الرئيسيةالملف السياسي

التقارير السوداء للحكومة

اختلالات خطيرة ومؤشرات مقلقة

إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي
كشفت التقارير التي أصدرها المجلس الأعلى للحسابات، خلال السنوات الأخيرة، عن وجود اختلالات خطيرة في تدبير المال العام، فرغم الأهمية التي تكتسيها هذه التقارير، فإن هناك قصورا في النصوص القانونية المتعلقة بإحالة هذه الملفات على القضاء، وتحريك المتابعة القضائية في حق المتورطين، وكذا محدودية الرقابة التي يمارسها قضاة هذه المحاكم، لعدم توفرها على قوة الردع، مما تكرس معه نهب المال العام وسوء التدبير وتدبير الأموال العمومية. وتنضاف هذه التقارير إلى التقارير السوداء التي تصدرها هيئات دستورية أخرى، من قبيل المجلس الأعلى للتربية والتكوين والمندوبية السامية للتخطيط وبنك المغرب وغيرها، لذلك يبقى التساؤل مشروعا حول مصير هذه التقارير.

خصص الدستور الجديد حيزا هاما للمجلس الأعلى للحسابات، وهو ما يبرز الأهمية التي يحظى بها في مراقبة تدبير المال العام، ويعطي الأهمية القصوى للتقارير التي يصدرها المجلس. واعتبر الدستور المجلس الأعلى للحسابات هو الهيئة العليا لمراقبة المالية العمومية بالمملكة، ويضمن الدستور استقلاله، ويمارس المجلس مهمة تدعيم وحماية مبادئ وقيم الحكامة الجيدة والشفافية والمحاسبة، بالنسبة إلى الدولة والأجهزة العمومية، ويتولى ممارسة المراقبة العليا على تنفيذ قوانين المالية. ويتحقق من سلامة العمليات، المتعلقة بمداخيل ومصاريف الأجهزة الخاضعة لمراقبته بمقتضى القانون، ويقيم كيفية تدبيرها لشؤونها، ويتخذ، عند الاقتضاء، عقوبات عن كل إخلال بالقواعد السارية على العمليات المذكورة. وتناط بالمجلس مهمة مراقبة وتتبع التصريح بالممتلكات، وتدقيق حسابات الأحزاب السياسية، وفحص النفقات المتعلقة بالعمليات الانتخابية، كما يقدم مساعدته للبرلمان في المجالات المتعلقة بمراقبة المالية العامة، ويجيب عن الأسئلة والاستشارات المرتبطة بوظائف البرلمان في التشريع والمراقبة والتقييم المتعلقة بالمالية العامة. وفي ما يخص علاقة المجلس بالقضاء، نص الدستور على أن المجلس يقدم مساعدته للهيئات القضائية، ويقدم مساعدته للحكومة، في الميادين التي تدخل في نطاق اختصاصاته بمقتضى القانون.

اختلالات مالية
نشر المجلس الأعلى للحسابات تقريره السنوي برسم سنة 2018، الذي يقدم بيانا عن جميع أنشطة المجلس والمجالس الجهوية، تضمن تسجيل العديد من الخروقات المالية والإدارية التي شابت تسيير مؤسسات وإدارات عمومية وكذلك الجماعات الترابية. وفي ما يخص الاختصاصات القضائية، وفي إطار اختصاص التدقيق والبت في الحسابات المقدمة من طرف المحاسبين العموميين، أصدر المجلس الأعلى للحسابات، بعد القيام بالتدقيق والتحقيق اللازمين وانعقاد جلسات الحكم، 181 قرارا قضائيا، فيما أصدرت المجالس الجهوية للحسابات 1963 حكما. وبخصوص اختصاص التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، فقد عرف هذا الاختصاص الزجري للمحاكم المالية، بعد متابعة النيابة العامة للمعنيين بالأمر وسلوك كل المساطر القضائية المعمول بها، إصدار المجلس الأعلى للحسابات لـ15 قرارا قضائيا، فيما أصدرت المجالس الجهوية للحسابات 53 حكما في هذا الإطار.
وحسب التقرير، أحالت النيابة العامة لدى المحاكم المالية 114 متابعا على هذه المحاكم في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، كما أحال الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى للحسابات ثماني قضايا تتعلق بأفعال قد تستوجب عقوبة جنائية على الوكيل العام لدى محكمة النقض، بصفته رئيسا للنيابة العامة، وذلك قصد اتخاذ المتعين بشأنها. وفي ما يخص الاختصاصات غير القضائية، فقد همت مراقبة التسيير وتقييم البرامج العمومية، وهو اختصاص يعد من أهم اختصاصات المحاكم المالية من حيث الموارد المخصصة لممارسته، كما تعد خلاصات التقارير المتمخضة عنه أهم مكون للتقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات.
وأنجز المجلس الأعلى للحسابات خلال سنة 2018 ما مجموعه 50 مهمة رقابية في هذا الإطار، فيما نفذت المجالس الجهوية للحسابات 224 مهمة، مضيفا أنه تم عرض خلاصات للتقارير الخاصة للمهام الرقابية المذكورة في التقرير السنوي للمجلس مرفوقة بتعقيبات مسؤولي الأجهزة التي خضعت للمراقبة. وأشار المصدر إلى أن هذه المهمات الرقابية همت، بالنسبة إلى المجلس الأعلى للحسابات، مهمة حول جاهزية المغرب لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة، وأخرى حول المعطيات الأولية لتنفيذ ميزانية 2017، إضافة إلى إنجاز أربع مهمات تهم القطاع المالي متمثلة في مراقبة تسيير صندوق الإيداع والتدبير، وتسيير فرعين تابعين له (فيبار القابضة وشركة ميدزيد) إضافة إلى الوديع المركزي (Maroclear) . كما عرف ميدان الفلاحة والصيد البحري والمياه والغابات إنجاز خمس مهمات، منها 4 مهمات تقييم برامج عمومية، هي مخطط «أليوتيس» وبرنامج توسيع الري وتقييم إنجازات سلسلة الزيتون وبرنامج تخليف غابات الفلين، تضاف إليها مهمة مراقبة تسيير المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (ONSSA).
وشهد ميدان الصحة إصدار تسعة تقارير خاصة لتسع مهمات رقابية، خصصت اثنتان لتقييم تدبير التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، في حين انصبت مهمة واحدة على مراقبة تدبير الوكالة الوطنية للتأمين الصحي، إضافة إلى مراقبة تسيير ست بنيات استشفائية، أما ميدان التربية والتكوين فقد عرف إنجاز عشر مهمات، خصصت واحدة منها للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة سوس ماسة، في حين انصبت تسع مهمات على مؤسسات للتعليم العالي.
وبخصوص ميدان الثقافة والاتصال، فقد شملته أربع مهمات رقابية، تخص اثنتان شركة الإذاعة والتلفزة الوطنية، في حين همت الثالثة شركة «صورياد 2M»، أما المهمة الرابعة فهمت برنامج تشجيع الصناعة السينمائية. وأضاف البلاغ أن ميدان الطاقة والمعادن عرف إنجاز مهمة لمراقبة النشاط المعدني للمكتب الشريف للفوسفاط، وأخرى لتقييم تدابير النجاعة الطاقية، مسجلا أن ثلاث مهمات أخرى شملت كلا من الملك العمومي المائي، والمؤسسات السجنية، ومركزي تسجيل السيارات بتطوان وطنجة.
وبالنسبة إلى المجالس الجهوية للحسابات، أفاد المصدر ذاته بأن هذه المجالس أنجزت 224 مهمة رقابية في إطار مراقبة التسيير واستخدام الأموال العمومية من طرف الجمعيات المستفيدة من الدعم العمومي، موضحا أن هذه المهمات الرقابية تتوزع ما بين 204 جماعات، ومهمتين على مستوى مؤسستين عموميتين محليتين، ومهمتين لمراقبة استخدام الأموال العمومية، و14 مراقبة لعقود التدبير المفوض للمرافق العمومية المحلية، ومهمتين تتعلقان بمجموعتين للجماعات.

جطو يدق ناقوس الخطر
على غرار السنة الماضية، دق إدريس جطو، رئيس المجلس الأعلى للحسابات، ناقوس الخطر بخصوص الصعوبات التي تواجه المالية العمومية في ظل تنامي عجز الميزانية وارتفاع المديونية الخارجية التي وصلت إلى مستويات قياسية. وأوضح التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات، أن تنفيذ قانون المالية لسنة 2018 عرف تسجيل عجز في الميزانية بلغ 41.353 مليون درهم، مقابل تقديرات أولية في حدود 33.274 مليون درهم، أي بفارق بلغ 8.079 مليون درهم، ويعزى ذلك أساسا، حسب التقرير، إلى ارتفاع في النفقات الإجمالية (زائد 2.777 مليون درهم) وانخفاض في منتوج المداخيل العادية (ناقص 2.891 مليون درهم)، وفي الحصيلة الصافية للحسابات الخصوصية للخزينة (ناقص 2.411 مليون درهم). وأشار التقرير إلى أنه مقارنة بالناتج الداخلي الخام، فقد ناهز عجز الميزانية نسبة 3,7 في المائة، مسجلا ارتفاعا بحوالي 0,2 نقطة مئوية مقارنة مع سنة 2017 وتغييرا لمنحاه التنازلي الذي شهده خلال السنوات الفارطة، والتي عرف خلالها انخفاضا من مستوى 6,8 في المائة من الناتج الداخلي الخام سنة 2012 إلى نسبة 3,5 في المائة سنة 2017.
وأكد التقرير أن مالية الدولة تواجه صعوبات أخرى، تتجلى أساسا في عدم التحكم في ارتفاع ديون الخزينة والتي بلغت عند متم 2018 ما قدره 722,6 مليار درهم، بنسبة ارتفاع تناهز 4,4 في المائة مقارنة مع سنة 2017، كما تضاعف جاري دين الخزينة أكثر من مرتين ما بين سنتي 2009 و2018 بمعدل ارتفاع سنوي نسبته 8,6 في المائة. ولمواجهة هذه الصعوبات، يؤكد التقرير أنه يتوجب إرساء حكامة جيدة على مستوى كل وظائف الدولة، من تخطيط وبرمجة وتنفيذ ومراقبة وتقييم للبرامج والعمليات، التي تنجزها الأجهزة العمومية.
وفضح التقرير تلاعب الحكومة بالأرقام والمعطيات، وأشار إلى أنه يتم إعداد التقارير حول تنفيذ ميزانية الدولة بناء على وضعية تكاليف وموارد الخزينة التي تنشرها مديرية الخزينة والمالية الخارجية، وكذا النشرة الشهرية لإحصائيات المالية العمومية التي تصدرها الخزينة العامة للمملكة. وسجل المجلس غياب الانسجام على مستوى بعض المعطيات المتعلقة بالتوقعات والإنجازات الواردة في كلا البيانين، ويؤدي غياب هذا الانسجام إلى ضعف مقروئية وصعوبة استغلال المعطيات المتعلقة بميزانية الدولة، خصوصا وأن الفروق المسجلة والتي تكون في الغالب غير مفسرة، تهم عدة مؤشرات منها ما هو أساسي للقيام بتحليل سليم لنتائج تنفيذ الميزانية، وعلى سبيل المثال، حدّدت وضعية تكاليف وموارد الخزينة مجموع المداخيل العادية المنجزة خلال سنة 2017 في مبلغ 229.886 مليون درهم، مقابل 222.724 مليون درهم تم تسجيلها في التقارير الصادرة عن الخزينة العامة للمملكة، أي بفارق بلغ 7.162 ملايين درهم، كما تم تسجيل الحالة نفسها بالنسبة إلى الرصيد العادي الذي حدد في مبلغ 24.125 مليون درهم على مستوى وضعية تكاليف وموارد الخزينة، مقابل مبلغ 15.826 مليون درهم الوارد في النشرة الشهرية لإحصائيات المالية العمومية، أي بفارق 8.299 ملايين درهم.
وخلص التقرير إلى أن مسعى خفض نسبة دين الخزينة على الناتج الداخلي الخام إلى 60 في المائة في أفق سنة 2021، والمحدد ضمن برنامج الحكومة للفترة 2021-2017، يبقى صعب المنال في حال تفاقم العجز واستمرار النهج التصاعدي للمديونية. بالمقابل استمرت تكلفة الدين التي بلغت ذروتها سنة 2013 في التراجع، مسجلة سنة 2017 ما مجموعه 127.871 مليون درهم، أي بانخفاض قدره 1.105 مليون درهم مقارنة مع سنة 2016 التي سجلت 128.976 مليون درهم، ويعزى هذا الانخفاض أساسا إلى تراجع تكاليف استهلاك أصل الدين التي انخفضت بمبلغ 1.247 مليون درهم مقارنة مع سنة 2016، في حين لم تسجل تكاليف الفوائد تغييرا ملحوظا، إذ ارتفعت بمبلغ 142 مليون درهم، أي بنسبة 0,5 في المائة مقارنة مع سنة 2016.

مندوبية التخطيط تكشف مؤشرات اقتصادية واجتماعية مقلقة
كشف المندوب السامي للتخطيط، أحمد الحليمي، عن مؤشرات مقلقة بخصوص وضعية الاقتصاد الوطني، وذلك تزامنا مع شروع هذه الأخيرة في إعداد الخطوط العريضة لمشروع قانون المالية لسنة 2020، من خلال توقعات بتسجيل تراجع في نسبة معدل النمو، مقابل ارتفاع معدل عجز الميزانية ومعدل البطالة، وكذلك ارتفاع حجم المديونية الداخلية والخارجية.
وأكد الحليمي في مؤتمر صحفي خصص لعرض وضعية الاقتصاد الوطني خلال 2019 و آفاقها سنة 2020 ، أنه من المتوقع أن يستقر معدل النمو الاقتصادي في المغرب عند 7ر2 في المائة خلال سنة 2019 ، بدلا من 3 في المائة المسجلة سنة 2018، كما كشف المندوب السامي للتخطيط أن التضخم المعبر عنه بالمستوى العام للأسعار سيسجل انخفاضا ليصل إلى 0.8 في المائة سنة 2019 عوض 1.1 سنة 2018 .
وبخصوص عجز الميزانية، توقع الحليمي أن يعرف هذا الأخير تدهورا ليصل إلى حوالي 4.5 في المائة من الناتج الداخلي الاجمالي سنة 2019 عوض 3.7 في المائة المسجل سنة 2018 ، ملاحظا أنه مع الأخذ بعين الاعتبار لمداخيل الخوصصة، سيسجل هذا العجز تراجعا ليصل إلى 3.6 في المائة من الناتج الداخلي الخام، ولاحظ أن الادخار الوطني سيسجل انخفاضا طفيفا لينتقل من 27,6 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2018 إلى حوالي 27,3 في المائة سنة 2019، مبرزا أن هذا الادخار يبقى دون مستوى الاستثمار الإجمالي الذي سيتراجع إلى حوالي 32,6 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي عوض في المائة 33,5 سنة 2018، وبالتالي، ستصل فجوة التمويل بين الاستثمار والادخار الوطني إلى 5,3 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2019.
وأضاف أن ميزان المبادلات الخارجية من السلع والخدمات سيفرز تفاقما في عجز الميزان التجاري بالنسبة المئوية من الناتج الداخلي الإجمالي، لينتقل من 18,6 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2018 إلى 18,7 في المائة سنة 2019، وحسب الحليمي، سيعرف الدين الداخلي للخزينة ارتفاعا ب 4 في المائة مقارنة بمستواه المسجل سنة 2018 ليصل إلى 51,6 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2019، مضيفا أن الدين الخارجي للخزينة سنة 2019 سيسجل زيادة ب 7,4 في المائة عوض انخفاض ب 3,4 في المائة سنة 2018، حيث سيمثل 21 في المائة من الدين الإجمالي للخزينة و13,7 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي عوض 20,5 في المائة و13,3 في المائة على التوالي خلال السنة الماضية، واستنتج أن معدل الدين الإجمالي للخزينة سيترفع ليبلغ 65,3 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي عوض 64,9 في المائة سنة 2018، وأفاد بأنه بناء على حصة الدين الخارجي المضمون من طرف الدولة التي ستسقر في حدود 16 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2019، سيرتفع الدين العمومي الإجمالي، ليصل معدله إلى حوالي 81,3 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي عوض 73,4 في المائة و60,2 في المائة كمتوسطات سنوية خلال الفترة 2017-2010 والفترة 2009-2005 على التوالي.

3 أسئلة لعبد الحكيم قرمان باحث في العلوم السياسية : «يجب أن تصل تقارير المجلس الأعلى للحسابات إلى القضاء ولا تظل حبيسة الرفوف»

1 – ماهي المؤشرات التي يحملها تقرير المجلس الأعلى للحسابات الذي صدر أخيرا؟
إن التقرير يثبت بوضوح ويزكي ما كانت قد أشارت إليه تقارير غير رسمية بخصوص الاختلالات التي تعرفها عدد من الوزارات، وأهمية هذا التقرير أنه صادر عن مؤسسة رسمية ودستورية ويشرف عليها قضاة مهمتهم تقييم السياسات العمومية والعمل الحكومي، وبالتالي لا يمكن إلى أن نقف بتمعن عند هذا التقرير وما صدر فيه من خلاصات حول الاختلالات في عدد من القطاعات، بل الأكثر من ذلك أن هناك العديد من الاختلالات التي تستوجب تحريك المسطرة القضائية والمتابعات في حق المسؤولين. ولعل المشكل الأساسي الذي يستوجب التدقيق في هذا الباب، هو الجواب عن سؤال ما مصير هذه التقارير التي تصدر عن المجلس الأعلى للحسابات؟ وألم يحن بعد الوقت لإحالة تلك الملفات بما فيها من اختلالات واضحة على القضاء، في إطار تفعيل المبدأ الدستوري المتمثل في ربط المسؤولية بالمحاسبة؟ في الوقت الذي نرى أن المنهجية المتبعة في التعامل مع المسؤولين المعنيين بهذه التقارير هو تغييرهم، دون تحريك المتابعة في حق المخلين منهم، وعلى الرغم من أن الاختلالات المرصودة، منها من تحمل الطابع الجنحي أو الجرائم المالية وهي التي كان من الواجب أن تمر للقضاء مباشرة، لا أن تبقى حبيسة التقارير والرفوف، وهذا هو جوهر ربط المسؤولية بالمحاسبة وحماية المال العام، ومبدأ المواطنون سواسية أمام القانون.
2 – ماذا بخصوص ما رصده التقرير من اختلالات تدبير عدد من القطاعات الوزارية التي يرأسها الحزب الحاكم؟
لقد وصلنا إلى مرحلة في التدبير الوزاري تتجسد فيه للعيان وبوضوح ثقافة الرداءة التي تعممت في كل القطاعات، بل إن هذا الأمر كان مقصودا منذ حكومة بنكيران، والهدف هو تمكين قواعد الحزب من الاختراق والتغلغل في جميع قطاعات ودواليب الدولة، لضمان بقاء الحزب في السلطة إلى الأبد، بدل التوجه نحو الكفاءات والمثقفين والخبراء لتعيينهم في مناصب المسؤولية. ولعل الواقع الحالي وما تكشفه التقارير بخصوص سوء التدبير في القطاعات التي يتولاها وزراء الحزب الحاكم، خير دليل على غياب الرؤية الإصلاحية والشعار الذي كان اتخذه الحزب مطية خلال الانتخابات، بل إن هذا الحزب بات يرشح مسؤولين لا تتوفر فيهم معايير الكفاءة المطلوبة، ولا يتم هذا الترشيح وفق معايير المهنية بقدر ما يكون وفق القرب والولاءات. فالمسؤولون الذين يتم تعيينهم على رأس الوزارات «خارج التغطية»، فيما تقتضي قطاعاتهم ضرورة التتبع والعمل اليومي الجاد ودراسة الملفات، بل إن هؤلاء المسؤولين المطالبين بالمراقبة والتدقيق، هم الواجب مراقبتهم بالأساس، وهذا ما يمكن قوله ونحن بصدد التعديل الحكومي، إذ بدأنا نلاحظ صراعات الأحزاب من أجل الاستوزار بدل التسابق لخدمة الصالح العام، ولعل أبرز المسببات لهذا الوضع هو تجاهل التقارير مثل الصادرة عن المجلس الأعلى للحسابات، وعدم الذهاب بها إلى أبعد الحدود في تحريك المساطر القضائية ضد المعنيين.
3 – ماهي المنهجية التي يجب اتباعها في إطار التعاطي مع تقارير المجلس الأعلى للحسابات أو هيئات الرقابة بشكل عام؟
إنه يجب التركيز على الموضوع من عدة جوانب، أولها أنه إذا ثبت أن قطاعا معينا فيه تدبير إيجابي فيجب تحفيزه والإشادة به، أو إذا ثبت العكس فيجب العمل على معاقبة المعنيين ومحاسبتهم، وهو الأمر الذي لا يتم في هذه الحالة حيث يتم الوقوف عند منتصف الطريق دون مواصلة ما يجب من إجراءات قضائية في حق المعنيين بالاختلالات، ومن هذا المنطلق يمكن القول إن الجهاز الرقابي منقوص، ويقف في نصف الطريق، بالإضافة إلى ذلك هناك جانب آخر هو المتعلق بتخليق الحياة السياسية، والذي هو منظومة شاملة تبدأ بالمسؤولين المعنيين والذين هم أفراد من أحزاب سياسية تعاني مشاكل في المنظومة. واليوم يجب إحداث تغيير في المنظومة الحزبية والتشريعية، وهي التي توجب الجزاءات في حق كل من يتحمل المسؤولية الانتدابية في الجانب العام وثبتت في حقه إخلالات وصدر ضده حكم قضائي، وجب أن يحرم من ممارسة السياسة إلى الأبد، ليكون بذلك المال العام محط حماية وتدقيق. وأيضا، من هذا المنطلق وجب مراقبة المالية الخاصة بالأحزاب وأوجه صرفها، على اعتبار أن الأحزاب تقدم برامج للتأطير وتحصل على مال عام، والمواطن من حقه معرفة أوجه صرف هذا المال العام.

الديون تغرق مؤسسات عمومية

أصدر المجلس الأعلى للحسابات تقريرا صادما على وضعية المؤسسات والمقاولات العمومية بالمغرب، ودق إدريس جطو، الرئيس الأول للمجلس، ناقوس الخطر، محذرا من شبح الإفلاس الذي يواجه هذه المؤسسات الإستراتيجية كما أوصى بإعادة النظر في نظام الرواتب والأجور المتعلقة بمسيري المؤسسات والمقاولات العمومية.
وكشف التقرير عن أرقام صادمة حول ارتفاع المديونية في المؤسسات والمقاولات العمومية بالمغرب، وأشار إلى أن حجم المديونية في القطاع العمومي في تزايد مستمر منذ سنة 2000، حيث سجل قطاع المؤسسات والمقاولات العمومية ارتفاعا مستمرا لمديونيته، وصل ما مجموعه 245,8 مليار درهم سنة 2015، وهو ما يشكل 25 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وأكد التقرير أن حجم مديونية المؤسسات والمقاولات العمومية، سجل ارتفاعا بنسبة 321 في المائة بالمقارنة مع سنة 2004 ، مشيرا إلى أن هذه النسبة تشكل «مصدر هشاشة للقطاع بكامله»، وذكر تقرير المجلس الأعلى للحسابات، أن إجمالي المديونية في المؤسسات العمومية، تطور من 221 مليار درهم سنة 2008، إلى أزيد من 245 مليار درهم السنة الماضية.
في ما يخص بنية مديونية المؤسسات والمقاولات العمومية، أشار التقرير إلى أن الدين الخارجي أخذ في الارتفاع منذ سنة 2008، ومع نهاية سنة 2015، بلغ ما مجموعه 160 مليار درهم، وهو ما يشكل 65 في المائة من مجموع دين المؤسسات والمقاولات العمومية، ويبلغ مجموع الدين المضمون من قبل الدولة 105 مليارات درهم.
وحذر التقرير من الارتفاع المضطرد لمديونية المؤسسات والمقاولات العمومية، وذلك منذ سنة 2011، والتي تزامنت مع السنة الأولى لتنصيب الحكومة السابقة بقيادة حزب العدالة والتنمية، واعتبر التقرير أن هذا الارتفاع يشكل أحد المخاطر التي تهدد المالية العمومية، وذلك لالتزام ميزانية الدولة بتحمل أقساط الديون المضمونة في حالة عدم قدرة بعض الهيئات على سداد ما بذمتها.

«أكابس» حذرت من إفلاس صناديق التقاعد
كشفت معطيات وأرقام وردت في التقرير السنوي لهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، عن وجود خطر الإفلاس يهدد أنظمة التقاعد بالمغرب، بسبب الأزمة المالية الخانقة التي تعرفها هذه الأنظمة، رغم الإصلاحات التي باشرتها الحكومة السابقة، من خلال الرفع من نسبة الاقتطاعات من أجور الموظفين والزيادة في سن الحصول على التقاعد.
وأفادت الهيئة بأن الرصيد التقني للصندوق المغربي للتقاعد- نظام المعاشات المدنية، سيواصل تفاقمه إلى أن يبلغ 36,2 مليار درهم سنة 2046.
وأوضحت الهيئة، التي أنجزت دراسات إكتوارية على مدى 50 سنة (2067) بناء على المعطيات المتعلقة بسنة 2017، وبعض الفرضيات المستنتجة من التطورات الديموغرافية والاقتصادية والمالية لأنظمة التقاعد، أن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (فرع التعويضات طويلة الأمد)، سيسجل أول عجز إجمالي في 2027 في حين ستنفد احتياطاته سنة 2043، وفيما يتعلق بالنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد (النظام العام)، والذي يعرف عجزا تقنيا منذ عدة سنوات، تتوقع الهيئة أن يسجل أول عجز إجمالي له سنة 2021، وسيتمكن من تغطية هذا العجز بواسطة احتياطاته إلى حدود سنة 2040.
وسبق لإدريس جطو، رئيس المجلس الأعلى للحسابات، أن كشف عن معطيات خطيرة تتعلق بإفلاس الصندوق المغربي للتقاعد في أفق سنة 2028، رغم الإصلاحات المقترحة من طرف الحكومة، وأكد تقرير للمجلس أن هذه الإصلاحات لا يمكن أن تشكل سوى مرحلة أولية في إطار إصلاح شمولي لمنظومة التقاعد. كما أن هذه الإصلاحات المدرجة، وإن كانت ضرورية تبقى غير كافية، لأن الإصلاح المقياسي المقترح لا يشمل مجموع أنظمة التقاعد، بل يقتصر على الشق المدني للصندوق المغربي للتقاعد، ولن يمكن سوى من تقليص العجز الحالي، إذ ستظل المساهمات غير كافية لتغطية الالتزامات وسداد رواتب التقاعد، وسيظل العجز قائما، بل سيأخذ منحا تصاعديا خلال السنوات المقبلة، مشيرا إلى أنه بالنظر إلى حجم الاختلالات التي يعرفها النظام وكذا طابعها الهيكلي، فإن أثر هذه الإصلاحات لن يجدي إلا في الأمد القريب، وسيظل يعاني من عدم توازنه ما لم يخضع لمسلسل إصلاح عميق.
وتطرق جطو إلى وضعية الصندوق المغربي للتقاعد، نظرا للمخاطر الكبيرة التي تمثلها مؤشرات العجز في هذا الشأن على توازن المالية العامة، وذلك بالرغم من الإصلاح الذي باشرته الحكومة السابقة. وأكد جطو أنه على الرغم من دخول الإصلاح حيز التنفيذ في أكتوبر 2016، استمرت احتياطيات نظام المعاشات المدنية في الانخفاض، حيث بلغت 79,9 مليار درهم في متم 2017، مقابل 82,6 مليار درهم سنة 2016، مضيفا أن انخفاض الاحتياطيات سيستمر في السنوات المقبلة، مع توقع نفادها الكامل في حدود سنة 2027، وخلص إلى أن الإصلاح المعتمد لنظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد «يظل غير كاف، ولا يمكن أن يشكل سوى مرحلة أولية في إطار إصلاح شمولي، يتم التأسيس له عبر الحوار والتوافق بين مختلف الفرقاء، من حكومة وفاعلين اقتصاديين واجتماعيين».

