شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

حتمية الحرب الإقليمية

 

حسام كنفاني

 

من الواضح أن أسابيع إضافية في الانتظار في هذه الحرب التي تبدو طويلة ومعقدة، مع احتمال كبير لأن تتدحرج إلى مواجهة إقليمية لن يكون أحد في المنطقة بمنأى عن تداعياتها. المجازر الإسرائيلية اليومية تقرب المنطقة نحو الانفجار الكبير، وهو ما يدركه الإسرائيليون والأمريكيون، وحتى الأطراف الأخرى التي تبدو مترددة في توسيع دائرة الحرب الحدودية، إذ لا يبدو أن أحدا كان مستعدا لهذا النوع من المواجهة، فعملية السابع من أكتوبر لم تفاجئ إسرائيل والمعسكر الغربي فقط، فمن الواضح أن حلفاء حركة حماس لم يكونوا على دراية بحجم العملية والتداعيات المفترضة، وهو ما تظهره ردات الفعل العملية على الأرض.

منع الحرب الإقليمية هو اليوم عنوان كل التحركات العربية والدولية، لكن لا يبدو أن هذه التحركات ستنجح في مساعيها، في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة. فبينما كانت الأعين شاخصة إلى حزب الله بلبنان، أظهرت التحركات في اليمن عبر الصواريخ التي اعترضتها البوارج الأمريكية، ومن العراق عبر استهداف القواعد الأمريكية، أن الحرب إذا اندلعت لن تقتصر على الرقعة الجغرافية المحاذية لإسرائيل فقط، وهي الرسالة التي تريد الأطراف المؤيدة لحماس، والحديث هنا عن إيران بالدرجة الأولى، إيصالها قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة.

لا أحد يريد هذه الحرب الإقليمية الماثلة في الأفق، لكن التطورات على الأرض تشير إلى أنها ربما باتت حتمية، خصوصا مع تبيان أن الحرب على غزة لن تقف عند حدود القصف العشوائي اليومي، وأن الأهداف التي وضعتها إسرائيل تتخطى الانتقام لمقتل وأسر عشرات الإسرائيليين في عملية 7 أكتوبر، وأن المقصود هو تغيير الواقع على الأرض، وهو ما أعلنه وزير الحرب الإسرائيلي بحديثه أن من أهداف الحرب «محو حماس» وخلق «نظام حكم أمني» جديد بغزة.

نجاح هذين الهدفين من شأنه أن يشكل أنموذجا في التعامل مع حركات المقاومة بالمنطقة، وهو ما تدركه هذه الأطراف، وترى أنها قد تكون الهدف التالي في الحرب الإسرائيلية الأمريكية، وهو ما تغذيه التحليلات والتصريحات الصادرة عن مسؤولين وإعلاميين إسرائيليين، تشير إلى أن جبهة الشمال، والمقصود حزب الله، ستكون التالية بعد الانتهاء من الحرب بالجبهة الجنوبية.

التقديرات اليوم بلبنان أن حزب الله على وشك إنهاء تحضيراته للمشاركة في الحرب التي باغتته في وقت كانت جهوده مشتتة بين لبنان وسوريا والعراق واليمن، وأن استدعاء معظم عناصره الموزعين بهذه الدول يجري حاليا، بالإضافة إلى إعلان التعبئة بين أفراده وبين كل من شارك معه في دورات تدريبية. ورغم أن حزب الله كان مشاركا، إلى حد ما، في المعارك منذ اليوم الأول للحرب عبر المناوشات الحدودية المضبوطة، إلا أن قرار الدخول فعليا في المعركة بات قريبا، ويتوقف على تطورات الميدان في غزة، وما إذا كانت إسرائيل في طريقها فعليا لتحقيق الأهداف التي أعلنت عنها. هذه المؤشرات تلقفتها الدول الغربية، وبعض العربية، التي دعت رعاياها إلى مغادرة لبنان في أسرع وقت ممكن، ما يعني أن توسع رقعة المواجهة أصبح مسألة وقت.

الوقت اليوم لم يعد في صالح محاولات تجنيب المنطقة الانفجار الكبير، فكل الجهود التي تبذل تصطدم بتعنت الجانب الإسرائيلي، والذي يرى أن الآن، وفي ظل التحالف الغربي الداعم للقضاء على «حماس»، هو اللحظة المناسبة لتوجيه ضربة قوية إلى كل الأطراف التي تشكل تهديدا لإسرائيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى