شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

العاصفة العلمية (1)

 

 

بقلم: خالص جلبي

حاليا يتم التحدث عن الذكاء الصناعي وهو ليس بالجديد، والجديد فيه التخريف من قوم يزعمون أنهم سيكلمون الموتى، كما جاء في آية سورة «الرعد» ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطِّعت به الأرض أو كُبم به الموتى، وهناك من الوعاظ الشعبويين، خاصة منهم المصريين من يراهن على زيارات وندوات تتم تحت الأرض بين الموتى، ولكن العاصفة العلمية شيء مختلف كما سنورد فهي تكتسح الطبيعة وتعيد ترتيب العلاقات، وهي بالتالي تكنس الأوضاع وتعيد تنظيم علاقات القوة وتوزيع الثروة، والعلم يقلب التصورات في قفزات كمية؛ ليحدث في النهاية ثورات علمية نوعية، كما جاء ذلك بالتفصيل في كتاب بنية الثورات العلمية لتوماس كون، نحن اليوم نمشي فوق زلزال علمي يقذف حممه دون توقف. 

أما في مجتمعنا فهناك مثلث خطير لـ«الطابو»، كما في (كابينات الكهرباء) عليه جمجمة وعظمتان لا يجوز لمسه: السياسة والدين والجنس، ومن نظام التحريم والمنع تشكلت ثلاث ظواهر: ففي السياسة عششت التنظيمات السرية تحت الأرض، وانفجر العنف، وسرت حالة الطوارئ إلى أجل غير مسمى، سرعان ما تم مسحها لتستبدل بما هو أدهى وأمر من قانون مكافحة الإرهاب وتشكيل عصابات من القتلة تحت اسم فرق المكافحة والمداهمة والتوقف في حواجز لا نهاية لها لا يلج منها الجمل في سم الخياط، إلا برشوة موزونة من ذهب وفضة ودولار أخضر. كما في دمشق المخطوفة، والعراق المنهوب، واليمن السعيد بدون سعد وسعادة، أو حفتر يحفر ما حوله بمخالب نفطية يشتم منها رائحة الغازوال قوية. 

ومع التعصب تشكلت ظواهر الهرطقة والرفض، وولادة داعش وفاحش، أو كل من فرق التكفير والقبوريين الذين ما زالوا يبحثون عن قبر أم كلثوم، زوجة عثمان رضي الله عنه، بعد أن عثروا على قبر رقية وفاطمة، أما زينب فعثر على عظامها بفرق علمية من معهد ماساشوست للتكنولوجيا (Massachusetts)

(Institute of Technology، أكدت النسب النبوي بتقنية الكاربون 14 والميتوكوندريا الخلوية أنها نبوية طاهرة تقية نقية، فأنشؤوا حول القبر المزعوم مدينة كاملة بفرقة إيرانية جاهزة للإعدام الفوري.

وفي الجنس أغلقنا الطريق أمام تشكيل أي ثقافة جنسية، تمزج الحياء بالعلم فانفجرت السعودية بجنون لا ديني مواز للجنون الديني السابق، وفق قانون نيوتن الثالث في الميكانيكا أن كل فعل له فعل مضاد في الاتجاه ومواز له في القوة، باستثناء طفيف أضافه المؤرخ توينبي؛ أن الارتدادات في علم الاجتماع أعتى وأكثر تدميرا. ويرسم على ذلك قانون صدام الحضارات كل ألف عام. أما اللواط فحرام التحدث فيه، بل توضع كلمة مؤدبة للغاية (المثلي HOMSEXUAL)، ويتقدم وزير معتبر في أمريكا فيقدم زوجته (الرجل المثلي) بدون (عكار في الشفاه) أنها زوجته المصونة، ويُخطف أطفال المهاجرين في السويد وألمانيا أن عليهم أن يعتادوا على نمط اللازوجية في الحياة، إلى درجة أن طفلا يسأل ببراءة، ومن أين سيأتي الأطفال (بالإنجليزية= KIDS

لا بد إذاً من تشكيل التيار العقلي النقدي؛ كي تتحرر حركة العلم، وينشط التفكير الحر بدون خوف من المساءلة، فيخترق «الطابو»، ويسلط أشعته على السياسة فيعري آلياتها، كما جاء كتاب «العبودية المختارة» كتابة الشاب (إتيان دو لابويسي) منذ عام 1562 عن صناعة آلة الطغيان في السياسة. 

كذلك تسليط الضوء على أسرار الجنس وخفاياه المشحونة بالهلوسة، التي رأيناها عند الأعراب حتى انفجر الحياء ما يذكر بالحج أيام الجاهلية وهم عرايا، كما تحدث القرآن عن الصفير والتصفيق وما شابه في مواسم الحج (وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية)، والاهتمام بالدراسة النقدية للنصوص فنعيد اكتشاف اللحظة التاريخية، كيف يولد الدين كقوة تحريرية؛ لينقلب لاحقا على يد فريق من أتباعه إلى كوابح عقلية وإرهاب فكري.

الغرب تمكن من تفكيك بعض من هذه الإشكالية مع انحرافات مخيفة، لكنه استطاع أن يوجد في السياسة الديموقراطية، وتشكلت عنده حرية الاعتقاد دخولا وخروجا، فيبدل الإنسان معتقده مثل قمصانه ولا يأبه، ولم يعد الجنس «طابوها»، بل هو مستنقع مزبلة مع نهاية الحياء، كما جاء في الحديث الإيمان والحياء قرنا جميعا.

وخلال فترة قصيرة تم الإعلان عما لا يقل عن عشرة اختراقات علمية في (الفيزياء الذرية)، أعلن الفيزيائي «أولرت» من معهد «سيرنCERN » في جنيف عن تصنيع مضاد المادة (ANTIMATERIAL). وفي (الكوسمولوجيا) أعلن عن العثور على (كوكب بيغاسوس)، يبعد 52 سنة ضوئية عن النظام الشمسي، بتطبيق ظاهرة (ترنح النجم). وفي (البيولوجيا) بعد إعلان «أيان ويلموت» من اسكتلندا، عن أول نجاح له بتوليد النعجة دوللي، بواسطة الاستنساخ الجسدي، وفي (الأنثروبولوجيا) استطاع الأمريكي «دونالد جوهانسون» انتشال هيكل  «لوسيLUCY  » المدفون في طبقات الأرض قبل 3.2 ملايين سنة. وفي (الطب) أعلن الأخوان الصقليان «فاكانتي» عن ثورة جديدة في استنبات الأعضاء، بتعاون علم البيولوجيا والكمبيوتر والهندسة الحيوية. ويتقدم الطب بكسر المسمات السابقة، كما فعل جراح العظام الروسي «أليزاروف»، بمعالجة العظم ليس بالتجبير، بل بالكسر. وفي (الكيمياء) قفز العلم إلى حل مشكلة جنسية، يعاني منها الرجال منذ أيام حمورابي، بالإعلان عن الماسة الزرقاء (VIAGRA). وفي (علم الخلية) أعلن الثنائي «جيري شاي» و»وودرنج رايت» من تكساس عن استنساخ إنزيم (التيلوميراز)، الذي يمكن أن يمط العمر إلى ما يشبه أصحاب الكهف بدون نوم. وفي (أبحاث الأعصاب) في السويد من جامعة «لوند» أعلن طبيب الأعصاب «وايدنر» عن بداية رحلة زرع الدماغ لمعالجة مرض باركنسون. وفي (أبحاث الجينات) من لوس ألاموس وصل العلماء بمشروع الماموت الجديد (الجينوم البشري= HGP) العالمي إلى فك الشيفرة الوراثية. وفي أبحاث (التاريخ) قامت الكنيسة بما يشبه (بيريسترويكا) بالسماح بالاطلاع على 4500 ملف سري من أيام محاكم التفتيش

Tribunal del Santo Oficio de la)

(Inquisición.  

 

نافذة:

العاصفة العلمية شيء مختلف كما سنورد فهي تكتسح الطبيعة وتعيد ترتيب العلاقات وهي بالتالي تكنس الأوضاع وتعيد تنظيم علاقات القوة وتوزيع الثروة

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى