الرئيسيةن- النسوة

الخجل والانطوائية.. صفتان تدفعان الأشخاص إلى الهامش

إعداد: مونية الدلحي
في الحياة هناك أنواع كثيرة من النماذج، من بين النماذج الإيجابية في الحياة أولئك الأشخاص المقبلون عليها، من لا يضيعون أية فرصة في التعرف على أناس جدد، ودائما ما تجدهم يخوضون النقاشات ويحضرون اللقاءات، بل يمكن أن يكونوا سباقين إلى إلقاء التحية وبدء الحوار والتعريف بأنفسهم، ويكون هؤلاء في العادة شخصيات ناشطة اجتماعيا، ويملكون القدرة على التغلب على الطاقة السلبية وعلى الإحساس بالخجل، فضلا عن أنهم يرفهون ويجدون راحتهم في القيام بهذه الحوارات ويشعرون بالسعادة بالتواجد مع الآخرين والحديث معهم.
وفي المقابل، هناك من البشر من هم حذرون بشكل مفرط من الآخرين، لا يخوضون في النقاشات، لا يتحدثون كثيرا، وغالبا ما تجدهم ينزوون ويتجنبون الاجتماعات الكبيرة، ويفضلون عدم خوض أي تجارب جديدة، ويحتاجون لوقت طويل من أجل الشعور بالارتياح للآخرين والحديث معهم وخوض نقاشات معهم.

هناك عدد من الأشخاص يشعرون بالخجل، لهذا تراهم يتفادون خوض نقاشات أو الظهور في التجمعات مخافة رأي الآخرين فيهم، لكن الآخرين دائما ما ينظرون إليهم على أنهم أشخاص غير ودودين ويفتقدون روح الصداقة أو أنهم قليلو الإحساس وكثيرو التحفظ..
في الواقع كل هذه الأفكار غير صحيحة بل هم أشخاص ودودون ويفيضون مشاعر، وكل صداقاتهم حقيقية وغير مصطنعة، وكل ما يحتاجونه هو القليل من الوقت حتى يستأنسوا بالأشخاص وفور شعورهم بالراحة واستئناسهم بالوضع يصبحون مثل كتاب مفتوح وصداقاتهم حقيقية بالفعل.
لكن هل هؤلاء الأشخاص هم حقيقة خجولون أو انطوائيون؟ من أجل الإجابة عن هذا السؤال علينا أولا أن ندرك الفرق بين الخجل والانطوائية.

ما هو الخجل؟

الخجل هو شعور اجتماعي ينتاب الإنسان أمام الآخرين وفي علاقته معهم، وعادة عندما يشعر الإنسان بالخجل فهو قد يشعر بعدم الارتياح والعصبية، مع الحرج والخوف والتردد وعدم الشعور بالأمان، ويمكن أن تظهر على هؤلاء الأشخاص بعض المظاهر الخارجية، من قبيل احمرار الوجه، عدم القدرة على الكلام أو الاستمرار فيه، والتلعثم والرعشة، مع تصبب العرق وعدم القدرة على النظر إلى الآخرين، وقد تزداد ضربات قلوبهم فتظهر عليهم أعراض مثل اللهاث، وقد يقومون بحركات لا إرادية، منها إخفاء الوجه أو بعض الحركات الإرادية لعدم إظهار خجلهم.
الشخصية الخجولة شخصية نقيضة للشخص الاجتماعي الكثير الكلام والحركة أمام الآخرين، فالشخص الخجول يتردد في الكلام ويفقد القدرة عليه، ويسيطر عليه شعور بعدم الثقة في النفس ولا يستطيع الحديث أمام الآخرين، ويجد نفسه غير قادر على الكلام مع الآخرين، وكل هذا راجع لعدم ثقته في نفسه وفي ما يقوله، ويشعر بأنه غير جاهز للحديث.

مشاعر الخجل درجات تتراوح بين البسيطة والشديدة، ويعتمد الشعور بالخجل، أيضا، على الموقف الذي يعيشه الشخص. وعادة، فإن الشخص الخجول يدرك جيدا أنه كذلك، ويعرف جيدا أنه يحتاج إلى الوقت من أجل أن يتأقلم مع الموقف، وعادة ما تجده يحمي نفسه فيتفادى التواجد في مواقف يشعر خلالها بالخجل، ولا يجازف بالتواجد في مواقف تشعره بالخجل، ويتفادى كل اللقاءات حتى وإن كانت له دعوة لحضورها، وعادة فهو يفضل التواجد مع الأشخاص الذين يعرفهم ويرتاح لهم.

في كثير من الأحيان يتم الخلط بين الشخص الخجول والشخص الانطوائي، نعم قد يبدو الشخص الخجول شخصا هادئا، لكنه في الواقع ليس هادئا أو انطوائيا، فلكل شخصية منهما سماتها الخاصة، حتى وأن كانت متقاربة في بعض النقاط.

الفرق بين الشخصية الخجولة والشخصية الانطوائية

هناك فرق بين الشخصية الخجولة والشخصية الانطوائية، حتى وإن ظهرت الشخصيتان متشابهتين، فالشخص الانطوائي أو صاحب الشخصية الانطوائية يفضل البقاء وحده بعيدا عن الآخرين، بينما الشخصية الخجولة لا تحب العزلة وتفضل الجلوس مع الرفقة.
والفرق بين الشخصية الخجولة والانطوائية، مثلا، أنهما قد يظهرا من الخارج ردة الفعل نفسها في حال مشاركتهما في نشاط معين، لكن الدافع بينهما يختلف، فالشخص الانطوائي لا يحبذ المشاركة ولا يريدها، بينما الخجول يريد حقا المشاركة ويرغب فيها، لكن خجله يربكه.
الشخص الخجول قد يكون في حاجة لبعض المساعدة حتى يكون قادرا على التغلب على خجله، أما الشخص الانطوائي فلا يمكن تغييره، ببساطة لأن الانطوائية جزء لا يتجزأ من تكوينه الأول، بحيث إن أي محاولة لتغيير شخصية الشخص الانطوائي قد تؤدي لظهور مشاكل جديدة، وستضعه تحت ضغط عصبي هائل، وستهز ثقته بنفسه لأن تغييره في هذه الحالة يعني تغيير جزء أساسي من تكوينه. والشخص الانطوائي شخص تعمل الاجتماعات والتجمعات واللقاءات على استنزاف طاقته النفسية، ولا يستطيع شحن طاقته من جديد إلا بالانعزال والبقاء وحيدا، إذ إن هذا الانعزال يساعده على مواصلة العيش بشكل سليم بالنسبة له، ومن المهم أن ندرك أن الخجل لا يعني الانطوائية وليس كل شخص انطوائي شخصا خجولا في الواقع.
ومن أجل التعرف على أهم الشخصيات، من المهم أولا معرفة سمات كل شخصية على حدة.

الشخصية الخجولة
في الواقع الشخص الخجول يخاف من تقييم أفعاله من قبل الآخرين ويفقد الثقة في نفسه، لهذا يفضل البقاء بعيدا أو مخفيا دون أن تسلط الأضواء عليه حتى لا يتعرض لمواقف يشعر فيها بالخجل.

الشخصية الودودة
شخصية اجتماعية مرحة، محبة للآخرين وتحب التجمعات، ولا تخشى تواجدها وسط الآخرين.

الشخصية الانطوائية
صاحب هذه الشخصية لا يحب الاختلاط مع الآخرين، وتواجده مع الآخرين يستنزف كل طاقاته، لهذا، وحتى يستعيد قدرته وطبيعته، فهو في حاجة ماسة إلى البقاء لمفرده فترات طويلة حتى يعود لطبيعته.

الشخصية المنفتحة
هو شخص يحب الاختلاط والتجمعات وهو ليس شخصا ودودا فحسب، بل إن نفسيته تتحسن كثيرا بتواجده مع الآخرين، فيما أن بقاءه وحيدا يستنزف طاقته، لهذا فإن سعادته تكمن في الاختلاط مع الآخرين.
يمكن أن تجتمع الشخصيتان معا في شخص واحد، إذ تجد، مثلا، شخصا يجمع بين الشخصية الودودة والشخصية المنفتحة في الوقت نفسه، وهذا الشخص يكون في حاجة للاختلاط ولا يخاف التجمعات.
الشخصية الثانية هي الشخصية الخجولة والمنفتحة، أي أن الشخص من هذا الصنف يحتاج لمخالطة الناس، لكنه في الوقت نفسه يخاف منها.
والنوع الثالث هو صاحب الشخصية الودودة والانطوائية، أي أنه لا يخاف من التجمعات، لكن هذه التجمعات تستنفد طاقته بسرعة ويحتاج للاختلاء بنفسه.
أما النوع الرابع فيهم شخصية تجمع بين الانطوائية والخجل، أي أن الشخص يخاف من التجمعات وفي الوقت ذاته المخالطة تفقده طاقته ويحتاج للبقاء وحيدا.
ولتحديد أنواع الشخصية بدقة، فإن الطبيب النفسي يعتمد على برامج واستبيانات يتم من خلالها اختبار الشخصيات لمعرفة طبيعتها وأين تقع بالتحديد.

مصدر الخجل
يأتي الخجل نتيجة للعديد من العوامل، منها ما هو وراثي ومنها ما هو مكتسب.
إذ إن للجينات الوراثية دورا أساسيا في تحديد بعض السمات، حيث إن نسبة عشرين في المائة من الحالات ترث هذا الخجل من الأسرة، لكن دون أن ننسى أن الخبرات التي يواجهها الشخص في حياته لها دور كبير في تحديد شخصيته وسماتها. وأيضا طريقة تعامل الآخرين مع هذه الشخصية، فكلما كان التعامل معها بشكل جيد كانت قادرة على التغلب على الخجل.
هناك العديد من مميزات الشخصية الخجولة، بحيث إنها تكون ذات شخصية متواضعة، والخجل المقبول يزيد الشخص جاذبية.
من المهم أن يكون صاحب الشخصية الخجولة قادرا على معرفة شخصيته، وأن يتحدث عنها ويعترف بها، ويحاول قدر الإمكان التعايش مع شخصيته هذه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى