شوف تشوف

الرئيسيةشوف تشوف

ستأتي الأزمنة الرديئة

في سنة 2016 ثلاث سنوات قبل انتخابه رئيسا لأوكرانيا قدم زيلينسكي عرضا خاصا أمام جمهور من المتفرجين، حيث أنزل سرواله وعزف النشيد الوطني لبلده بعضوه التناسلي. ولابد أن ماكرون يحب المسرح والتمثيل، ففي دروس مادة المسرح تعرف على مدرسته وزوجته بريجيت التي كانت تكبره آنذاك بخمس وعشرين سنة.

يقول بعض المعلقين الفرنسيين إن الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون استحضر هذا “الإنجاز” غير الطبيعي الذي قام به زيلينسكي أمام البيانو وهو يستقبله بتلك الطريقة الحميمية التي جعلت أكثر الناس تصفية للنية يتخيلون أن ماكرون وقع في غرام زيلينسكي. والواقع أن زيلينسكي استطاع بمواهب الممثل التي يمتلكها أن يخدع رؤساء الدول الأوربية والغرب عموما وأن يجعلهم يفكرون في منحه دبابات وطائرات. المشكلة أن ماكرون الذي يريد أن يمنحه دبابات لوكليرك لا يملك منها سوى 222 دبابة فقط، 150 دبابة فقط مشغلة فيما الأخريات تستعمل لأخذ قطع الغيار. بمعنى أن الجيش الفرنسي في حالة حرب لا يمكنه أن يضع على طول 1500 كلم التي تشملها حدود فرنسا مع محيطها سوى دبابة كل ثمانية كيلومترات، مما يعني هزيمة محققة.

السيد جاي لباريس يطلب الطياير والدبابات صدق ماكرون معلق ليه وسام جوقة الشرف، ومشبعو تعانق وبوسان، ويمكن أن نتفهم ذلك بسبب عيد الحب الذي على الأبواب، لكن زيلينسكي لم يأت إلى دول غرب أوروبا لكي يحصل على التصفيق في الاتحاد الأوروبي بل على الطائرات المقاتلة والدبابات، وهو ما يظهر أن لا أحد ممن وعدوه بمنحها له يستطيع أن يغامر بتنفيذ وعده.

فهدف الغربيين ليس هو هزيمة روسيا أو انتصار أوكرانيا بل إطالة النزاع، وهذه الحقيقة سبق أن تنبأ بها جورج سوروس الملياردير المجري الأمريكي عندما كتب سنة 1993 في موقعه على شبكة الإنترنت مقالا توقع فيه ما يحدث اليوم تماما عندما قال “الولايات المتحدة ستقود الناتو نحو مواجهة روسيا الاتحادية من خلال أوكرانيا، حيث يوفر الأوكرانيون القوة البشرية للقتال عن الحلف بالوكالة، وبهذا يمكن لمحركي الدمى الغربيين السعي إلى إضعاف موسكو وفرض رؤيتهم لنظام عالمي يخدم مصالحهم”.

وفي مقالته تلك اعتبر سوروس أن عبء توريد الإمدادات العسكرية والاقتصادية لأوكرانيا يقع على عاتق القوى الغربية، وأن مصالح الغرب تتمثل في إطالة أمد الصراع.

لذلك فكل من يعتقد أن الأزمة العالمية الناتجة عن الحرب في أوكرانيا ذاهبة في طريقها للحل قريبا فهو واهم، فالحرب كما قال حاكم الكرملين لم تبدأ بعد.

إن ما نراه اليوم من أنياب فرنسا البارزة، والتي يحسب البعض أنها تبتسم، ليس سوى بداية المسلسل الطويل الذي سنعيشه مستقبلا مع هذه القوة الإمبريالية ذات الماضي الدموي والتي لا تستطيع أن تضمن الرفاه لأبنائها سوى بنهب ومص دماء الشعوب الفقيرة.

ولذلك فما عشناه خلال سنة 2022 عندما اندلعت الحرب العالمية الثالثة، المعسكر الروسي الصيني ضد المعسكر الأمريكي الأوروبي، لم يكن سوى بروفة للأزمنة الرديئة التي ستأتي، والقادم ليس سوى الندرة والخصاص في الطاقة والغذاء والدواء.

وما عشناه في المغرب منذ بداية السنة إلى اليوم من ارتفاع فاحش في الأسعار أظهر بالملموس أننا غير مستعدين لتلقي الصدمات، فرغم أن أسعار المواد الأولية انخفضت في الأسواق الدولية لشهرين متتاليين ورغم أن أسعار البترول مستقرة إلا أن أخطبوط الفساد والاحتكار والريع عندنا استمر في مص دماء المواطنين، مما يدل على أن منظومتنا الاقتصادية معطوبة وتحتاج من مؤسسات الرقابة أن تقوم بواجبها، ليس بمنطق الحملة كما نرى هذه الأيام، بل بمنطق العمل اليومي الصارم والجدي.

إن غياب الجدية والصرامة الدائمة في التعاطي مع مظاهر الريع والفساد والاحتكار سيؤدي بالبلد إلى كارثة محققة. آنذاك سنصبح لقمة سهلة في فم الذئاب الجائعة التي تتربص بنا من الخارج. ولن يمكننا آنذاك لوم أحد آخر غير أنفسنا لأننا تساهلنا مع الفساد إلى الحد الذي تغول وأصبح لجمه أمراً مستحيلا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى