
يونس جنوحي
ست ميداليات للمغرب في العدو الريفي لليافعين بسلوفاكيا، وستة تلاميذ مغاربة اختفوا من البعثة المغربية هناك.
مفارقة عجيبة تصلح للأفلام، لكنها حقيقية. اختفى ستة مشاركين مغاربة قاصرين، ولم يظهر لهم أي أثر في الفندق ولا في الملعب ولا في صالة التداريب. لقد أقدموا على سباق حقيقي في العدو الريفي، خارج المضمار هذه المرة. وبدل أن يتنافسوا على بلوغ خط النهاية، بلغوا خطا آخر.
هؤلاء القاصرون، بينهم فتاة، تركوا جوازات سفرهم، بحكم أنها كانت مع المسؤولين عن الوفد.
وطبعا ليست هذه المرة الأولى التي يهرب فيها مشاركون مغاربة في تظاهرات رياضية بالخارج، خصوصا عندما يتعلق الأمر بمشاركة في أوروبا أو أمريكا.
كيف سيتدبر هؤلاء القاصرون أمرهم في سلوفاكيا؟
قد يكون هناك تنسيق بين العائلات لكي تستقبلهم عائلاتهم بأوروبا، وقد يكون هناك مخطط لإيوائهم في الملاجئ، من تلك التي يتوجه إليها القاصرون المغاربة عندما ينجحون في العبور إلى سبتة أو مليلية.
يتعلق الأمر هنا بأبطال مغاربة قاصرين، هم مشاريع أبطال أولمبيين يفترض أن وزارة الشباب تستثمر فيهم، لكي يزيدوا من حظوظ المغرب في حصد ميداليات ذهبية في الألعاب الأولمبية، بعد ست سنوات.
وماذا عن مستقبلهم الأكاديمي؟ هل سيتابعون دراستهم وهم لا يتوفرون على وثائق تثبت هويتهم؟
القائمون على البعثة المغربية يعلمون جيدا أن قرارا مشابها لا يمكن أبدا أن يأتي بالصدفة. والأكيد أن هناك تنسيقا بين العائلات والمتسابقين المغاربة، لكي يلوذوا بالفرار في سلوفاكيا، ويتركوا جوازات سفرهم لدى المشرفين على البعثة المغربية.
هذا الحادث يأتي بعد ثلاث سنوات تقريبا على آخر «أطرف» عملية هروب مغربية مشابهة. إذ إن لاعبين مغاربة في فريق للكرة الطائرة، فئة الشباب، «طاروا» فجأة من الفريق ولم يظهر لهم أثر لا في الفندق ولا في الملعب ولا في صالة التداريب، واكتشف القائمون على الفريق المغربي أن هؤلاء اللاعبين الثلاثة هربوا من روما، حيث كان يفترض أنهم سيشاركون في بطولة العالم، لكنهم فضلوا رفع العلم المغربي بطريقتهم الخاصة، ولجؤوا إلى عائلاتهم هناك، وسوف يلزمهم بالتأكيد وقت طويل لكي يقوموا بتسوية وضعيتهم الإدارية والقانونية في إيطاليا.
وبالعودة إلى موضوع القاصرين الذين اختفوا في سلوفاكيا، فإن السلطات مدعوة إلى التنسيق مع عائلاتهم لمعرفة ملابسات القضية على الأقل، والتأكد من السلامة الجسدية لهؤلاء القاصرين حتى لا يتم استغلالهم هناك. تقارير أوروبية سابقة تحدثت عن حالات اغتصاب وحالات تحولت من قضية للهجرة السرية إلى اتجار بالبشر عرّض حياة قاصرين من مختلف الجنسيات للخطر، وتم استعمالهم في شبكات الاتجار في الأعضاء البشرية والرق الأبيض. وهؤلاء القاصرون وصلوا إلى أوروبا متسللين في شحنات السفن أو الحافلات، وتم إنقاذهم ووُجهوا إلى مراكز الإيواء.
هذا السيناريو الذي تكرر أكثر من مرة، بل وأصبح متوقعا، يجب أن يتوقف، لأنه يمس سمعة المشاركة المغربية في التظاهرات الدولية، سيما وأن هذه العادة تكررت منذ سنوات طويلة.
ففي سنوات التسعينيات، خلق الوفد المغربي الحدث في الصحافة الأمريكية عندما فر المشاركون، بينهم قاصرون، من معرض ثقافي في «وول ديزني» وتركوا الدمى وحدها في الجناح المغربي ولم يظهر لهم أثر إلا بعد أشهر طويلة، حيث بدؤوا يتقاطرون على مراكز الإيواء والمساعدة الاجتماعية، ولم ترحلهم السلطات الأمريكية، بل تفهمت وضعهم الإنساني وساعدتهم على تصحيح وضعيتهم القانونية فوق التراب الأمريكي. لكنها بالمقابل، شددت من إجراءات منح التأشيرات للوفود المشاركة في التظاهرات الثقافية بالولايات المتحدة لسنوات.
ست ميداليات في رصيد المغرب، وإلى جانبها آلاف النقاط في ظاهرة الهجرة غير الشرعية للمشاركين المغاربة، الذين بدل أن يقفوا فوق منصات التتويج، يقفون في طوابير مراكز الإيواء والإشارات الضوئية بمدن أوروبا وقراها، لكي يمارسوا رياضة حقيقية لا مكان فيها للميداليات.





