
النعمان اليعلاوي
عاد الجدل مجدداً إلى الواجهة بمدينة الرباط بعد إعلان شركة “الرباط الجهة للتهيئة”، بتنسيق مع ولاية جهة الرباط–سلا–القنيطرة، عن شروعها في تركيب 11 مرحاضاً عمومياً ذكياً في عدد من شوارع وأحياء العاصمة، بكلفة إجمالية تناهز 20 مليون درهم، أي ما يناهز 1.8 مليون درهم للمرحاض الواحد (180 مليون سنتيم)،مشروعٌ وصف بـ”النهضة في البنية التحتية”، لكنه في الوقت نفسه أثار موجة تساؤلات وانتقادات واسعة بسبب كلفته المرتفعة مقارنة مع تجارب مشابهة في مدن مغربية أخرى.
وبحسب المعطيات الرسمية، فإن هذه المراحيض الجديدة مصممة بهياكل من الفولاذ المقاوم للصدأ، وتتوفر على أنظمة تنظيف وتعقيم أوتوماتيكية، وإضاءة LED، وأجهزة استشعار لضبط مدة الاستعمال، إضافة إلى شاشات توجيه باللغتين ونظام ذكي للأداء عبر البطاقة البنكية. كما يرتبط المشروع بعقد استغلال يمتد لـ 36 شهراً، يشمل الصيانة التقنية، وتزويد المرافق بالمواد الأساسية، والنظافة اليومية.
وتؤكد الجهة المشرفة أن المشروع يدخل ضمن رؤية “المدينة الذكية” التي تعتمدها العاصمة، بهدف تحسين جودة الفضاء العام، وتمكين السكان والزوار من خدمات حضرية حديثة، تواكب معايير المدن الكبرى وتضمن نظافة محيطها.
غير أن هذه المقاربة التقنية اصطدمت بانتقادات لاذعة، بالنظر إلى الكلفة التي تتجاوز ــ حسب تقديرات معارضين ــ تكلفة شقة فاخرة بحي الرياض، في وقت ما تزال فيه عدد من مؤسسات المدينة التعليمية والصحية تعاني من خصاص هيكلي، إضافة إلى وضعية الأحياء الهامشية التي تحتاج إلى مشاريع استعجالية تتعلق بالبنية الأساسية.
وفي هذا السياق، استنكر عمر الحياني، المستشار عن فيدرالية اليسار بمجلس مدينة الرباط، غياب المشروع عن نقاشات المجلس، مؤكداً أن المنتخبين “اطلعوا على تفاصيله عبر وسائل الإعلام كباقي المواطنين”. وفي اتصال مع “الأخبار”، قال الحياني إن مطلب توفير مراحيض عمومية “قديم ويعود لأكثر من عشر سنوات”، مضيفاً “كنا نطمح أن يكون المشروع بيد الجماعة وليس شركة الرباط للتهيئة”.
واعتبر الحياني أن الكلفة “غير مفهومة”، خصوصاً أن مراحيض ذكية سبق تركيبها في مدينة الدار البيضاء “لم تتجاوز كلفتها 20 مليون سنتيم للواحد فقط”، وفق تصريحه، ما يطرح تساؤلات حول المعايير المعتمدة في تحديد التكلفة الحالية والفوارق الكبيرة بين المدينتين.
كما أشار مستشارون من المعارضة إلى أن النقاش لا يتعلق فقط بالأرقام، بل أيضاً بغياب المقاربة التشاركية في اتخاذ القرار، إذ لم تتم مناقشة المشروع داخل اللجان الدائمة أو خلال دورات المجلس، رغم أنه يدخل في صلب اختصاصات الجماعات المحلية في تدبير المرافق العمومية.




