
النعمان اليعلاوي
على بعد أيام قليلة من عيد الأضحى، تشهد أسعار اللحوم الحمراء في الأسواق المغربية ارتفاعًا صاروخيًا غير مسبوق، ما زاد من تأزيم وضع الأسر المتوسطة والفقيرة، التي وجدت نفسها أمام واقع اقتصادي ضاغط واختيارات صعبة. ويأتي هذا الارتفاع في ظرفية خاصة طبعتها توجيهات ملكية سامية بعدم أداء شعيرة النحر لهذه السنة، حفاظًا على القطيع الوطني الذي تضرر بشدة نتيجة توالي سنوات الجفاف وارتفاع كلفة الإنتاج.
وفي السياق ذاته، بلغ سعر الكيلوغرام الواحد من لحم الغنم ما بين 110 و130 درهمًا، فيما قفز ثمن الأحشاء إلى ما يزيد عن 80 درهمًا للكيلوغرام، في حين لجأ عدد كبير من الأسر إلى اقتناء كميات قليلة من اللحوم وتخزينها في المجمدات المنزلية تحضيرًا ليوم العيد، في محاولة للاحتفاظ بجو رمزي للعيد رغم غياب الأضحية.
ويعزو المهنيون أسباب هذا الغلاء إلى عوامل متراكمة، من أبرزها ارتفاع أسعار الأعلاف في السوق العالمية، وتقلص العرض المحلي بسبب الجفاف، إضافة إلى التكاليف المتزايدة لتربية الماشية، فيما يشير بعض المتتبعين إلى غياب آليات حقيقية لضبط السوق ومحاربة المضاربات التي تؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل غير مبرر.
وكان الملك محمد السادس وجّه إلى عدم أداء شعيرة الأضحية لهذه السنة، في قرار استثنائي هدفه حماية القطيع الوطني وضمان استدامة الثروة الحيوانية، وهو التوجيه الذي لقي تفهمًا واسعًا من طرف المواطنين والفاعلين الاقتصاديين، بالنظر إلى السياق الزراعي الحرج الذي تمر به البلاد، ويعتبر هذا القرار تعبيرًا عن حرص المؤسسة الملكية على مصلحة المواطنين والفلاحين على حد سواء، في وقت تزداد التحديات المرتبطة بالأمن الغذائي والعدالة الاجتماعية.
ولا تزال التوقعات مفتوحة بشأن استقرار الأسعار، حيث يعتمد ذلك على استمرار توافر الأبقار المستوردة، ومدى استجابة الفلاحين والمربين لتخفيض أسعار الماشية. ناهيك عن أن الإجراءات الحكومية والرقابة على الأسعار ستلعب دوراً مهماً في الحفاظ على هذا التراجع وضمان عدم عودتها إلى الارتفاع من جديد.





