شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

زحف هادئ.. لكنه قادم

 

 

يونس جنوحي

 

لا حديث داخل أروقة الحكم، بأكبر قوة اقتصادية في العالم هذه الأيام، إلا عن الدعوة الأخيرة التي قادها بعض أعضاء مجلس النواب الأمريكي إلى «إعادة ضبط العلاقة الاقتصادية مع الصين».

اثنتان من أكبر القوى الاقتصادية في العالم أجمع تعيشان على إيقاع التوتر. الدعوة التي قادها أعضاء جمهوريون وديموقراطيون، أي من الحزبين معا داخل الولايات المتحدة، من شأنها أن تؤثر على مستقبل المبادلات الاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة، وحرية المبادلات ورفع التعريفات الجمركية، بل و«قطع العلاقات الاقتصادية».

أعضاء لجنة مجلس النواب دعوا صراحة، قبل أسبوعين تقريبا، من خلال عدد من التوصيات، إلى إعادة ضبط علاقة بلادهم الاقتصادية مع الصين.

وحسب بعض التحليلات الصادرة في الموضوع، فإن الأمريكيين باتوا يتخوفون من عواقب الامتيازات التي تستفيد منها الصين في السوق الأمريكية، كما أنهم سجلوا استجابة لبعض الفاعلين الاقتصاديين الأمريكيين الذين يشتكون مما أسموه «عدم احترام الصين لمعايير السلامة وخرقها للملكية الفكرية».

في ما يخص عدم احترام الصين لحقوق بعض العلامات التجارية العالمية الكبرى، والموجود أغلبها في الولايات المتحدة، فإن الموضوع يؤثر في دول أخرى من بينها المغرب، وليس في الأمريكيين وحدهم.

ويكفي مثلا استحضار مثال الغرامات التي فرضتها الشركات الأمريكية والأوروبية على بعض الموزعين المغاربة أخيرا، بسبب استيرادهم لبعض السلع المقلدة، من الصين. وبدل أن تضرب هذه الشركات على الشركات المصنعة والموزعين الصينيين، فإنها اكتفت بفرض غرامات على موزعين مغاربة اقتنوا الحقائب النسائية والعطور المزورة من الصين وتسلموها مشحونة في الموانئ المغربية.

التقرير الأمريكي الذي يهدف إلى تقليم أجنحة الاقتصاد الصيني في الولايات المتحدة، جاء في 53 صفحة، تتضمن 150 توصية ترمي كلها إلى حماية الاقتصاد الأمريكي من الهيمنة الصينية. هذه التوصيات من شأنها أن تثير اهتمام المشرعين الأمريكيين لسن قوانين وفرض تعريفات جمركية جديدة.

ومن بين الأسواق التي تهدف التوصيات الجديدة إلى ضبطها، سوق الرقائق الإلكترونية الذي يعد واحدا من أهم الأسواق التي تهيمن عليها الصين. إذ لا يوجد جهاز إلكتروني واحد في العالم لم يُصنع جزء منه، أو أغلب أجزائه، في الصين.

التوصيات ترمي أيضا، حسب ما نشرته صحيفة «نيويورك تايمز»، إلى الحد من هيمنة الصين على مجال المستحضرات الصيدلانية والمعادن الحساسة التي تدخل في الصناعات الدقيقة جدا. وهذا النوع من المعادن يدخل في صناعة الأقمار الصناعية وآليات البرمجيات المعقدة التي يمتد استعمالها إلى مجال التسليح وليس صناعات السيارات أو الحواسيب فقط.

المختصون الأمريكيون يتوقعون ألا يعتمد الكونغرس الأمريكي نهائيا على أغلب التوصيات التي رفعها إليه هؤلاء النواب الأمريكيون، لكن سوف يبقى التقرير طريقا نحو التشريعات المستقبلية، خلال الأشهر القادمة، بشأن العلاقة مع الصين.

سبق لإدارة الرئيس الأمريكي بايدن، أن أعلنت عن قواعد جديدة تهدف إلى تحويل إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية المعتدة في الولايات المتحدة، من الصين ونقلها إلى أمريكا، في محاولة من البيت الأبيض تقليل هيمنة الصين على هذه الصناعة.

وقد أشارت بعض التقارير إلى الدور المستقبلي الذي يمثله المغرب في مجال صناعة السيارات وتوجه المغاربة إلى الطاقات النظيفة وتشجيع صناعة البطاريات الكهربائية عالية الجودة المستعملة في صناعة السيارات الكهربائية.

لا بد أن الاقتصاد الصيني سوف يتأثر كثيرا بالتعديلات التي يسعى الأمريكيون إلى فرضها وتشريعها على أرض الواقع، خصوصا وأن أغلب هذه التشريعات تسعى أساسا إلى حماية المستهلك وضمان جودة ما يتم استيراده. وبمجرد ما أن تصبح التشريعات سارية المفعول، حتى نسمع عن دول أخرى تفرض قوانين مشابهة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى