حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةدين و فكر

الخليفة المهدي والرؤيا

جاء في الإمتاع والمؤانسة أن عامة الناس تساءلوا ماذا استحق سعيد بن عبد‬ ‫الرحمن أن ولاه المهدي القضاء وأنزله منه تلك المنزلة الرفيعة؟ فقال: إن خبره باتصاله بالمهدي طريف، فقد دخل الربيع الحاجب حين أفضت الخلافة إلى المهدي وقال له: استأذن لي أدخل على أمير المؤمنين،‬ فقال له: من أنت وما حاجتك؟ قال: أنا رجل قد رأيت لأمير المؤمنين أعزه الله رؤيا صالحة، وقد أحببت‬ ‫أن تذكرني له، فقال الربيع: يا هذا، إن القوم لا يصدقون في ما يرونه لأنفسهم فكيف بما يراه لهم غيرهم،‬ ‫فاحتل بحيلة غير هذه، فقال: إن لم تخبره بمكاني سألت من يوصلني إليه وأخبره إني سألتك الإذن لي عليه‬ ‫فلم تفعل، فدخل الحجاب الربيع على المهدي، فقال له: يا أمير المؤمنين، إنكم قد أطمعتم الناس في أنفسكم فقد‬ ‫احتالوا عليكم بكل ضرب.‬ ‫فقال له المهدي: هكذا تصنع الملوك فماذا؟ قال: رجل بالباب يزعم أنه رأى لأمير المؤمنين أيده الله رؤيا‬ ‫حسنة، وقد أحب أن يقصها عليك.‬ ‫فقال المهدي: يا ربيع، إني والله أرى الرؤيا لنفسي فلا تصح لي فكيف يمكن ادعاؤها ممن لعله قد افتعلها؟ ‫قال: والله قلت له مثل هذا فلم يقبل.‬ ‫قال: هات الرجل.‬ ‫فدخل عليه سعيد وكان له رؤية وجمال ومروة ظاهرة ولحية عظيمة ولسان طلق، فقال له: ما رأيت‬ ‫بارك الله فيك؟ قال: رأيت يا أمير المؤمنين آتيا أتاني في منامي فقال: أخبر أمير المؤمنين أنه يعيش ثلاثين سنة‬ ‫في الخلافة، وآية ذلك أنه يرى في ليلته الآتية في منامه كأنه يقلب جرة فيجد فيها ثلاثين ياقوتة‬ ‫كأنها قد وهبت له.‬‫ فقال المهدي: ما أحسن ما رأيت، ونحن نمتحن رؤياك في ليلتنا المقبلة على ما أخبرتنا: فإن كان الأمر على‬ ‫ما ذكرت أعطيناك فوق ما تريد، وإن كان الأمر بخلاف ذلك لم نعاقبك لعلمنا أن الرؤيا الصالحة ربما‬ ‫صدقت وربما اختلفت.‬ ‫قال: يا أمير المؤمنين، فما أصنع أنا الساعة إذا صرت إلى منزلي وعيالي وأخبر‪هم أني كنت عند أمير‬ ‫المؤمنين أكرمه الله، ثم رجعت صفر اليد؟ فقال له المهدي: فكيف نعمل؟ فقال: يعجل لي أمير المؤمنين ‫أعزه الله تعالى ما أحب وما أحلف له بالطلاق إني قد صدقت. ‬‫فأمر له بعشرة آلاف درهم وأمر بأن يؤخذ له كفيل ليحضر من غد ذلك اليوم فقبض المال وقال له: من ‫يكفلك؟ فمد عينه إلى خادم حسن الوجه والزي وقال: هذا يكفلني. ‫فقال له المهدي: أكفله يا غلام؟ ‫فاحمر وخجل، وقال: نعم يا أمير المؤمنين، فكفله وانصرف سعيد بن عبد الرحمن بالعشرة آلاف درهم. ‫فلما كانت تلك الليلة رأى المهدي ما ذكره له سعيد حرفا بحرف وأصبح سعيد فوافى الباب واستأذن، فأذن له. فلما وقعت عين المهدي عليه قال له: أين مصداق ما قلت لنا عليه؟ فقلت له: وما رأى أمير ‫المؤمنين. فضحك في جوابه، فقال له: امرأتي طالق إن لم تكن رأيت شيئا؟ فقال: لأني أحلف على صدق.‫ قال له المهدي: فقد والله رأيت ذلك مبينا، ‫فقال سعيد: أنجز لي يا أمير المؤمنين ما وعدتني. فقال المهدي: حبا وكرامة.‬ ‫ثم أمر له بثلاثة آلاف دينار وعشر تخوت ثياب من كل صنف وثلاثة مراكب من أنفس دوابه محلاة ‫فأخذ ذلك وانصرف فلحق به الخادم الذي كان كفله. وقال: سألتك بالله هل لهذه الرؤيا من أصل؟ فقال ‫سعيد: لا والله.‬ ‫فقال الخادم: كيف وقد رأى أمير المؤمنين ما ذكرته؟ قال: هذا من المخاريق التي لا أب لها، وذلك أني لما‬ ‫ألقيت هذا الكلام خطر بباله وحدث به نفسه وأسرى به قلبه واشتغل به فكره ففي ساعة نام خيل له ما ‫حل في قلبه واشتغل به فكره فنام فرآه.‬ ‫فقال له الخادم: قد حلفت بالطلاق.‬ قال: طلقة واحدة وبقيت معي على اثنتان وأزيد مهرها عشرة دراهم. وأتحصل على عشرة آلاف درهم ‫وثلاثة آلاف دينار وعشرة تخوت من أصناف الثياب، وثلاثة مراكب فارهة.‬ ‫فبهت الخادم وتعجب من ذلك. فقال له سعيد: قد صدقتك وجعلت ذلك مكافأتك على كفالتك فاستر ‫علي.‬ ‫ثم طلبه المهدي لمنادمته فنادمه وحظي عنده وقلده القضاء على العسكر. فلم يزل كذلك حتى مات.‬

‫المهدي والأعرابي‬
يحكى أن المهدي خرج يتصيد، فسار به فرسه حتى دخل إلى خباء أعرابي، فقال: يا أعرابي. هل من قرى؟‬ ‫قال: نعم، فأخرج له قرض شعير فأكله، ثم أخرج له فضلة من لبن فسقاه، ثم أتاه بنبيذ في ركوة فسقاه‬ قدحا فلما شرب قال: يا أخا العرب أتدري من أنا؟ قال: لا والله.‬ ‫قال: أنا من خدم أمير المؤمنين الخاصة.‬ ‫قال: بارك الله في موضعك.‬ ‫ثم سقاه قعبا آخر فشربه فقال: يا أعرابي، أتدري من أنا؟ قال: زعمت أنك من خدم أمير المؤمنين‬ ‫الخاصة.‬ ‫قال: لا، بل أنا من قواد جيش أمير المؤمنين.‬ قال: رحبت بلادك وطاب مرادك.‬ ‫ثم سقاه ثالثا فلما فرغ منه قال: يا أعرابي، أتدري من أنا؟ قال: زعمت أنك من قواد أمير المؤمنين.‬ قال: لا، ولكني أمير المؤمنين.‬ ‫فأخذ الأعرابي الركوة وأفرغها وقال: ولله لو شربت الرابع لادعيت أنك رسول لله.‬ ‫فضحك المهدي حتى غشي عليه وأحاطت به الخيل ونزلت إليه الملوك والأشراف فطار قلب الأعرابي‬ ‫فقال له: لا بأس عليك ولا خوف ثم أمر له بكسوة ومال.‬

‫الهادي والخارجي‬
كان الهادي يوما في بستان يتنره على حمار، ولا سلاح معه وبحضرته جماعة، ‬‫من خواصه وأهل بيته، فدخل عليه حاجبه وأخبره أن بالباب بعض الخوارج له بأس ومكايد، وقد ظفر به‬ ‫بعض القواد فأمر الهادي بإدخاله فدخل عليه بين رجلين قد قبضا على يديه. فلما أبصر الخارجي الهادي‬ ‫جذب يديه من الرجلين واختطف سيف أحدهما وقصد الهادي ففر كل من كان حوله وبقي المهدي وحده، ‫ثابت على حماره، حتى إذا دنا منه الخارجي وهم أن يعلوه بالسيف أومأ إلى وراء الخارجي وأوهمه أن‬ ‫غلاما وراءه وقال: يا غلام اضرب عنقه، فظن الخارجي أن غلاما وراءه والتفت الخارجي، فترجل الهادي‬ ‫مسرعا عن حماره فقبض على عنق الخارجي وذبحه بالسيف الذي كان معه، ثم عاد إلى ظهر حماره من‬ ‫فوره، وأتباع الهادي ينظرون إليه ويتسللون عليه وقد ملئوا منه حياء ورعبا فما عاتبهم ولا خاطبهم في‬ ذلك بكلمة، ولم يفارق السلاح بعد ذلك اليوم، ولم يركب إلا جوادا من الخيل.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى