
يونس جنوحي
إن فرنسا على أبواب خوض حرب في المغرب قد تمتد مئة عام.
إسبانيا قد تتحرك على طول ساحل منطقة الريف.
قد نرى العَلم، ذا الألوان الثلاثة، يرفرف فوق المباني العامة والأبناك والمكتبات في الجزائر وتونس.
إيطاليا قد تنشر قواتها ونفوذها على طول ساحل طرابلس.
قد تؤسس إنجلترا لأمة مصرية جديدة، لكن عندما يُرسل الرحالة والمستكشفون السريون المنتشرون في صمت في شمال إفريقيا تقارير إلى رؤسائهم تحمل أخبارا مفادها أن خلايا الإسلام النائمة تتحرك بدون كلل، فإن حكماء أوروبا ومستشاريها، رغم المعاهدات والتحالفات، سيعملون على استئصال سبب الانزعاج ويتأكدون من زواله!
على الرغم من أن احتلال شمال إفريقيا أدى إلى انقراض بضع سلالات كانت تعيش في المنطقة، إلا أن الأمر لم يؤثر أبدا على وجود الإسلام عموما.
إن أوروبا كلها لا تستطيع إرسال العدد الكافي من الرجال إلى شمال إفريقيا لمواجهة أي موجة لإحياء الإسلام أو الجهاد، وحتى إن جرت محاولة من هذا النوع، هل سيقدر المسلمون في أوروبا وآسيا على الوقوف دون حراك والتفرج على إخوانهم؟
سوف تأتي من جهة الشرق أفواج من المجاهدين، سوف تسحق أوروبا كما تُسحق الورقة في قبضة اليد. ويمكن لمد الإسلام أن يعبر البحر الأبيض المتوسط ويجعل من جثث قتلى الجيوش المسيحية المطرودين من شمال إفريقيا قنطرة لهذا العبور. عندها، فقط، سوف يصبح الصراع على امتلاك السلطة لحكم العالم قائما.
لهذا السبب صارت القضية المغربية مهمة جدا في خانة الشؤون والقضايا السياسية في أوروبا. ولهذا السبب لا تزال تركيا كما هي على حالها. ولهذا السبب أيضا كانت إيطاليا ترغب في التفاوض مع تركيا والتوصل معها إلى حل وسط، ولهذا السبب أيضا سوف تضطر في المستقبل إلى تجميد عملياتها في طرابلس، على امتداد الساحل.
لا ينبغي أبدا أن يستيقظ الإسلام على وقع خطوات حرب وشيكة تمشي حثيثا لتجتاح أوروبا.
الله أكبر!
على الهامش:
يضم هذا الكتاب Morocco The Piquant أو Morocco the Bizarre، وكلاهما عنوان صدر به الكتاب في فترتين غير متباعدتين، فهرسا لمئات الكلمات بالدارجة المغربية، استعملها الكاتب أثناء كتابة هذه المذكرات. وقدّم، في آخر الكتاب، مقابلها باللغة الإنجليزية، وهو ما يُظهر سعة اطلاع القنصل الأمريكي، السيد هولت، وقدرته الفعلية على التواصل مع المغاربة باللسان المحلي.
الكاتب اختار عنوانا آخر لهذه المذكرات: «Life in Sunset Land»، وطُبع على أساس أنه عنوان ثانوي أسفل العنوان الرئيسي، في الطبعتين.
فهل هذه العناوين كلها ارتباك من الكاتب وعدم رسو رأيه على عنوان نهائي لهذه المذكرات؟ بعض الكتابات التي واكبت إصدار مذكرات القنصل الأمريكي في الولايات المتحدة الأمريكية، أكدت أن خلفيته الصحافية كانت صلبة في مواجهة اختيارات الناشر، ولم يجد الأخير بدا من مسايرة السيد هولت وإصدار الكتاب بكل العناوين الواردة أعلاه، وليس بحثا عن العنوان الذي «قد يبيع» أكثر..
القنصل الأمريكي «تحرر»، في هذه المذكرات، من جبة الدبلوماسي وتوسع أثناء الكتابة مستغلا هامش حرية الكتابة، وأسهب في ذكر انطباعاته الشخصية عن المغاربة والحياة في المغرب عموما.
جدير بالذكر أن هذه المذكرات كتبها السيد هولت بعد مغادرته المغرب، وانتهاء خدمته وتوقيع معاهدة الحماية سنة 1912، وصدرت لأول مرة في الولايات المتحدة سنة .1914 واحتفظ في الفصول الأولى بانطباعاته الشخصية خلال فترة انتقال السلطة من المولى عبد العزيز إلى المولى عبد الحفيظ، واحتفظ أيضا ببعض الفقرات التي كان يتساءل فيها عن مستقبل الأحداث وما سوف يلي من أحداث أخرى في المستقبل القريب، رغم أن أسئلته أصبحت متجاوزة.





