
النعمان اليعلاوي
يعيش مستشفى مولاي عبد الله بسلا وضعية مزرية أثارت موجة من الشكاوى في صفوف المرضى والمرتفقين، الذين يصفون المؤسسة الصحية بأنها تعكس «صورة قاتمة» عن واقع الخدمات العمومية في قطاع الصحة. فالمستشفى، الذي كان يُفترض أن يشكل متنفساً لساكنة المدينة ويخفف الضغط عن مستشفيات الرباط، أضحى عنواناً للاكتظاظ والإهمال وغياب التجهيزات.
وتؤكد شهادات مواطنين أن أقسام المستشفى تعاني من اختلالات بنيوية، بدءاً من غياب النظافة في العديد من المرافق الحيوية، مروراً بتوقف بعض الأجهزة الطبية بسبب الأعطاب التقنية، وصولاً إلى النقص الحاد في الموارد البشرية الطبية وشبه الطبية. هذا الوضع يجعل المرضى ينتظرون لساعات طويلة قبل الحصول على موعد للفحص أو العلاج، فيما يضطر البعض إلى التنقل نحو مستشفيات العاصمة أو اللجوء للقطاع الخاص بتكاليف تثقل كاهل الأسر محدودة الدخل.
وفي جولة ميدانية لوحظ أن قاعات الاستقبال تفتقر لشروط الراحة الأساسية، بينما تئن مصالح المستعجلات تحت ضغط يومي يفوق الطاقة الاستيعابية المتاحة، فيما يسجل غياب عدد من التخصصات الطبية الضرورية، مثل طب العيون وجراحة القلب، الأمر الذي يعقد حالات مرضية حرجة ويؤخر التدخلات العلاجية.
في هذا السياق أشارت مصادر محلية إلى أن استمرار هذا الوضع يهدد بفقدان الثقة في المرفق الصحي العمومي، ويمس بشكل مباشر بحق الساكنة في الاستفادة من خدمات صحية لائقة. وشددت المصادر على أن مستشفى مولاي عبد الله يستقبل ساكنة تتجاوز المليون نسمة، وهو رقم يفوق بكثير قدراته البشرية واللوجستية الحالية. وفي مقابل هذه الانتقادات، يعزو بعض المسؤولين الوضع القائم إلى الضغط الهائل على المستشفى، في ظل النمو الديمغرافي المتسارع بسلا، مبرزين أن الموارد المالية والبشرية المخصصة لا تواكب حجم الطلب على الخدمات، ويؤكدون أن الوزارة الوصية وضعت المستشفى ضمن أولويات برنامجها لتأهيل البنيات التحتية الصحية، مع وعود بإصلاح التجهيزات وتزويد المؤسسة بأطر إضافية في المرحلة المقبلة.
غير أن هذه الوعود لم تقنع بعد الساكنة، التي ترى أن التدخلات الترقيعية لم تعد كافية، وأن المطلوب هو مخطط استعجالي يضمن إعادة الاعتبار للمستشفى في أقرب وقت. فإلى جانب تحسين ظروف الاستقبال وتوفير الأدوية والتجهيزات، يطالب المواطنون بتعزيز الكفاءات الطبية، وتفعيل المراقبة الإدارية بشكل صارم لضمان احترام المعايير، ووضع حد لأي تهاون أو إهمال، مجمعين على أن إنقاذ مستشفى مولاي عبد الله يحتاج إلى مقاربة شمولية تعالج أعطاب التسيير وتعزز التمويل العمومي الموجه للقطاع الصحي، بما يضمن للمؤسسة استعادة دورها كمرفق حيوي قادر على خدمة ساكنة سلا في ظروف إنسانية تليق بحقهم الدستوري في الصحة.





