
محمد اليوبي
بعدما فجرت «الأخبار» فضيحة «البيع والشراء» في عقود البرنامج الحكومي «أوراش»، وبناء على الأبحاث والتحريات التي أمر بها وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالقنيطرة، تمكنت الشرطة القضائية بولاية أمن القنيطرة من إيقاف رئيس جمعية يشتغل لصالح منتخبين بالمجلس الإقليمي، وأمرت النيابة العامة بوضعه تحت الحراسة النظرية.
وأفادت مصادر مطلعة بأن رئيس الجمعية «م. ب» كان موضوع شكاية توصلت بها النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية، من طرف ضحايا تعرضوا لعملية نصب واحتيال في مبالغ مالية من طرف «سماسرة» يشتغلون لصالح عضو نافذ بالمجلس الإقليمي، مقابل الحصول على عقود عمل مؤقتة في إطار برنامج «أوراش»، وأعطى وكيل الملك تعليماته للشرطة القضائية بولاية أمن القنيطرة من أجل إجراء الأبحاث والتحريات بخصوص هذه الشكايات، حيث استمعت الشرطة إلى بعض الضحايا يوم الجمعة 8 يوليوز الجاري، الذين اتهموا رئيس الجمعية باستخلاص مبالغ من الراغبين في الحصول على عقود عمل مؤقتة، وتتراوح هذه المبالغ ما بين 3 آلاف و5 آلاف درهم لكل شخص، وأكدت الشكاية أن الضحايا سلموا المبالغ إلى رئيس الجمعية بعدما مكنهم من عقود عمل لمدة سنتين بأجور شهرية تصل إلى 2700 درهم، قبل أن يكتشفوا أنهم ذهبوا ضحية عملية نصب واحتيال.
وبعد إيقاف رئيس الجمعية، اعترف أمام الشرطة القضائية بأنه تلقى مبالغ مالية من الضحايا، مقابل حصولهم على عقود عمل في إطار البرنامج الحكومي «أوراش»، الذي تم إسناد تنزيله إلى المجالس الإقليمية، حيث حوله منتخبون وجمعويون مقربون منهم إلى «بقرة حلوب» لابتزاز العاطلين الراغبين في مناصب شغل مؤقتة برواتب لا تتعدى 2700 درهم شهريا، رغم أن بعض هؤلاء المنتخبين أصبحوا من الأغنياء بعدما كانوا لا يملكون «عشا ليلة»، مثل منتخب بارز بالمجلس الإقليمي للقنيطرة الذي أصبح يملك الضيعات والعقارات وملايين الدراهم مكدسة داخل الصناديق الفولاذية، علما أنه كان يشتغل «كورتي» بمحطة الطاكسيات قبل سنوات قليلة، ما يستدعي فتح تحقيق من «أين له هذا؟».
ودخلت جمعيات حقوقية على الخط، حيث عبر المكتب الإقليمي للعصبة المغربية لحقوق الإنسان بالقنيطرة عن استنكاره بشدة لما أسماه «العمل المشين واللاإنساني الذي حول هذه المبادرة الوطنية إلى وسيلة للاغتناء وابتزاز الشباب، عبر سماسرة لصالح بعض النافذين»، واستغربت العصبة لهذا السلوك الذي يتاجر في معاناة الناس وحاجاتهم، وعبرت كذلك عن إدانتها وبشدة للنصب والاحتيال، الذي قام به بعض المنتخبين بالمجلس الإقليمي على كثير من الشباب بمقابل مادي، مقابل إدماجهم في الوظيفة العمومية.
وأدانت العصبة استغلال النفوذ وإقصاء جمعيات مدنية جادة من الانخراط والمشاركة في هذا الورش، وجددت التأكيد على الحق الطبيعي للشباب في الانخراط في هذا الورش دون قيد أو مساومة، ودعت السلطات المختصة إلى الضرب بيد من حديد على كل المتلاعبين في هذا الملف، وإنصاف الضحايا واعتماد مقاربة تشاركية تعتمد تكافؤ الفرص.
وكانت عمالة إقليم القنيطرة قد اهتزت على وقع فضيحة من العيار الثقيل، بعد تسريب تسجيلات صوتية تفضح وجود تلاعبات و«البيع والشراء» في عقود برنامج «أوراش»، الذي خصصته الحكومة لتوفير مناصب شغل مؤقتة للعاطلين عن العمل، والأشخاص الذين فقدوا مصدر رزقهم، بسبب تداعيات جائحة «كورونا».
واطلعت «الأخبار» على مجموعة من التسجيلات الصوتية، بطلها رئيس جمعية يتحدث باسم عضو نافذ بالمجلس الإقليمي، ويطلب من الراغبين في تقديم ملفاتهم أداء مبالغ مالية سماها «مصاريف الملف»، مقابل دراسة هذه الملفات من طرف اللجنة الإقليمية التي تسهر على تنفيذ برنامج «أوراش» بإقليم القنيطرة، كما وعدهم بالإدماج المباشر في الوظيفة العمومية للعمل بالمقاطعات ودور الشباب، علما أن برنامج «أوراش» لا يتضمن الإدماج المباشر للمستفيدين من عقود العمل.
وكشفت المصادر أن انتقاء ملفات الجمعيات المستفيدة من برنامج «أوراش» شابته الكثير من الاختلالات والتلاعبات، حيث تم إقصاء جمعيات مدنية جادة، في حين تم توزيع «الكعكة» بين المنتخبين بالمجالس الجماعية والمجلس الإقليمي، والخطير في الأمر أن جمعيات يترأسها منتخبون أو هم أعضاء فيها استفادت من البرنامج، وتم توزيع عقود العمل على المقربين من هؤلاء المنتخبين، في حين يقوم منتخبون بالمجلس الإقليمي بتحريض الجمعيات على السلطة المحلية، بدعوى أن عامل الإقليم هو الذي يحسم في ملفات الجمعيات المستفيدة، بعد إجراء السلطة لأبحاث عن أعضاء هذه الجمعيات.





