
على الرغم من تحرك وزارة الداخلية لتنبيه المجالس الجماعية مرات متعددة إلى تخفيض أرقام الباقي استخلاصه، وتحصيل الملايير من المستحقات والضرائب، فضلا عن هيكلة ملف الأملاك الجماعية، ومراجعة الأرشيف وتصفيته، إلا أن الملفات ما زالت تراوح مكانها، في غياب الإرادة الحقيقية لمعالجتها من قبل رؤساء الجماعات الترابية والأحزاب التي يمثلونها.
إن الاستغلال الانتخابوي لملايير الباقي استخلاصه من قبل المجالس المتعاقبة على تسيير الشأن العام المحلي، ساهم في تراكم الملفات وتضخم الأرقام، وذلك في ظل غياب تفعيل المحاسبة، واللامبالاة التي تتعامل بها الأغلبيات المسيرة مع جمع المستحقات والضرائب الضرورية، لتمويل إقامة مشاريع تنموية، وسداد الديون، والوفاء بالالتزامات والوعود الانتخابية.
وعندما نقول الباقي استخلاصه، فإن الأمر يعني ملفات لا تحتاج سوى إلى الاستخلاص بشكل عادي، وفيها تهاون كبير من قبل المجالس المعنية وتعثر التنسيق مع المؤسسات الأخرى المعنية، في حين هناك ملفات من الدرجة الثانية تتطلب سلك الإجراءات القضائية ضد المعنيين، وملفات الدرجة الثالثة التي تعتبر معقدة ويمكن الاجتهاد في تصفيتها بالقانون، كي لا تبقى أرقامها المتوارثة بين المجالس تشكل عبئا ثقيلا على الميزانية.
وطبعا فإن الحديث حول أرقام الباقي استخلاصه، يجرنا مباشرة إلى مسألة الإعفاءات الضريبية والتقادم، وضرورة تدقيق مصالح وزارة الداخلية في كافة الإعفاءات الضريبية الخاصة بالأراضي غير المبنية، والوثائق الإدارية التي يتم تقديمها مع كل ملف يتضمن طلب الإعفاء، فضلا عن الدعاوى القضائية المرفوعة ضد الجماعات الترابية في الموضوع، والجودة في الدفاع عن الصالح العام.
ورغم الوعود الانتخابية المعسولة بتسوية ملفات الباقي استخلاصه بالجماعات الترابية، إلا أن جل المجالس ما زالت تستمر في التخبط في مشاكل مستعصية لتحصيل المستحقات والضرائب، وجزء من هذه المشاكل مصطنع من جهات تستغل الملف انتخابويا، ولا تريد التسوية النهائية للملفات، لأن ذلك يتعارض مع أجنداتها الضيقة.
وتسبب الفشل في تحصيل الضرائب والمستحقات في غرق المجالس الجماعية المعنية في الديون، منها ديون التدبير المفوض وتعويضات نزع الملكية والتعويض عن الاعتداء المادي، فضلا عن العجز عن مواكبة التوسع العمراني، وظهور احتجاجات على غياب توسيع شبكات الكهرباء والماء والتطهير السائل داخل المدار الحضري، وغياب الجودة في الخدمات العمومية.
إن فشل المجالس الجماعية في تنويع المداخيل التي يمكنها خلق توازن الميزانية، يدفعها دوما إلى الاستنجاد بقطاعات وزارية لتنفيذ مشاريع تنموية تعتبر من صميم مهام رؤساء الجماعات الترابية، لذلك فقد حان الوقت لتفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة، بشأن ملايير الباقي استخلاصه وتصفية الملفات المتراكمة، والصرامة في وضع استراتيجية لا تسمح بعودة المشكل نفسه بعد حله بشكل نهائي، كما يجب على كل رئيس جماعة الأخذ بعين الاعتبار أن القانون التنظيمي للجماعات الترابية 14. 113 وجد للعمل به وتحمل المسؤولية وليس للاستئناس فقط، والعبرة بالنتائج المسجلة على مستوى التنمية، وليس الفوز بالمنصب، واستغلال سلطة التوقيع في تحسين الظروف الخاصة والعائلية.





