
محمد اليوبي
علمت «الأخبار»، من مصادرها، أن وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، دخل على خط فضيحة السطو على حديقة عمومية وتفويتها إلى منعش عقاري لإحداث ملعب «البادل» فوقها، من خلال تكليف المفتشية العامة للإدارة الترابية لإجراء بحث وافتحاص للوثائق التعميرية التي تشوبها العديد من الاختلالات والتلاعبات.
وثائق تثبت تجاوزات
أفادت المصادر بأن تحرك المفتشية العامة للداخلية جاء بعد توصلها بشكايات مرفقة بوثائق تثبت وقوع تجاوزات في مجال التعمير، وتلاعبات في الوثائق لتسهيل عملية السطو على مرفق جماعي وتحويله إلى استثمار خاص، وهو ما ألحق أضرارا بمصالح سكان التجزئة السكنية التي توجد بها الحديقة، وألحق، كذلك، أضرارا بمصالح الجماعة صاحبة ملكية هذا المرفق العمومي، ما قد يهدد بتفعيل مسطرة العزل في حق عمدة المدينة، منير الليموري، عن حزب الأصالة والمعاصرة، بسبب شبهة ارتكابه لأفعال مخالفة للقوانين الجاري بها العمل.
وحسب وثائق حصلت عليها «الأخبار»، فإن الأمر يتعلق بوعاء عقاري مساحته 338 مترا يوجد بحي «بوبانة»، كان مخصصا لحديقة عمومية تختص فضاء للألعاب خاصا بالأطفال وفق دفتر التحملات الذي تم الترخيص على أساسه لتجزئة سكنية تحتضن «فيلات»، وحسب التخصيص العمراني لهذه البقعة يجب أن تبقى فضاء مفتوحا خاصا باللعب وغير قابل للبناء.
وفي الوقت الذي كان ينتظر سكان التجزئة تهيئة فضاء اللعب الخاص بأطفالهم فوجئوا، قبل حوالي سنتين، بإقدام مالك التجزئة على بناء ملعب «البادل» دون ترخيص، بل أكثر من ذلك شرع في استغلاله في خرق خطير لكل القوانين، وهذا الخرق اعترفت به رسميا مديرة الوكالة الحضرية بطنجة في رسالة جوابية على شكايات ساكنة التجزئة، وأقرت من خلاله بأن اللجنة المختلطة التي انتقلت إلى عين المكان لإجراء معاينة ميدانية لتجزئة «لابريري روز2» بتاريخ 10 أكتوبر 2024، تبين لها أن الملعب الرياضي تم تشييده فعلا بدون حصوله على ترخيص قانوني مسبق من طرف المصالح المختصة، وعلى إثر ذلك تم تحرير محضر معاينة أوصت من خلاله اللجنة بإيقاف النشاط المزاول بالملعب، ومطالبة صاحب المشروع بتقديم الوثائق الإدارية والتقنية المتعلقة بالبناية، لكن شهادة الملكية المقدمة في الملف، بعد تاريخ تحرير المحضر، تشير إلى أن الأرض عارية.
وعندما كانت ساكنة التجزئة تنتظر من السلطات تفعيل قرار الهدم، بعد تحرير محضر يتضمن مخالفات لقوانين التعمير، كانت صدمتهم قوية عندما وقع عمدة مدينة طنجة، منير الليموري، على رخصة بناء وتهيئة ملعب «البادل»، رغم تعرض الساكنة المتضررة على إقامة المشروع وقدموا بهذا الخصوص عشرات الشكايات وعقدوا لقاءات مع العمدة الذي طلب تقديم تعرضات رسمية بمقر الجماعة.
والخطير في الأمر أن العمدة وقع رخصة بناء الملعب، والحال أن البناية كانت قائمة منذ شهور، وأكثر من ذلك فإن مصالح الوكالة الحضرية وولاية الجهة اشترطت على رئيس الجماعة، الإعلان عن إجراء بحث للمنافع والمضار بخصوص إحداث هذا الملعب، وبالفعل تقدمت الساكنة بتعرض رسمي وفي احترام تام للآجال القانونية، ومع ذلك تحدى العمدة الجميع ووقع رخصة البناء بتاريخ 9 يوليوز 2025، بينما شهادة تتبع الورش محررة قبل ذلك التاريخ في 3 يوليوز 2025، علما أن البناية كانت موجودة قبل هذا التاريخ، حسب وثيقة صادرة عن الوكالة الحضرية مؤرخة بتاريخ 13 نونبر 2024.
تناقضات في الملف
الفضيحة الكبرى هي أنه، بعد 13 يوما فقط من الحصول على رخصة البناء، قام مالك التجزئة بإيداع طلب الحصول على رخصة المطابقة، معززا بشهادة رسمية من المهندسة المشرفة على مشروع الملعب، تؤكد أنه تم الانتهاء من أشغال بناء وتهيئة الملعب، وحصل على رخصة المطابقة بتاريخ 22 يوليوز 2025، وتثبت هذه الوثائق، سواء رخصة البناء أو شهادة المطابقة، وجود تناقضات في الملف، ما يؤكد أن هذا الملف تشوبه تجاوزات وخروقات خطيرة تستوجب من وزارة الداخلية فتح تحقيق جدي، وترتيب الآثار القانونية عن ذلك، خاصة أن بعض رؤساء الجماعات من أحزاب أخرى تم عزلهم بموجب اختلالات لا ترقى إلى مستوى التجاوزات القانونية التي تشوب هذا الملف.
ووفق الوثائق، فإن المشروع ينتهك دفتر التحملات رقم 17/DGPL/2019 المؤرخ في 20 دجنبر 2019، ورخصة إحداث التجزئة العقارية رقم 2018/DGPL/01، والتسليم المؤقت وفق قرار 2019/RECEPTION/05، إضافة إلى تجاوز التخصيص التعميري للمنطقة المصممة للسكن المقام عليها. فضلا عن أن المشروع يخالف القانون التنظيمي للجماعات المحلية، خاصة المادتين 115 و101، ويتجاهل توصيات الوكالة الحضرية لطنجة التي أوصت بإيقاف النشاط المزاول بالملعب، علما أن الرأي الصادر عن الوكالة ملزم قانونيا.
وأوضح السكان أنهم يتوفرون على وثيقة رسمية تؤكد أن الورش قائم منذ أزيد من ثلاث سنوات، معتبرين أن هذا المعطى لا ينسجم مع التواريخ الواردة في الملف، وأشاروا إلى أن البناية شُيّدت فوق قطعة أرضية كانت مخصّصة لفضاء للألعاب ضمن مرافق التجزئة، وكان يفترض تسليمها لجماعة طنجة بعد انتهاء عملية التسليم النهائي، بناء على دفتر التحملات المعتمد. واعتبر الوزير السابق عبد السلام الصديقي، بصفته أحد سكان التجزئة المتضررين، في ندوة صحفية، أن ملف ملعب البادل فيه رائحة «عطيني نعطيك»، مطالبا وزارة الداخلية بإيفاد لجنة تفتيش، والنيابة العامة بفتح تحقيق بشأن الشبهات المحيطة بهذا الملف.
وأوضح السكان، في تعرضاتهم، أن المشروع تم تنفيذه بدون رخصة بناء صالحة، وأن الأعمال والإنشاءات غير مصادق عليها في دفتر التحملات، وهو ما يُعد خرقا واضحا لكافة الالتزامات المقررة قانونيا، وأشاروا إلى أن المشروع يترتب عليه إزعاج كبير للسكان المجاورين، بسبب الأصوات المرتفعة والأنشطة المتواصلة إلى ساعات متأخرة، ما سيؤثر سلبا على راحة السكان وخصوصيتهم ويخل بالهدوء العام في حي سكني هادئ بطبيعته.
نافذة
أوضح السكان في تعرضاتهم أن المشروع تم تنفيذه بدون رخصة بناء صالحة وأن الأعمال والإنشاءات غير مصادق عليها في دفتر التحملات





