شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

المؤثرون يتدربون

حسن البصري

 

أي إعلام سنعيشه في مونديال 2030، الذي ستحتضنه بلادنا بمشاركة إسبانيا والبرتغال، إذا كتب الله لنا أن نعيش نبضه؟

هل وضعنا في صلب اهتماماتنا خططا لإعلام المونديال، بنفس الرؤية التي تدفعنا للتفكير في بناء الملاعب والفنادق والطرق والتيجيفيات؟

هل أعددنا فريقا لإعلام يواكب الحدث الكوني بنفس قدر المسؤولية التي تسكننا حين نفكر في منتخب 2030؟

في المونديال الذي نستعد لاستقباله، تنتظرنا ثورة إعلامية ويتربص بتلابيبنا الذكاء الاصطناعي والعوالم الافتراضية؟

في مونديال 2030، يمكن لانقطاع في صبيب الأنترنيت أن يؤثر على نتيجة مباراة، أكثر من انقطاع التيار الكهربائي، أو انقطاع خطوط الإمداد في منتخب من المنتخبات.

منصات الصحافيين في مونديال الغد ليست مجرد مقاعد وطاولات، وقلم وورق يحمل التشكيلات. فقد سيطر كأس العالم الأخير في قطر على اهتمام المتابعين بسبب منصات التواصل الاجتماعي، وحصدت مواقع «تيك توك» و«يوتيوب»، وغيرهما من الوسائط أرباحا قياسية.

قال إينفانتينو، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، مزهوا: «إن عدد متابعي مباريات كأس العالم عبر التلفزيون تجاوز ملياري مشاهد»، لكنه نسي أن المتابعة عبر «تيك توك» فاقت السبعة ملايين مشاهدة.

في مونديال 2030، سننسحب نحن الجيل الذي عايش الصحافة الورقية من منصات الصحافيين مكرهين، تاركين مقاعدنا لشباب يسكنهم هوس «الإثارة»، إنها سنة الحياة وسنة التطور التكنولوجي.

سيغادر الصحافيون الكلاسيكيون وسيعوضهم مؤثرون يرصدون ما لا تراه عيون الكاميرات، ويحللون دون الحاجة إلى خبراء، ويوزعون وينشرون دون اعتماد معايير الجودة، فالعبرة بالسرعة في إيصال المعلومة.

في مونديال قطر، كانت فئة عريضة من المتفرجين تحمل صفة «مشجع مؤثر»، من بينهم أصحاب مواقع إلكترونية باهتة، وحسابات «يوتيوب» و«إنستغرام» تعاني من البؤس، منهم من حصل على تزكية من خلية إعلام الجامعة ومنهم من تحملت خزينة الدولة نفقات سفره وإقامتة ومأكله وشربه وتعبئة رصيده.

وفي مونديال الأندية بالمغرب، احتل منصات الصحافة أزيد من عشرين مؤثرا أجنبيا، في مهمة مدفوعة الأجر، منهم من نقل الحدث الكروي ومنهم من تعقب هفواتنا وبحث عن زلاتنا وفضح عوراتنا ورفع سقف المتابعة شاكرا لنا حسن المتابعة و«البارطاج».

قبل مونديال أستراليا للسيدات، تم اعتماد «مؤثر» يحمل قردا، حصل على تزكية من الخلية الإعلامية للجامعة وركب الطائرة صوب بلد الكونغورو، انتفض الصحافيون المهنيون وراسلت نقابة الصحافيين لجنة الإعلام بالفيفا وأشارت إليها بوجود جسم غريب في مونديال السيدات، خاصة حين ظهر المعني بالأمر بين الصحافيين بأستراليا وفي الندوات وأمام وسائل إعلام وهو يتباهى بحصوله على اعتماد صحافي من المغرب رغم أن علاقته بالصحافة لا تتعدى «البادج». تدخلت «الفيفا» ونزعت الصفة من «المؤثر» وحولته إلى مجرد متفرج أعزل.

لكن انتهى المونديال وكنست أستراليا مدنها مما تبقى من بقايا كأس العالم، وظل مؤثرنا هائما على وجهه في هذا البلد، يبحث عن محتوى يشبه أدب الرحلات، شاكرا جميل الصحافيين الذين اعتمدوه مراسلا.

ليس «مول القرد» هو الوحيد الحامل لبطاقة الصحافة، هناك عشرات الحرفيين والعاطلين وحراس السيارات يحملون هذه الصفة، ويتعاطون الصحافة الرياضية بإدمان.

إنهم يتأرجحون بين عشيرة الصحافيين والمؤثرين، علما أن المؤثر ليس مفتيا ولا مصلحا ولا قاضيا، المؤثر في مفهوم شبكات التواصل الاجتماعي شخص لديه آلاف المتابعين أكثر من غيره، ولو باستجداء اللايكات، شخص يستطيع إيصال المعلومة لعدد أكبر من الناس، بهذا المفهوم يمكن لعارضة الأزياء أن تصبح مؤثرة بمتابعيها والمهتمين بلباسها وقوامها.

ما نخشاه غدا، ونحن نترقب ثورة الذكاء الاصطناعي، أن يخترق مؤثرون من الدرجة الثانية مشهدنا الكروي، ونستفيق يوما عن «لايفات» حصرية من ملاعبنا بتحليل من طالوني وولد الشينيوة وغيرهما من التافهين.

اللهم إني قد بلغت اللهم فاشهد.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى