشية من قروض تفضيلية بدون فوائد، تمتد على عشرين إلى خمس وعشرين سنة، مع تأجيل سدادها لخمس سنوات، لتشجيعهم على البقاء والاستثمار في هذا القطاع بثقة.
ويمكن تخصيص مليار درهم فقط من برنامج التشغيل الذي تبلغ ميزانيته 15 مليار درهم، لفائدة هؤلاء الشباب، وهو ما يُعتبر خطوة نوعية نحو النهوض بالتشغيل في العالم القروي.