الجواهري جلد الحكومة أمام الملك
خلال الذكرى العشرين لعيد العرش، استقبل الملك محمد السادس بالقصر الملكي بتطوان، عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، الذي قدم له التقرير السنوي للبنك المركزي حول الوضعية الاقتصادية والنقدية والمالية برسم سنة 2018.
وفي معرض كلمته أمام الملك، أشار الجواهري إلى أن نمو الاقتصاد الوطني بلغ 3 في المائة، في محيط دولي محفوف بالشكوك، متأثرا على الخصوص باستمرار بطء انتعاش القطاعات غير الفلاحية، مبرزا أنه على الرغم من ذلك، تراجعت نسبة البطالة إلى 9,8 في المائة، مع بقائها مرتفعة في صفوف الشباب، خاصة الحضريين منهم. وعلى مستوى التوازنات الماكرو اقتصادية، أكد والي بنك المغرب أن عملية الضبط التدريجي للميزانية العمومية عرفت تباطؤا نسبيا، إذ بلغ العجز 3,7 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، كما تفاقم عجز الحساب الجاري إلى 5,5 في المائة رغم استمرار الأداء الجيد للصادرات. وأضاف الجواهري أن تدفقات الاستثمارات الخارجية قد بلغت 47,4 مليار درهم وأن تغطية الاحتياطات الدولية الصافية تجاوزت بقليل خمسة أشهر من الواردات، فيما عرف التضخم تسارعا ملحوظا إلى 1,9 في المائة، خاصة بفعل ارتفاع أثمنة المواد الغذائية المتقلبة الأسعار.
وسجل والي بنك المغرب أن أداء الاقتصاد الوطني لا يزال غير كاف للاستجابة للانتظارات الاجتماعية المتزايدة، بالرغم من الجهود المبذولة، مضيفا أن العودة بالمغرب إلى مسار نمو مضطرد، على غرار ما شهده خلال العشرية الأولى من هذا القرن، يستلزم مضي السلطات في الإصلاحات، مع الرفع من مستوى فعاليتها ومردوديتها، وكذا مراعاة أفضل لتقلبات وتطورات المحيط الدولي. وبالنظر إلى التحديات التي يواجهها النسيج الإنتاجي، الذي يعاني من هشاشة بنيوية ويشكو على الخصوص من منافسة القطاع غير المهيكل، شدد الجواهري على أنه يتحتم على السياسة العمومية أن تضع ضمن أولوياتها توفير المناخ الملائم لتطور المقاولة المغربية وتعزيز قدرتها على مواجهة المنافسة الدولية. وأضاف والي بنك المغرب أن تحقيق هذا الهدف يتوقف بالدرجة الأولى على إصلاح منظومة التربية والتكوين، الذي تأثر تفعيله بالحسابات السياسية، في وقت باتت فيه متطلبات سوق الشغل في تصاعد كبير، خاصة بفعل تداعيات الثورة الرقمية.
وعلى صعيد المالية العمومية، أشار الجواهري إلى أن اللجوء المؤقت إلى سياسة توسعية قد يبدو للبعض اختيارا ملائما في سياق يتسم بتباطؤ النمو وتزايد الحاجيات الاجتماعية، مؤكدا أن المستوى الذي وصلت إليه المديونية، والذي يستلزم المزيد من اليقظة، أمر لا يمكن التغاضي عنه.
وفي ما يخص السياسة الاجتماعية، أضاف والي بنك المغرب أن مشروع الإصلاح الذي يرتكز على استهداف الأسر يعد خطوة واعدة، وأن إتمامه في الآجال المحددة يستدعي مواصلة التعبئة الكبرى التي تحيط به، مما من شأنه أن يساعد أيضا في إتمام عملية إصلاح المقاصة وإتاحة هامش إضافي للاستثمار الاقتصادي والاجتماعي. إلى جانب ذلك، أكد الجواهري أن الاستكمال العاجل لورش إصلاح نظام التقاعد يبقى ضروريا لضمان استدامته.
وتضمن التقرير مؤشرات مقلقة حول وضعية الاقتصاد الوطني خلال السنوات الأخيرة، تجلت في تراجع نسبة النمو وارتفاع عجز الميزانية والمديونية التي تجاوزت الخط الأحمر. وأشار التقرير إلى أن الاقتصاد الوطني واصل نموه بوتيرة ضعيفة إلى معتدلة، مسجلا نسبة 3 في المائة عوض 4,2 في المائة سنة 2017، وقد مكنت الظروف المناخية الملائمة للسنة الثانية على التوالي من الحفاظ على تطور إيجابي للقيمة المضافة الفلاحية، في حين واصلت القطاعات غير الفلاحية انتعاشها البطيء، بنسبة نمو لم تتجاوز 2,6 في المائة، وتسارع النشاط بشكل نسبي في الصناعات التحويلية، بينما ظل مرتفعا، بالرغم من تباطؤه في قطاع السياحة، في حين بقي ضعيفا في قطاع البناء والأشغال العمومية. ومن حيث الطلب، عادت مساهمة الصادرات الصافية في النمو الاقتصادي إلى مستوى سلبي لتبلغ 1,3 نقطة مئوية، بينما ارتفعت مساهمة الطلب الداخلي إلى 4,3 نقطة.
وشهدت السنة تفاقم عجزي الميزانية والحساب الجاري، فبالرغم من استمرار الأداء الملحوظ للصادرات، خاصة منها مشتقات الفوسفاط والسيارات، استمر الميزان التجاري في التدهور، متأثرا على الخصوص بارتفاع الفاتورة الطاقية وتزايد المشتريات من سلع التجهيز. وحسب التقرير، شهدت عملية تعزيز الميزانية تباطؤا نسبيا، إذ تفاقم العجز من 3,5 إلى 3,7 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، وهو مستوى أكبر بكثير من هدف 3 في المائة المسطر في قانون المالية 2018، وإضافة إلى تراجع الهبات، ويعزى هذا التطور بالأساس إلى تزايد النفقات برسم السلع والخدمات الأخرى وبرسم المقاصة، أما نفقات الاستثمار، فقد سجلت أول انخفاض لها منذ سنة 2013.
وأكد تقرير البنك أن المغرب شهد وضعية صعبة خلال سنة 2018، لم تمكنه من تقليص العجز على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، في الوقت الذي يواجه فيه انتظارات اجتماعية متزايدة على المستوى الداخلي، وتغيرات كبرى محفوفة بالشكوك على الصعيد الخارجي، مشيرا إلى أن الاقتصاد الدولي لا يزال متأثرا بتداعيات الأزمة العالمية، المتجلية على الخصوص في ارتفاع مستويات الديون وفي تفاقم الفوارق، الذي نتج عنه تراجع الثقة في المؤسسات العمومية وتزايد النزعة الشعبوية، ويضاف إلى هذا أيضا تصاعد الضغوط الجيوسياسية وتدفق المهاجرين بفعل تنامي الصراعات وتكاثر مظاهر التغير المناخي، التي أصبحت ملموسة بصورة متزايدة.
ويضيف التقرير، أدى أخيرا تنامي التوجه نحو النزعة الحمائية والتشكيك في تعددية الأطراف، وفي قواعد التجارة العالمية، مع تصعيد غير مسبوق للصراعات التجارية، إلى تزايد حدة الشكوك وتهديد التجارة والنمو الاقتصادي، وأمام هاته التحديات الخارجية، أصبح المغرب يواجه صعوبات متواصلة في السنوات الأخيرة، بعد أن كان أداؤه ملحوظا خلال العقد الأول من هذه الألفية.
وحذر التقرير من الآفاق المستقبلية التي تظل محاطة بالشكوك، مشيرا إلى أن البطء في تنفيذ رؤية 2030 للتربية والتكوين، إلى جانب الخلافات حول سبل تطبيقها، قد يؤديان إلى استمرار ضعف أداء نظامنا التعليمي والتربوي، الذي بلغ درجة مثيرة للقلق قد تسفر عن الإقصاء الاقتصادي والاجتماعي لأجيال من الأطفال والشباب. ومن جهة أخرى، ونتيجة للثورة الرقمية، باتت متطلبات سوق الشغل في تصاعد كبير، وتتزايد معها صعوبة الولوج إلى عالم الشغل بالنسبة إلى شرائح كبرى من اليد العاملة غير المؤهلة لمهن المستقبل، ويُضاف إلى هذه العوامل عامل آخر مثير للقلق، ألا وهو اجتذاب الاقتصادات المتقدمة لكفاءات البلدان النامية والصاعدة، والذي تنتج عنه كل سنة هجرة أفواج من الخريجين تغريهم شروط أفضل للعمل. وخلص التقرير إلى أن المغرب لا يستغل بالقدر الكافي الفرص المؤقتة.
وحذر التقرير من إفلاس أنظمة التقاعد، وذلك بعد مرور ثلاث سنوات من انطلاق الإصلاح الذي أقرته الحكومة السابقة، مشيرا إلى أن هذا الإصلاح لم يكتمل بعد، في حين تبقى الإجراءات التي اتخذت خلال المرحلة الأولى على مستوى الصندوق المغربي للتقاعد محدودة وذات تأثير مؤقت. وبالنظر إلى التفاقم التدريجي للعجز التقني، دعا التقرير إلى ضرورة استكمال هذا الورش في أقرب الآجال لضمان استدامة كافة الأنظمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى