
إعداد: سفيان أندجار
تفجرت أزمة «السوق السوداء» بخصوص تذاكر كأس أمم إفريقيا لكرة القدم 2025، بعدما وجد عدد من المشجعين أنفسهم محرومين من متابعة المباريات الكبرى، خصوصا مواجهات المنتخب المغربي، بسبب عدم توفرهم على تذاكر، ما جعلهم عرضة للسوق السوداء والتي استغلت الوضع للرفع من سعر التذاكر، لتصل قيمة التذكرة إلى ما يقارب 1500 و2000 درهم.
ووجد آلاف المشجعين أنفسهم أمام أعطال تقنية متكررة، خصوصا في منصة بيع التذاكر، ما جعل اقتناءها أمرا شبه مستحيل، حتى بعد ساعات طويلة من المحاولة. هذه الأعطاب لم تكن معزولة، بل دفعت المنظمين إلى تأجيل أول إطلاق رسمي للبيع الذي كان مبرمجا في أواخر شتنبر الماضي، بعد أن انهار النظام تحت ضغط غير مسبوق.
تعقّد الوضع أكثر مع فرض شرط بطاقةFan ID كمدخل إلزامي لشراء التذاكر. فبدل أن يكون هذا الإجراء أداة تنظيمية، تحول إلى مصدر إضافي للأزمة، بسبب أخطاء في التحقق، وتأخر أو عدم توصل المشجعين برموز التأكيد، بل ورفض التسجيل في حالات عديدة، وهو ما حرم فئة واسعة من الجمهور من مجرد دخول مرحلة الشراء.
ورغم هذه الإكراهات، أعلن المنظمون عن بيع حوالي 137 ألف تذكرة خلال أول 24 ساعة، بعد إعادة إطلاق المنصة ومعالجة بعض الأعطال، من أصل قرابة 400 ألف تذكرة خُصصت للمرحلة الأولى. غير أن هذا الرقم بدل أن يهدئ الغضب، زاد من حدة التساؤلات، خاصة أن تذاكر مباريات بعينها – وعلى رأسها مباريات المنتخب المغربي في دور المجموعات والمراحل الإقصائية (ربع النهائي، نصف النهائي، والنهائي) نفدت بسرعة قياسية، تاركة آلاف المشجعين دون مقاعد.
ومنذ إعلان نفاد تذاكر «الكان» رسميا، عادت التذاكر نفسها للظهور خارج القنوات القانونية، لكن بأسعار مضاعفة. تذاكر دور المجموعات، التي حددت أسعارها رسميا ما بين 100 و300 درهم، قفزت إلى أضعاف ذلك، فيما بلغ سعر تذاكر مباراة الافتتاح، المحددة بين 150 و500 درهم، مستويات خيالية لتصل إلى 1500 و3000 درهم. أما مباريات الأدوار المتقدمة، التي تراوحت أسعارها الرسمية بين 300 و900 درهم حسب الفئة، فقد أصبحت حكرا على المضاربة، حيث تجاوزت الأسعار في السوق الموازية كل السقوف المعقولة.
وأمام «الالتهاب السعري» برزت الحاجة الملحة إلى اعتماد مقاربة شاملة لا تكتفي بالحلول التقنية الظرفية، بل تؤسس لمنظومة بيع وتوزيع أكثر شفافية وصرامة.
من جهة أخرى أعلنت مصالح الشرطة القضائية التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني عن فتح أبحاث قضائية تحت إشراف النيابات العامة المختصة للتحقق من الأفعال الإجرامية المنسوبة لثمانية أشخاص يشتبه في تورطهم في المضاربة على تذاكر مباريات كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم، التي تجري منافساتها حاليا بالمملكة المغربية.
وأوضحت المصالح الأمنية أن وحدة اليقظة المعلوماتية للأمن الوطني رصدت منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تعرض تذاكر المباريات للبيع بطرق غير قانونية، ما أدى إلى فتح تحقيق تقني وميداني لتحديد هوية المشتبه فيهم.
وأكدت الأبحاث والتحريات الميدانية نجاح مصالح الأمن في توقيف الأشخاص المشتبه فيهم خلال عمليات نفذت بعدة مدن من بينها الرباط، تمارة، أكادير، سلا، مراكش والمحمدية.
وأشار المصدر ذاته إلى أن الموقوفين يخضعون حاليا للبحث القضائي تحت إشراف النيابة العامة، للكشف عن جميع ظروف وملابسات هذه القضايا، بينما تواصل المصالح الأمنية تحرياتها بغرض توقيف باقي المتورطين المحتملين في هذه الأفعال الإجرامية.





