حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةسياسية

ذكريات مع الحسن الثاني في حافلة ملكية ناقش فيها الملك مع اكديرة والبصري انتخابات 1984

يونس جنوحي

كثيرة هي المناسبات التي حضر فيها السفير محمد التازي لقاءات خاصة إلى جانب الملك الحسن الثاني. بعضها في قصر الصخيرات، وأخرى في القصر الملكي بالرباط ثم بالدار البيضاء.. لكن بعض تلك اللقاءات كانت استثنائية، وسجل التازي، في مفكرته الشخصية، ما دار فيها من حوارات بين الملك وجلسائه المقربين، بخصوص أحداث بعينها.

هنا يحكي التازي، في هذه الأوراق، كيف أنه قطع عطلته الخاصة، التي كان يقضيها في المغرب قادما من تونس حيث كان يشتغل سفيرا، بعد أن تلقى اتصالا هاتفيا من القصر الملكي للالتحاق بموعد مع الملك الراحل. وكان الحدث الأبرز في المغرب، وقتها، التحضير للانتخابات. يقول التازي:

«في الساعة الثانية بعد منتصف ليلة التاسع والعشرين من شهر غشت عام 1984 اتصل بي الجنرال مولاي حفيظ، وزير القصور الملكية والتشريفات والأوسمة، ليبلغني أن جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني يريد أن أراه، وأن موعدي منتصف النهار في القصر الملكي بالدار البيضاء، وكنت أقضي إجازتي في المغرب.

في الوقت المحدد وصلت إلى القصر، وإذا بي أرى الاستعدادات جارية لمغادرة الموكب الملكي الدار البيضاء، وبعد فترة وجيزة خرج صاحب الجلالة، من داخل القصر يرافقه صاحبا السمو الملكي ولي العهد الأمير سيدي محمد والأمير مولاي رشيد، فتقدم للسلام على جلالته من كانوا حاضرين، ومن بينهم السيد أحمد رضا اكديرة مستشار جلالته، والسيد إدريس البصري وزير الداخلية، وتقدمت مع الحاضرين للسلام على جلالته، فأمرني، طيب الله ثراه، أن أركب في سيارة وراء سيارة جلالته إلى أن توقف الموكب في الساحة القريبة من عمالة عين السبع، خارج المدينة، فركب جلالته في حافلة، ونودي على اكديرة، والبصري والتازي للركوب مع جلالته.

كانت مقاعد الحافلة على شكل صالون يتصدره مقعد جلالته، وانطلق الموكب الملكي في طريق الرباط، وكان السيد اكديرة والسيد البصري قادمين من مهمة في ليبيا، فقدما لجلالته، بناء على أمره، عرضا عن مهمتهما عند العقيد القذافي.

كان جلالته يسأل ويستفسر وهما يجيبان بدقة ووضوح، وكنت أسمع. وفي الوقت ذاته أسأل نفسي ما موقعي من الإعراب؟ ولمَ دعيت في منتصف الليل؟ وما مصير السيارة التي استعرتها من قريب لي، وقد تركتها في شارع بالقرب من القصر الملكي؟ وإذا بي أنتبه على صوت جلالته يسألني عن الوضع في تونس، وعن العلاقة الليبية التونسية، الجزائرية والمغربية.

وفقني الله إلى إجابات دقيقة وصريحة وعميقة، ولم أنس التعرض إلى إهمالنا لهذه العلاقات، وعدم إعطائها الاهتمام الضروري لاستمرارها قوية منيعة بعيدة عن التقلب، لأن خصوم التقارب المغربي- التونسي يتربصون به للانقضاض عليه وإقباره.

وكان الحديث عن التعددية الحزبية في تونس مدخلا للحديث عن المغرب والديمقراطية والأحزاب السياسية، وقادتها والمسؤولين عن أجهزتها الرئيسية، ومدى تغلغلها في المجتمع، وكنت أسمع دون تدخل إلى أن سألني جلالته عن رأيي في ما سمعت، وكانت لجوابي عن السؤال مقدمة. هي أنني بعيد عن الميدان السياسي منذ ربع قرن، ولذلك فإدراكي للواقع السياسي غير دقيق، وربما جوابي غير مقنع، وقلتُ:

-اللٰه يبارك في عمر سيدنا، لو كانت في المغرب مؤسسات لاستطلاع الرأي العام لكان من السهل الوقوف على حقيقة الواقع السياسي والحزبي، أما ما عدا ذلك فيبقى الموضوع كله في ما أرى تخمينات وتقديرات غير دقيقة إن لم تكن غير صحيحة.

وقال السيد إدريس البصري:

-نعم آسيدي في المدن تمكن معرفة حجم القوات السياسية والنقابية، ولكن الصعوبة في البادية.

فتدخل السيد اكديرة قائلا:

-نعم آسيدي، المشكلة في البادية، ما يزال الوعي بالعمل الحزبي والنقابي ضعيفا ولذلك…

فقاطعه جلالة الملك قائلا:

-آ رضا، دائما أقول إن الوعي بالعمل السياسي مرتبط بالوضع الاقتصادي والاجتماعي سواء في المدن أو في القرى. والأحزاب السياسية هي المؤطر الطبيعي للسكان في النظام الديمقراطي، وإن عدم وجودها في البوادي، وتأطيرها لهم، له محاذير سياسية خطيرة على النظام الديمقراطي كله. لابد أن أسبابا قوية تضعف الوجود الحزبي في البوادي، فإذا زالت هذه الأسباب تمكنت الأحزاب من ممارسة نشاطها.

ثم تطرق الحديث بعد ذلك إلى انتخابات كانت وشيكة، ونتائج الاتصالات التي تمت مع قادة الأحزاب السياسية، ومطالبهم، والتقديرات المحتملة لنسبة كل حزب في نتائجها، مما لا مجال للتوسع في الحديث عنه! لأن النتائج بعد إجرائها لم تكن بعيدة عن التوقعات».

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى