التازي: صحيفة «الأهرام» فتحت صفحاتها للملك الحسن الثاني في عز الأزمة العربية سنة 1965

يونس جنوحي
من المثير أن الدبلوماسي الراحل محمد التازي لم يتنكر لصداقته مع الصحافي المصري محمد حسنين هيكل، خصوصا بعد أن تفجرت تصريحاته عن لقاءاته مع الملك الحسن الثاني بعد سنة 1999.. أي أن هيكل لم يبدأ في الكتابة عن أغلب هذه اللقاءات إلا بعد وفاة الملك. في حين هناك كتابات أخرى نشرها هيكل في حياة الملك الراحل عندما كان محمد التازي سفيرا، وتعامل معها التازي في حينها كما يحكي في أوراقه الشخصية.
يقول هيكل، في إحدى مقالاته، إنه التقى الحسن الثاني لثالث مرة وهو لا يزال وليا للعهد، بداية سنة 1961، عندما انعقد في المغرب مؤتمر لـ«رؤساء بعض الدول الإفريقية» برعاية من الملك الراحل محمد الخامس. بينما كان أول لقاء لهيكل مع الملك الحسن الثاني بعد جلوسه على العرش، سنة 1964. وذكر محمد التازي ما جاء على لسان هيكل، ثم عقّب عليه.. بطريقته. وهذا ما سجله التازي في أوراقه الشخصية:
«يقول هيكل: وبعد ما أصبح «الحسن» ملكا على المغرب، تجدد لقاؤنا في القاهرة التي جاءها في زيارة رسمية في بداية سنة 1964، وكان ذلك لقاء غير عادي- والكلام لهيكل – لأن الملك بادرني بعد دقائق لم يبرد فيها بعد فنجان قهوة بقوله:
-عرفت أنك قابلت بن بركة، وسمعت أنك قابلته مرارا وأنه أصبح صديقك. لا اعتراض لي على صداقتك له، ولكني أريد أن تعرف أن المهدي متآمر وكان وراء أكثر من محاولة لاغتيالي حتى أثناء ولايتي للعهد، وأنا متأكد مما أقول.
بعد هذه المقدمة يسجل هيكل ما يزعم أنه سمعه من المرحوم المهدي بن بركة عن جلالته..
فحاشا للمهدي يرحمه الله أن يكون قائل زور وبهتان، وهو الذي عرف السجون والمنافي مع إخوته قادة الحركة الوطنية والمقاومة في سبيل الوطن والعرش. حتى عاد الملك إلى عرشه الذي ضحى به دفاعا عن كرامته وكرامة شعبه.
والواقع أن جلالة المغفور له لم يزر القاهرة زيارة رسمية في سنة 1964، وإنما زار القاهرة للمشاركة في مؤتمر القمة الأول، ولعل القارئ يذكر ما كتبته عن هذه الزيارة في العدد رقم 18039 من هذه الجريدة -يقصد جريدة العَلم، بتاريخ 10 أكتوبر 1999، ففي ذلك المقال تحدثت عن اجتماعي بهيكل وبرغبته في لقاء مع جلالته، وأنه يضع جريدة الأهرام وهن إشارة جلالته ليشرح وجهة نظره كما يشاء، وفي أي موضوع يراه، وما لم أقله في ذلك المقال، أن جلالته حين عرضت عليه رغبة هيكل رفض وبشدة أن يلتقي به، وأبلغته اعتذار جلالته بانشغاله في الاجتماع بالقادة العرب، وسعى بوسائط أخرى، ولكنه فشل، وأذكر أني قلت له يومها، ما لم تحققه بواسطتي مع جلالته، لن يتحقق بغيري.
أما الزيارة الرسمية لجلالته للقاهرة فكانت في عام 1965، وكان مجلس الجامعة العربية قد اتخذ قرارا بقطع العلاقات الديبلوماسية مع ألمانيا الاتحادية لأنها قررت تقديم تعويضات لإسرائيل عما أصاب اليهود في عهد النازية، وتحفظ المغرب على القرار ولم يقطع علاقته بألمانيا وكذلك فعل لبنان.
والغريب في الفكر السياسي العربي أن قرار سحب السفراء من العاصمة «بون» اتخذ في مجلس طارئ لدول الجامعة، ولكن هذه الدول، ومن بينها مصر التي طلبت عقد الاجتماع حين قررت إعادة علاقتها على مستوى السفراء مع ألمانيا الاتحادية، لم تجتمع لإلغاء قرار السحب، بل أعادت علاقتها في سرية تامة، وما يزال قرار المقاطعة من محفوظات الأمانة العامة للجامعة.
وتنفيذ القرار من الدول التي وافقت عليه حجة على الذين يزعمون أن من أسباب فشل عمل الجامعة ضرورة الإجماع لتنفيذ قراراتها».
الخلاصة من هذا التحليل، الذي قدمه السفير محمد التازي، أن الصحافي محمد حسنين هيكل كتب عن لقاء مفترض مع الملك الراحل الحسن الثاني، في حين أن اللقاء لم يُجر، أساسا، رغم مساعي هيكل لجعله ممكنا.





