حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرأي

حكاية آخر انتخابات في الجزائر

يونس جنوحي

كلما أثير موضوع الانتخابات الجزائرية، يتذكر بعض سكان الحدود مع المغرب الشرقي قصصهم مع الانتخابات الجزائرية منذ حصولها على الاستقلال. فهؤلاء الناس، خصوصا في الواحات القريبة من فكيك، لم يكونوا يريدون المشاركة في الانتخابات الجزائرية الأولى في شتنبر 1963.
هذه الانتخابات التي فاز بها أحمد بن بلة، في وقت كان كل الجزائريين يعلمون أن أصوله مغربية وبالضبط من مراكش. إلا أنه فاز بالانتخابات وأعلن رئيسا للجزائر بدون مشاكل.
وكانت السلطات الجزائرية، خلال العملية الانتقالية من الاستعمار الفرنسي إلى تأسيس الجمهورية الفرنسية، وجدت نفسها أمام معضلة مشاركة سكان المناطق الحدودية للجزائر، حسب ترسيم الحدود الذي تركته الإدارة الفرنسية، إذ إن جل هؤلاء السكان كانوا يعتبرون أنفسهم مغاربة، خصوصا سكان القرى المحسوبة على الزوايا والطرق الصوفية. فهؤلاء كانوا يعتبرون أنفسهم أحفاد المشايخ الذين كانت أضرحتهم في فكيك وبوعرفة وفي وجدة ونواحيها وصولا إلى الناظور.
ولا يزال ملف هذه الأقليات التي تنتمي للصوفية وتدافع عنها، من الملفات العالقة بالنسبة للسلطات الجزائرية، خصوصا وأن احتجاجات تظهر بين الفينة والأخرى تطالب، ولو بخجل، بفتح الحدود مع المغرب لتمكينهم من حقهم في زيارة الأضرحة وإقامة الاحتفالات الدينية احتفالا بذكرى مشايخهم الذين لم يكونوا يؤمنون بالحدود في تلك المناطق الحدودية.
وإذا ما تم احتسابهم في لوائح المصوتين في الانتخابات الجزائرية، فهذا يعني أنهم سوف يحتاجون مستقبلا إلى جوازات سفر لكي يقوموا برحلات زيارة أضرحة مشايخ الطرق الصوفية التي ينتمون إليها. وهذا ما وقع بالفعل.
وقعت أحداث كثيرة منذ بداية استقلال الجزائر إلى اليوم. ومرت محطات انتخابية على الجزائر، جمعت بين الإثارة والطرافة، خصوصا خلال فترة حكم الهواري بومدين للبلاد بقبضة من حديد. حيث كان يرسل أبناء الجزائريين إلى التجنيد الإجباري منذ كان وزيرا للدفاع عند أول انتخابات جزائرية بعد الاستقلال، وتسبب في مقتل وتشريد آلاف الجنود الجزائريين في الصحراء بدون تدريب ولا إعداد بدني، خلال حرب الرمال ثم خلال حرب البوليساريو حيث كان يتم تزويد الجبهة بمقاتلين من المناطق الحدودية يتم إجبارهم على القتال ويُرسلون إلى الصفوف الأمامية ويقتحمون الحدود المغربية ويطلقون الرصاص العشوائي في اتجاه التجمعات السكانية في الصحراء المغربية وأيضا في اتجاه الحافلات والسيارات. وهو ما نتج عنه سنة 1973 وفاة سياح فرنسيين ظل ملفهم موضوع تهرب جزائري من المسؤولية رغم أن اتجاه الرصاص كان قادما من ناحية الجزائر في النقطة الحدودية.
لم يكن الجزائريون في حاجة إلى تزوير أول حملة انتخابية. لكنهم بعد ذلك أصبحوا ضحايا تزوير الانتخابات لكي يبقى بومدين في السلطة، ويبقى الموالون له حزبيا على رأس أجهزة تدبير الشأن العام.
الانتخابات التي تجري أطوارها هذه الأيام، والتي تعرف بالمناسبة واحدة من أدنى نسب المشاركة في تاريخ البلاد، هي الأولى من نوعها بعد الحراك الأخير. ورغم ذلك فإنها أصبحت بسرعة موضوع طعن من المعارضة والرأي العام.
ورغم محاولات السلطات الجزائرية إخفاء مظاهر رفض الشارع الجزائري لتلك الانتخابات حتى قبل الإعلان عن نتائجها النهائية، إلا أن صور تكسير صناديق الأصوات، كانت أكثر من أن تستطيع السلطات حجبها.
صور جابت العالم وعادت إلى الجزائر، لتُساءل حكام الجزائر اليوم عن نتائج الحراك الشعبي قبل نتائج الانتخابات، خصوصا في ظل الأزمة مع المغرب بخصوص ملف الصحراء وفضيحة تهريب إبراهيم غالي إلى إسبانيا وعلاجه على نفقة الجزائريين دون استشارتهم. لذلك لا يستبعد أن تخرج غدا لعنة جديدة من الصناديق، تذكر الجزائريين أن بلادهم تحتاج أحزابا قوية لتقول «لا» للعصابة التي تضع البلاد في جيب عصابة البوليساريو، ونخب تهتم بما يقع داخل المدن الجزائرية، وليس في الحدود مع المغرب.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى