شوف تشوف

العميد والكبوط 2.2

 

 

إذا كان السيد وزير التعليم حريصا على سمعة الجامعة بإقدامه على إعفاء عميد بالنيابة دون ذكر الأسباب، فإن الأجدر به أن يكون أحرص على أموالها من التبذير وسوء التسيير.

وإذا أردنا أن نتحدث عن الفوضى المالية والمحاسباتية فهذه حكاية أخرى، فإذا ألقينا نظرة على الوثائق الخاصة بالسنة المالية 2017-2018، سنجد أن حديث الرأي العام عن أجور الوزراء والبرلمانيين وتعويضاتهم الخيالية ينبغي أن يشمل أيضا رؤساء الجامعات، إذ بدل أن يتم تكريس ميزانيات الجامعات في خدمة البحث العلمي وتكوين الطلبة، فإنها تتحول إلى حسابات المسؤولين، الذين يصرفون على أنفسهم كرجال أعمال وليس باعتبارهم مسؤولين عموميين.

ففي هذه الوثائق نجد أن رئيس هذه الجامعة حسن سهبي حصل سنة 2017 على 110 ملايين سنتيم ما بين الأجرة والتعويضات، والرقم نفسه حصل عليه سنة 2018، كما أن رقم 30.20 مليون سنتيم تم تخصيصه كتعويضات عن السكن سنة 2017 و30.10 مليون سنتيم سنة 2018.

أما تعويضات السيارة فهي 82 مليون سنتيم سنة 2017 و75.60 مليون سنتيم سنة 2018، فيما وصلت التعويضات عن الكيلومترات إلى 117 مليون سنتيم سنة 2017 و93 مليونا سنة 2018، وإصلاح السيارات وصل إلى 13 مليون سنتيم في كلتا السنتين على التوالي.

أما التعويضات عن التنقل داخل المملكة، فوصلت إلى 203 ملايين سنتيم سنة 2017 و151 مليونا سنة 2018، أما تعويضات المهام التي تم القيام بها في الخارج فوصلت سنة 2017 إلى 80 مليون سنتيم و93.98 مليونا سنة 2018، فيما بلغت تعويضات الإيواء والتغذية 81.50 مليون سنتيم سنة 2017 و64.90 مليونا سنة 2018، أما تعويضات الاستقبالات في اللقاءات الرسمية فوصلت سنة 2017 إلى 20 مليون سنتيم، وفي 2018 إلى 25 مليونا.

البنزين تم صرف 9 ملايين سنتيم سنة 2017 ليرتفع الرقم إلى 20 مليونا سنة 2018، أما مصروف “الكبوط”، عفوا اللباس، فقد بلغ 4 ملايين سنتيم سنة 2017 و6 ملايين سنة 2018.

يضاف إلى هذا أن مطبخ الرئاسة كلف 22 مليون سنتيم في هاتين السنتين، والحدائق كلفت 62 مليونا، والمساحات الخضراء 50 مليون سنتيم، مع العلم أن مساحة الحدائق في مقر رئاسة الجامعة لا تتعدى 600 متر مربع.

أما الحراسة فقد كلفت 142 مليونا، وإصلاح التجهيزات كلف 40 مليونا، وإصلاح المباني كلف 50 مليونا.

ميزانية تجهيز القاعات وتركيب الأجهزة حددت سنة 2017 في 91.5 مليونا وقفزت بشكل صاروخي إلى 426 مليون سنتيم في السنة الحالية.

أما ما يتعلق بحاجيات المكاتب فتم صرف 117 مليون سنتيم في السنة الماضية و94.5 مليونا هذه السنة. وفي مقابل هذه الأرقام الضخمة نجد أن ما صرفته رئاسة الجامعة للمختبرات والتجارب الميدانية لا يتعدى 10 ملايين سنتيم. العجيب هنا هو أن هذه الأرقام الخيالية صرفتها رئاسة الجامعة فقط، علما أن كل المؤسسات التابعة لها لديها ميزانية خاصة بها، ولم تستفد من أي درهم من المبالغ المشار إليها.

وهذه الأرقام الفلكية تخص فقط سنتين ماليتين، ولنا أن نتصور حجم المال العام الذي تم صرفه في هذه الجامعة على مدى أربع سنوات.

فالرئيس يحصل على ما يناهز 10 ملايين سنتيم شهريا، فضلا عن أجرته كأستاذ جامعي والتي تصل إلى 3 ملايين سنتيم، ثم يحصل سنويا أيضا على تعويضات عن التنقل والسكن والبنزين والتغذية، كما يستفيد هو وخمسة من الموظفين مما يفوق 100 مليون سنتيم سنويا كتعويضات كيلومترية.

فهل يعقل أن رئاسة هذه الجامعة، والتي هي عبارة عن بناية واحدة، تكلف 72 مليون سنتيم من أجل حراستها؟ هل يعقل أن تكلف هذه البناية 25 مليون سنتيم سنويا لإصلاحها والعناية بها؟

والمثير في هذا كله، هو أن رئاسة جامعة المولى إسماعيل خصصت 25 مليون سنتيم للكتب والوسائل التعليمية، علما أنها لا تتوفر على مكتبة، فما مصير هذه الكتب التي يتم اقتناؤها سنويا؟

ثم لماذا يتم تخصيص 5 ملايين سنتيم سنويا للألبسة في الوقت الذي لا تتوفر هذه الرئاسة على تقنيين يتوجب عليهم اقتناؤها؟

أما الكارثة الكبرى فهي تخصيص 220 مليون سنتيم للأساتذة الزائرين، فيما ليست هناك أية دروس تقدم في الجامعة، إذ إن كل مؤسسة تتكفل بتعويض الأساتذة الذين تستدعيهم.

ورغم هذا كله ترك معالي الوزير اقتحام هذه القلعة ومحاسبة العميد الذي يصرف المليارات وانشغل بحالة عميد بالنيابة.

سنصدق أن الوزير أمزازي لديه إرادة للإصلاح الجامعي عندما سيقتحم قلاع الفساد المعشش داخل بعض العمادات، أما إعفاء عميد بالنيابة سرق معطفا خارج الكلية فهذا اسمه ذَر الرماد في العيون لحجب العجز والخوف من محاربة اللصوص الحقيقيين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى