حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

الصفقات العائلية

في الوقت الذي ينص فيه الدستور المغربي، بشكل واضح، على مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وضمان تكافؤ الفرص في الولوج إلى الصفقات العمومية، تتزايد مؤشرات استفحال ظاهرة «الصفقات العائلية»، حيث يستغل وزراء وبرلمانيون ورؤساء جماعات ترابية، ومسؤولون على رأس مؤسسات عمومية، مواقعهم وسلطتهم التي يخولها إليهم القانون لتمكين أقاربهم وزوجاتهم من الفوز بصفقات بالملايير، دون أدنى احترام للأخلاقيات وواجب الصدق في خدمة المغاربة والشأن العام بنُكران للذات.

ولعل ما يقوم به أصحاب «الصفقات العائلية» لم يعد يخفى على أحد، بعد انفجار فضائح متتالية لتفويتات مشبوهة والخلط بين التجارة والمسؤولية وسلطة التوقيع، وربط علاقات مصالح متشعبة داخل الوزارات مع الموظفين والمسؤولين، وليس بالضرورة الحزب الذي يسير الوزارة، ما يُجهز على ما تبقى من مبادئ الشفافية والعدالة، ويساهم في تفشي مظاهر الزبونية والمحسوبية، وأخطر من ذلك دفع المواطن المتتبع إلى التطبيع معها وممارسة سياسة «تخراج العينين»، حتى في الحالات التي تقدم فيها أرقام ومعلومات مضبوطة حول الفساد.

فالمسؤول أو البرلماني أو رئيس الجماعة، يجب عليه أن يكون أول ضامن لمبدأ تكافؤ الفرص واحترام الدستور، وأول من يدافع عن كتمان السر الإداري وعدم تسريب معلومات الصفقات العمومية، لا أن يُصبح في طليعة من يمتطي حصان السلطة المخول له في إطار القانون، ليجهض أحلام الشباب في التنافس الشريف حول المناصب والصفقات، ويدفع بالمقربين وأفراد العائلة إلى تأسيس شركات شكلية تولد وبفمها ملعقة من ذهب، وهدفها الوحيد هو الاستفادة من صفقات تم تفصيل وتسريب طلبات عروضها مسبقا، في خرق صريح للقوانين والأخلاقيات.

ورغم أن المساطر تبدو قانونية في ظاهرها، وهو ما يبرر بعض الجرائم في حق تكافؤ الفرص، إلا أن التحايل على القانون لا يعني النزاهة ولا يعني أسطوانة أن المقربين من المسؤولين والمنتخبين هم بدورهم مواطنون، ببساطة لأنه لا أحد نزع عنهم صفة المواطنة، والمفروض أن يتم التعامل مع ملفاتهم بالعدل، وليس الفوز بجل الصفقات بشكل يثير الريبة.

لقد تحولت بعض طلبات العروض إلى مجرد مسرحية لإضفاء الشرعية القانونية على التنافس، في حين يكون الفائز معروفا بشكل مسبق، وقام بتجهيز كل المعدات للشروع في الأشغال، والباقي من الملفات المتنافسة يتم استغلالها في إضفاء الشرعية المزعومة، وتقديم تقارير إلى لجان التفتيش التي تحتاج بدورها إلى مزيد من الجدية في البحث وتفعيل المحاسبة.

إن فساد الصفقات العائلية يُخلف رداءة في الخدمات العمومية، بسبب غياب الكفاءة والمنافسة الشريفة، ويتسبب في تضخم الفواتير، وهدر المال العام، والأخطر نشر الإحباط في نفوس الشباب ودفعهم إلى فقدان الثقة في التغيير والمشاركة السياسية، وغياب المحاسبة، بسبب التعاطف العائلي.

وطبعا لا يجب إغفال استغلال هذه الشبكات العائلية والسياسية لتحويل المؤسسات العمومية إلى أدوات للدعاية الانتخابية لبعض الأحزاب، لذلك نحن في أمس الحاجة الآن إلى وقف نزيف الصفقات المشبوهة، من خلال رقابة صارمة قبل وأثناء وبعد تفويت الصفقات، والتحقيقات الشفافة في كل حالات شبهات الفساد واستغلال المنصب، فقد أصبحت المصالح الخاصة تتغول على حساب الصالح العام، وفوق كل هذا رفض كل انتقاد أو إشارة لمكامن الداء، والخروج بوجه مكشوف لحراسة المكاسب دون خجل، بحيث لا يسعنا هنا إلا ترديد المثل العامي: «الله يعطينا وجهكم».

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى