حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةسياسية

تحرك استثنائي لمجلس المنافسة نحو عدالة سعرية وحماية للسوق الوطني

بعد أن فجرت «الأخبار» فضيحة الاحتكار في سوق الأعلاف

الأخبار

باشر مجلس المنافسة، خلال الأيام الأخيرة، سلسلة تحركات ميدانية مهمة في إطار الصلاحيات الموكولة إليه قانونيا، وذلك بغية ترسيخ العدالة الاجتماعية وتعزيز المنافسة الشريفة داخل السوق الوطني، خاصة في القطاعات التي تعرف هيمنة قوية وممارسات احتكارية استمرت لسنوات. وكانت جريدة «الأخبار» أول المنابر التي نبهت مبكرا إلى هذه الاختلالات، خصوصا في سوق الأعلاف المركبة، حيث تسيطر شركات محدودة على مسالك التوزيع وأسعار المواد الأولية، وهو ما ينعكس مباشرة على تكلفة الإنتاج الفلاحي وعلى القدرة الشرائية للمغاربة.

ويؤكد متابعون للشأن الاقتصادي أن جزءا كبيرا من الإشكال يرتبط بطبيعة الأنشطة الصناعية التي تعتمد على مواد أولية مستوردة من الخارج، ما يجعل عملية تتبع الكلفة الحقيقية وتفكيك آليات تشفير الأسعار مهمة معقدة بالنسبة لمحققي مجلس المنافسة، نظرا لتعدد الوسطاء وتشابك مسارات الاستيراد والتوزيع.

ولا يقتصر الاحتكار على قطاع الأعلاف فحسب، بل يمتد إلى قطاعات أخرى لا تقل حساسية، مثل صناعة الأثاث التعليمي والتجهيزات المدرسية الموجهة للقطاع العام، حيث تمكنت شركات محدودة من الاستحواذ على الصفقات العمومية لسنوات طويلة، وتقاسمت السوق في ما بينها دون منافسة حقيقية أو فرص متكافئة لباقي الفاعلين الاقتصاديين. وتشير المعطيات إلى أن مجلس المنافسة يستعد لتوسيع دائرة أبحاثه لتشمل هذا القطاع بدوره، خاصة بعدما ظل محتكرا من طرف الشركات نفسها التي استفادت من موقع مهيمن داخل سوق الصفقات العمومية، وهو ما أدى إلى إقصاء مقاولات أخرى كانت قادرة على تقديم منتجات ذات جودة وبأسعار تنافسية.

ومن بين الممارسات الشاذة، التي يلجأ إليها بعض أصحاب المشاريع في هذا السياق، تقليص مدد الإنجاز بشكل غير منطقي ولا ينسجم مع القدرات التقنية والإنتاجية الحقيقية للسوق، الأمر الذي يفرغ مبدأ المنافسة من محتواه ويحول طلبات العروض إلى مسطرة شكلية موجهـة نحو مزودين محددين مسبقا.

وبرزت ممارسات مشابهة، كذلك، في قطاع توريد الحواسيب والمعدات الإلكترونية، حيث لا تقوم الشركات نفسها بفرض الشروط التقنية بشكل مباشر، بل تعمل على دفع أصحاب المشاريع إلى إدراج قيود تقنية مصاغة على المقاس داخل دفاتر التحملات، وعلى رأسها ما يعرف بشهادة« attestation de constructeur». ويقدم هذا الشرط في ظاهرِه على أنه معيار تقني ضروري، بينما يستعمل عمليا لإقصاء غالبية الشركات المنافسة، وتحويل مسار الصفقات العمومية نحو مزودين محددين، في إطار ترتيبات غير معلنة تخدم أجندات فئات بعينها، وتتناقض تماما مع مبادئ الشفافية والمساواة في الولوج إلى الطلبيات العمومية.

وتفيد معطيات متطابقة بأن بعض أصحاب المشاريع يساهمون بدورهم في تكريس هذه الاختلالات، عبر تضمين بنود تقنية وقانونية تصمم على المقاس، تجعل من المنافسة مجرد إجراء شكلي ينتهي دائما إلى الشركات نفسها التي راكمت الهيمنة على السوق لسنوات.

هذا الوضع يضع مجلس المنافسة أمام تحد حقيقي لإعادة الاعتبار لقواعد الشفافية والإنصاف داخل السوق الوطنية، وردع كل أشكال الممارسات المنافية للمنافسة، سواء تعلق الأمر بالتحكم غير المشروع في الأسعار أو بتوجيه الصفقات العمومية بطرق غير قانونية. وتنتظر الأوساط الاقتصادية والمهنيون أن تترجم هذه التحركات إلى قرارات شجاعة تعيد التوازن إلى القطاعات الحيوية، وتفتح المجال أمام مقاولات جديدة ظلت مقصية ومبعدة بفعل هيمنة لوبيات احتكارية كبلت التنمية الاقتصادية وألحقت ضررا مباشرا بالمستهلك وبالمال العام.

وفي نفس السياق، سبق تشريح هذا الموضوع في عدة مناسبات ضمن عمود “شوف تشوف”، هذه مقتطفات من أحدها:

و”اليوم تشهد السوق المغربية واحدة من أخطر الأزمات الاقتصادية الصامتة نتيجة الارتفاع غير المسبوق في أسعار الأعلاف الحيوانية المركبة، الشيء الذي يلهب أسعار اللحوم ويؤدي بالضرورة إلى تآكل القدرة الشرائية للمواطن.

هذه الأزمة لم تأت من فراغ، بل إنها نتيجة مباشرة لاحتكار منظم ومدروس تتحكم فيه شركتان عملاقتان، جعلتا من قطاع الأعلاف مجالا مغلقا أمام أي منافسة حقيقية.

هاتان الشركتان المتمركزتان في منطقة حد السوالم وإقليم الجديدة لا تكتفيان باستيراد المواد الأولية من البرازيل والأرجنتين بل إنهما تتحكمان في سلسلة الإنتاج بأكملها، انطلاقا من شراء المحاصيل الدولية، مروراً بالتخزين، ووصولاً إلى التوزيع المحلي. فبفضل قدرة تخزينية تفوق 500 ألف طن لكل واحدة منهما، استطاعت الشركتان فرض هيمنتهما على سوق الأعلاف الوطني، وخلق ما يُعرف بـ«الندرة المصطنعة» لرفع الأسعار تدريجيا وفق مصالحهما التجارية.

وحسب معطيات من داخل القطاع، فإن كل واحدة من الشركتين تحقق أرباحا صافية تقارب نصف مليار سنتيم يومياً، أي ما يعادل مليار سنتيم من الأرباح اليومية مجتمعة، وذلك بفضل إنتاج يصل إلى خمسة آلاف طن من الأعلاف في اليوم الواحد لكل شركة، وهو رقم يعكس حجم السيطرة الاقتصادية التي تمارسها الشركتان على السوق، في وقت لا تتجاوز فيه أرباح الفاعلين الصغار بضعة آلاف من الدراهم”.

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى