شوف تشوف

الريع على حقو وطريقو (2/1)

بالتزامن مع الحملة الشعبية المطالبة بإلغاء معاشات وتقاعد الوزراء والبرلمانيين، والتي وضعت جل الأحزاب السياسية في موقف حرج، وسارع بعضها إلى تقديم مقترحات قوانين في هذا الشأن، يجري داخل كواليس مجلس النواب نقاش مواز يقوده شباب ونساء «ريع» اللائحة الوطنية، من أجل تعديل المادة 5 من القانون التنظيمي لمجلس النواب، لكي يستفيدوا من ولاية ثانية ضمن نفس اللائحة، لأن المادة 5 تمنع كل مستفيد من مقعد برلماني ضمن اللائحة الوطنية من الترشح لولاية ثانية ضمن نفس اللائحة، في إطار «التناوب» على الاستفادة من هذا «الريع الحزبي» بين أبناء وزوجات المتحكمين في الأحزاب السياسية.
فإلى جانب ريع تقاعد البرلمانيين والوزراء، هناك ريع من نوع آخر لا يتحدث عنه أحد هو لائحة الشباب ولائحة النساء، التي دخل بموجبها 30 شابا و60 امرأة إلى قبة البرلمان دون أن يصوت عليهم أحد، في إطار «كوطا» 90 مقعدا ضمن 395 عضوا تتكون منهم الغرفة الأولى للبرلمان.
وبعد مرور أربع سنوات من عمر الولاية التشريعية الحالية، أصبحت الضرورة تفرض نفسها لتقييم أداء المستفيدين والمستفيدات من هذه المقاعد، التي سيخرج أصحابها بتقاعد مريح بمبلغ 8 آلاف درهم في الشهر، رغم أن بعضهم لن يتجاوز سنهم 30 سنة، وبذلك سيدخل البرلمان المغربي إلى كتاب «غينيس» بتخريجه لأصغر المتقاعدين في العالم.
وأثارت اللائحة الوطنية للشباب جدلا دستوريا وقانونيا، بين من اعتبرها ريعا سياسيا، ومن اعتبرها ضرورة فتح المجال أمام الشباب للعمل السياسي، فيما يرى آخرون أن اللائحة الوطنية تعد خارج الثوابت الديمقراطية، لأنها لا تعكس الاختيارات الحقيقية للناخبين عبر صناديق الاقتراع باعتبارها التعبير الأسمى عن إرادتهم. وحملت لائحة الشباب الكثير من الانتقادات، خلافا للائحة النساء التي اعتبرها المتتبعون مقبولة من الناحية السياسية والاجتماعية، لأنها تقوم على التمييز الإيجابي، لتمكين النساء من ولوج المؤسسة التشريعية، وتسهيل ولوجهن للعمل السياسي.
لكن مع إقرار اللائحة الوطنية وجهت لها انتقادات لكونها تقوم على التمييز الفئوي، وتفتح المجال أمام تشجيع الريع السياسي، وهو ما تجسد فعلا بعد الانتخابات التشريعية التي جرت يوم 25 نونبر 2011، حيث غابت المعايير السياسية في اختيار المرشحين، وتم مقابل ذلك تغليب منطق العلاقات العائلية والولاء الحزبي في اختيار النساء والشباب المرشحين، كما أن أغلبهم غير معروفين في أوساط مناضلي أحزابهم السياسية، ومنحت لهم التزكية للترشح ضمن اللائحة الوطنية، ما جعل الرأي السائد داخل المجتمع يعتبر هذه اللائحة مجرد «ريع حزبي» رفعت مطالب بإلغائه.
وبتصفح لائحة المستفيدين من مقاعد اللائحة الوطنية للنساء والشباب، يظهر أن الأحزاب وظفت اللائحة بشكل سلبي، باعتماد معايير الزبونية والمحسوبية والقرابة العائلية في إعداد لوائح المترشحين، وبرز ذلك في الغياب السياسي وبالبرلمان لهؤلاء، لأن هناك منهم من استفاق ووجد نفسه برلمانيا، وهناك من يعتبر البرلمان مجرد مجال للاستفادة من الامتيازات والسفريات وليس تكليفا بمهمة.
بعد ظهور نتائج الانتخابات التشريعية، التي جرت نهاية سنة 2011، تم اقتسام «كعكة» اللائحة الوطنية بين الأحزاب الثمانية الممثلة داخل البرلمان، وحصل حزب العدالة والتنمية على 24 مقعدا من أصل 90 مقعدا، منها 16 للنساء و8 لشبيبة الحزب، أغلبهم تحكم في اختياره منطق القرابة من «الزعيم» بنكيران. وبإطلالة على حصيلة «الناجحين» و«الناجحات» في اللائحة، نجد أن بسيمة الحقاوي، «وكيلة» اللائحة، تركت مقعدها بعد حصولها على كرسي وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة والتضامن، وكذلك الشأن بالنسبة لجميلة المصلي، التي عوضت سمية بنخلدون في منصب وزيرة منتدبة لدى الوزير الداودي، بعد فضيحة «الكوبل الحكومي» التي أخرجت الثنائي من الحكومة.
أما البرلمانية رقية الرميد، أخت وزير العدل والحريات، فتركت ملفات البرلمان، وقضت معظم وقتها داخل المحاكم في تحريك الملفات والشكايات ضد جريدة «الأخبار». أما أشهر برلمانية استفادت من «ريع» اللائحة الوطنية هي أمينة ماء العينين، فقبل تسخين مقعدها تحت «القبة» «دبرت» على زوجها بتنقيله من إقليم تيزنيت حيث كان يشتغل في التعليم، إلى وزارة «الشوباني اللذيذ» وتعيينه رئيس مصلحة، أما هي فـ«دبرت» على منصب بالمجلس الأعلى للتربية والتكوين، عن طريق نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، الذي حصلت مؤخرا على العضوية بمكتبه التنفيذي مع الحلوطي، وقبل أن تصبح برلمانية بعد فوزها بالمقعد البرلماني ضمن اللائحة الوطنية للنساء بحزب العدالة والتنمية، كانت ماء العينين تشتغل في قطاع التعليم.
أما الشباب الثمانية الذين ولجوا إلى قبة البرلمان عن طريق اللائحة، فأصبح دورهم مقتصرا في الدفاع عن القرارات التي تتخذها الحكومة، ومهاجمة الأصوات المعارضة، كما يفعل خالد البوقرعي، الكاتب العام للشبيبة، الذي وجد الطريق سالكا إلى البرلمان قادما إليه من جبال قبيلة «البرانس» بنواحي تازة، بعدما كان يدير مدرسة خاصة بمكناس. وبدأ البوقرعي نشاطه في صفوف فصيل طلبة الوحدة والتواصل بجامعة محمد بن عبد الله بفاس، حيث كان مسؤولا عن الذراع الطلابي لحركة التوحيد والإصلاح، وعاش فصول الأحداث الدامية التي شهدتها الجامعة بين الطلبة القاعديين والإسلاميين، وولج قبة مجلس النواب، عن طريق «ريع اللائحة»، إلا أن حصيلته داخل المجلس تكاد تكون منعدمة، فهو نادرا ما يتدخل في الجلسات العامة، ويقتصر حضوره داخل لجنة الخارجية والشؤون الإسلامية، فيما يغيب عن اجتماعات اللجان التي تخصص لمناقشة القضايا الاقتصادية والاجتماعية والشبابية.
كما يوجد ضمن اللائحة، «الممثل» ياسين أحجام، الذي يعد من أكثر البرلمانيين غيابا عن الجلسات العامة واجتماعات اللجان البرلمانية التي تخصص لمناقشة قضايا مهمة، ولا يحضر إلا ليأخذ الصور مع المعجبات داخل بهو وممرات البرلمان.
بالنسبة لحزب الاستقلال، فقد حصل على 13 مقعدا باللائحة الوطنية، منها 9 مقاعد للنساء، و4 مقاعد للشباب، اقتسمها «شيوخ» الشبيبة الاستقلالية في ما بينهم، وهم عبد القادر الكيحل، وعادل بنحمزة، اللذان وضعهما عباس الفاسي، وكانت حصيلتهما خلال الولاية الحالية هي تفرغهما لاستكمال دراستهما الجامعية، والحصول على صفة «دكتور»، بالإضافة إلى عادل تشكيطو، الذي اشتهر أكثر في قصة الفيديو الذي نصب عليه فيه شباب من واد زم أوحوا له بأن يدردش مع شابة جميلة، قبل تصويره وابتزازه.
أما لائحة النساء فتحكم منطق العائلة والقرابة في توزيع مناصبها، ومنهن فاطمة طارق، زوجة حميد شباط، وزينب قيوح، ابنة علي قيوح القيادي بالحزب، وهي أخت عبد الصمد قيوح، وزير الصناعة التقليدية السابق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى