شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةسياسية

جزائريون هربوا من بلادهم وسفارات أجنبية غادرت البلاد

يونس جنوحي

مقالات ذات صلة

كان الوضع برمته يشبه مشهد التلويح بثوب شديد الحمرة، أمام عيني ثور هائج.

هكذا لخص هشام عبود حالة الجزائر في سنة 2001. من كان يمسك الثوب الأحمر في هذا المشهد؟ الجنرالات بطبيعة الحال.

عندما نشرت الصحافة الجزائرية ما تناولته الصحافة الفرنسية في الحوار الأول والحصري مع هشام عبود سنتين تقريبا بعد حصوله على حق اللجوء السياسي في باريس، صحيفتان فقط قامتا بمهاجمته والنيل من اسمه واتهامه بالعمالة لجهات خارجية. الأولى كانت تابعة لخط مافيا الجنرالات، والثانية مقربة من الأذرع التابعة للجبهة الإسلامية للإنقاذ.

إذ إن البعض لم يعجبهم تصريح هشام عبود في فرنسا بأن بعض الإسلاميين كانوا متواطئين مع المخابرات السرية الجزائرية، بل عملاء لها على الأرض، وقاموا بفبركة هجومات إرهابية لتبرير التدخلات العنيفة لوحدات الجيش في حق المواطنين العزل، والتلويح بفزاعة الإرهاب في وجوههم كلما طالبوا بحقوقهم أو تحسين وضعيتهم المعيشية في الجزائر.

 

في مهب الريح

اعتبر هشام عبود، في الصفحات الأخيرة من هذه المذكرات، أن الجزائر بلد في مهب الريح، وقدم أمثلة من واقع الجزائريين اليومي، والذي يؤكد فعلا أن البلد وصل إلى حافة الانهيار.

إذ تحدث عن الصف الطويل الذي ينظمه الجزائريون أمام السفارات الأجنبية في الجزائر للحصول على التأشيرة لمغادرة الجزائر إلى الأبد، وليس فقط الهجرة بدافع البحث عن مستقبل أفضل والاستمرار في زيارة الجزائر.

كان هشام عبود محقا فعلا وهو يطرح هذا الأمر، إذ ارتفع عدد «اللاجئين» الجزائريين في الخارج، ولو بشكل غير نظامي، واستفحلت ظاهرة مغادرة البلاد هربا من التجنيد الإجباري.

بل إن الصحافة الفرنسية، في بداية الألفية، أي بعد سنة 2000، اكتشفت فعلا وجود حالات كثيرة جدا لجزائريين قرروا عدم العودة نهائيا إلى بلادهم لأنهم كانوا متبوعين بالتجنيد الإجباري، بل وفضلوا البقاء في أوربا، فرنسا على وجه الخصوص، مشردين على أن يعودوا إلى بلدهم الأصلي. بل منهم من رفض زيارة الجزائر حتى عندما تعلق الأمر بوفاة الأب أو الأم، لأنهم كانوا يعرفون جيدا أن مجرد الوصول إلى مطار جزائري سيكون كافيا لنقلهم قسرا من المطار إلى ثكنات التجنيد الإجباري مباشرة دون مراعاة نهائيا لحالتهم الإنسانية، وقد وقعت حالات كثيرة لجزائريين عادوا إلى بلادهم لدفن أحبائهم وتم منعهم من حضور الجنائز واعتُقلوا في نقاط التفتيش الجمركي ورُحلوا نحو التجنيد دون مراعاة لحالاتهم الإنسانية، ومنهم من فقد وثائق الإقامة في أوربا بسبب فترة التجنيد في صحراء الجزائر.

يقول هشام إن مستقبل الجزائر عصف به الجنرالات عندما لم يعد أي رئيس أجنبي يقرر زيارة الجزائر، وهو ما جعل كبريات شركات الطيران العالمية تقاطع مطارات الجزائر بسبب عدم وجود رواج سياحي كاف لاستمرار تعاقدها مع سلطات المطارات.

بالنسبة لهشام عبود، فإن مستقبل الجزائر صار في مهب الريح عندما قررت دول أوربية إغلاق قنصليات تابعة لها في بعض المدن الجزائرية، وهو ما جعل مواطنين جزائريين مرغمين على التوجه إلى تونس أو المغرب لوضع ملفات طلبات «التأشيرة» للذهاب إلى بعض دول أوربا.

تقليص التمثيليات الأجنبية لبعض الدول الأوربية داخل الجزائر كان ظاهرة مقلقة لكن الجنرالات لم يعيروها أي اهتمام في عهد عبد العزيز بوتفليقة، ضاربين عرض الحائط بالاتفاق بينهم وبين عبد العزيز بوتفليقة سنة 1999، المتعلق بإعادة إصلاح الحقل الدبلوماسي والعلاقات الخارجية للجزائر مع الدول الأوربية والعربية أيضا.

صارت الجزائر تشبه جزيرة معزولة تماما عن العالم، بسبب سياسة الانغلاق التي نهجها الجنرالات. وصارت البلاد تشبه الدول المنكوبة التي تعيش على وقع الانقلابات العسكرية وتنتظر المساعدات الإنسانية لإبقاء مواطنيها على قيد الحياة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى