
يتخبط قطاع الصحة بإقليم برشيد في عدة مشاكل على مستوى قلة الموارد البشرية وافتقار المستشفى الإقليمي لأطباء أخصائيين، بداية بقسم الولادة، الذي يعاني من غياب الأطباء المتخصصين في التوليد بشكل كاف، ما يجعل القسم يعمل بالمداومة، حيث يعمل حاليا، وبشكل ترقيعي، بالاعتماد على طبيبة واحدة تم تعيينها قبل أسبوع وممرضات في هذا التخصص (les sages-femmes)، وهو حل يبقى محفوفا بالمخاطر في حال وجود وضعية نزيف أو ولادة بعد الزوال. وتضطر إدارة المستشفى إلى توجيه غالبية الحالات نحو المدن المجاورة (سطات، الدار البيضاء)، الأمر الذي يؤزم الوضع بالمستشفى، الذي يعرف نقصا في جميع الاختصاصات الطبية، وعلى رأسها طبيب التخدير، إذ يعتمد المستشفى على طبيبة واحدة، ما يهدد الوضع الصحي بالسكتة القلبية.
هذا الوضع أكده وزير الصحة السابق سنة 2023 من خلال جواب عن سؤال كتابي بالبرلمان، إذ أوضح أن مصلحة أمراض النساء والتوليد بالمستشفى الإقليمي تتوفر على 13 سريرا إلا أنها تفتقر لأطباء متخصصين في التوليد بعد مغادرة عدد من الأطباء لهذه المصلحة. وأكد المسؤول ذاته أن المستشفى الإقليمي يعرف مشكلا حقيقيا مع غياب الموارد البشرية، الشيء الذي يؤثر على الخدمات المقدمة به، خصوصا بمصلحة النساء والتوليد، بالرغم من المجهودات المبذولة من الطاقم الطبي العامل بالمستشفى. وأشار المتحدث إلى أن الوزارة تعمل على تعيين أخصائيين في أمراض النساء والتوليد في إطار التعيينات المرتقبة، مؤكدا أن حالات الولادة المستعصية يتم توجيهها إلى المستشفى الجامعي بالدار البيضاء.
هذا الوضع المقلق، الذي يعيشه المستشفى الإقليمي ببرشيد، جعل فعاليات حقوقية تتساءل عن مآل مشروع مركز التشخيص متعدد الاختصاصات (مصحة النهار) الذي كانت الأشغال به انطلقت منذ سنوات، لتتوقف فجأة بسبب غياب السيولة المالية، ما طرح مجموعة من علامات استفهام عن غياب دراسة دقيقة قبل بداية المشروع وتوفير الغلاف المالي، في وقت تم استغلال ملفه كورقة سياسية وانتخابية من طرف بعض الجهات، التي أغرقت المدينة في مشاريع تحولت اليوم، وبقدرة قادر، إلى أطلال تشوه الصورة المعمارية لبرشيد.
ويعد مشروع بناء مركز التشخيص متعدد الاختصاصات (مصحة النهار) من المشاريع التي كانت ستساهم في الرفع من الطاقة الاستيعابية للمستشفى الإقليمي، وهو المشروع الذي كان موضوع اتفاقية شراكة بين مجلس جهة الشاوية ورديغة سابقا والمجلس الإقليمي لبرشيد صاحب المشروع، وجماعة برشيد والمندوبية الإقليمية للصحة، بالإضافة إلى مساهمة إحدى الشركات الخاصة في بناء مركز التشخيص متعدد التخصصات. وهي الاتفاقية التي تأتي بعد مصادقة المجلس الجهوي لجهة الشاوية ورديغة سابقا على تخصيص 700 مليون سنتيم، بالإضافة إلى أن المجلس الإقليمي هو الآخر صادق على تخصيص مبلغ 290 مليونا لدعم قطاع الصحة بالإقليم و500 مليون سنتيم من أحد المحسنين، فيما ساهمت وزارة الصحة بالموارد البشرية، بحسب الاتفاقية، لتنطلق عملية البناء، لكن، بعد مرور أيام قليلة من عملية البناء وحفر الأساس، توقفت الأشغال بعد مطالبة المقاول للمجلس الإقليمي السابق، بصفته حامل المشروع، بالمستحقات المالية، ليتبين حينها أن المشروع ككل يفتقر للسيولة المالية، خاصة بعد العجز الذي تعرفه ميزانية المجلسين الإقليمي والجماعي بصفتهما من المساهمين في المشروع، قبل أن تتم برمجة نقطة تخص المشروع بدورات المجلسين.





