شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

السلطة الرابعة المغيبة

الذي تابع تغطية القنوات الإسبانية العمومية والخاصة، خلال تغطيتها الإعلامية المتعددة لزيارة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز للمغرب، والعدد الكبير للقنوات والمنابر المرافقة للمسؤول الإسباني، سيكتشف مدى حرص المسؤول الإسباني الشديد على أن تأخذ الصحافة بكل تلاوينها مكانتها ودورها في مقدمة الصفوف، أثناء اللقاءات الديبلوماسية، وأن تكون قريبة جدًا من الأحداث للاطلاع عن كثب على التفاصيل الكاملة ونقلها للرأي العام الإسباني بكل تجرد.

ولكم أن تتخيّلوا ما تشكّله عشرات التصريحات من مشقة وعناء، ولكن المسؤول الإسباني ومرافقيه لم يرفضوا ولم يتهربوا، وأعطوا كل ذي حق حقه، حسب ما وُجّه إليهم من أسئلة واستفسارات. وهذا كان بحق درسا بليغا عن مكانة السلطة الرابعة لدى مسؤولي الدول، وعمّا يكنّه رئيس حكومة ووزراء للصحافة ومكانتها لديهم في أنشطة استراتيجية بالنسبة إلى بلدهم، ونرجو أن يكون في ذلك عبرة وقدوة للمسؤولين المغاربة الذين يشعرون بالأمان والسعادة فقط حينما تبتعد الصحافة عن قطاعهم.

والحقيقة أن الصحافة، سيما غير العمومية، تعاني من إقصاء وتهميش الوزراء والمسؤولين أثناء أنشطتهم الرسمية بالخارج، بل ينظرون إلى أنها عبء ثقيل على تحركاتهم، وحتى أولئك الذين كانوا يحرصون في السابق على مصاحبة الصحافة في أنشطتهم القطاعية، باتوا اليوم جد متحفظين تجاه هذا الأمر، ويبحثون كيف يتخلصون منها باستدعاء كوكبة من الصحافيين الباهتين الذين لا حضور ولا تأثير لهم خارج صالوناتهم بالدار البيضاء، والتي يغشونها للنميمة والثرثرة وتبادل المنافع وبطاقات الزيارة.

فمتى يدرك المسؤولون أن الإعلام المستقل ليس خصما للحكومة أو البرلمان أو هيئات الحكومة وكل المؤسسات الدستورية والسياسية؟ وأنه، كما في باقي دول العالم، وسيلة لنقل الأخبار ومراقبة الأداء الحكومي، وقبل ذلك يسعى إلى الحصول على المعلومات من مصادرها لتبليغها لدافعي الضرائب الذين يؤدون رواتب هؤلاء المسؤولين.

والواضح أن العلاقة بين الصحافة المستقلة والمسؤولين تمر منذ سنوات بلحظات برودة وفراق، حرصت خلالها الصحافة على ممارسة أدوارها في نقل الخبر رغم الصعوبات في التواصل والحصول على المعلومة، وتحملت كل أشكال الإهمال والنظرة الدونية من المسؤولين، أملاً في نضج التجربة السياسية، ولكن النظرة الضيقة استمرت، والمعاملة المهينة تواصلت، حتى انتهى الأمر إلى نسيان المسؤولين، أثناء نشاطاتهم، أن هناك شيئا اسمه مصاحبة الصحافيين في أنشطتهم، وهذا ليس إحسانا أو منة منهم، بل هو واجب عليهم كمسؤولين يمثلون الوطن ويحصلون على أجورهم من دافعي الضرائب، فلا تنتظروا، والحال هذه، أن تقابل هذه الدونية بتصفيق وتهليل الصحافة، فقد كان من المفترض أن يعي الوزراء دورهم ويقوموا به على الوجه الأمثل، ويتركوا للصحافة القيام بعملها، لا أن يتجاهلوها ويعتبروها مصدر إزعاج لأنشطتهم وعدوا لنجاحاتهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى