الرئيسية

شامة الزاز.. زواج قاصر لم يتجاوز أربع سنوات

تفضل شامة الزاز لقب «نجمة الجبل»، لكن الصحافيين يفضلون لقب «أيقونة الطقطوقة الجبلية»، وبين اللقبين توجد مساحة كبيرة من الإبداع، وهي في سن 21 من عمرها. ولدت شامة في بداية الستينات، في وسط متواضع جدا بدوار روف التابع لجماعة سيدي المخفي بإقليم تاونات، في قمة جبل يلفها جمال وخضرة. دخلت «المسيد» والتحقت بالمدرسة، لكنها غادرت الفصل مبكرا بعدما تعرضت لضرب مبرح من أحد المعلمين.
كانت هي وحيدة أسرتها من البنات، قبل أن يتوفى الوالدان ويتركان شامة في عهدة الزمن، لكن الوالدة أصرت في نهاية حياتها على وضع ابنتها في أحضان آمنة، ووافقت على زواجها من رجل مسن يدعى محمد جعل شامة زوجته الثانية. ولأن الزوج كان يقارب الستين من العمر، فإن الزوجة الثانية كانت مدللته لأنها لم تكن حينها تتجاوز 14 ربيعا، ومعها أنجب ابنين، قبل أن يصاب بنوبة مرضية مزمنة أنهت حياته، لذا لم يتجاوز هذا القران أربع سنوات، حيث ترملت شامة وهي في سن 17 سنة.
لم تتعرف شامة على شريك حياتها، ولم يكن بينهما أي خيط تواصل، فقد قبلت الزواج منه قبل أن تتعرف على ملامحه، ولم تشاهده إلا وهي تواجهه ليلة الدخلة. هناك علمت أنها ستكون الزوجة الثانية في بيت زوج يعاني من المرض، حيث قضت في عهدته فترة قصيرة لم تكن كافية لفهم طبعه وطبائعه.
مباشرة بعد فقدان زوجها، قررت شامة المشاركة في المسيرة الخضراء، وتركت ابنيها في عهدة والدتها التي كانت تود بدورها المشاركة في الحدث، ومع متطوعي المسيرة كشفت شامة عن مواهبها الدفينة حيث نشطت مخيم طرفاية ولفتت انتباه المنظمين لوجود شابة تاوناتية تملك صوتا رخيما وقدرة على استمالة مشاعر المستمعين.
تتذكر الفنانة الشعبية هذه المحطة الهامة في مسارها وتقول: «خلال هذا الحدث الرائع، وفي مدينة طرفاية بالضبط، كنت أشرف على تأطير النساء المتطوعات المنتميات إلى منطقتي نهارا، وأحيي أنشطة ترفيهية لصالحهن مساء. هناك تسرب الحس الموسيقي إلى أعماقي». تعد مشاركتها في المسيرة الخضراء أعز ذكرى في حياتها، وبعدها تحدت الظروف العائلية وانخرطت في مجموعة الفنان الراحل محمد العروسي، عبر اسم مستعار، إذ ظلت تسجل الأشرطة الغنائية سرا، دون أن تكشف عن صورتها وعن انتمائها لفرقة موسيقية، من أجل إطعام ابنيها علما أن أحدهما يعاني من اضطرابات نفسية، أما الثاني فيعيش على إيقاع العطالة دون أن يتمكن من العثور على شغل يمكنه من اقتسام أعباء الحياة مع والدته.
تعرفت شامة على الفنان محمد العروسي، الذي طور أداءها وأصبح شريك حياتها فنيا، وتعلمت منه مبادئ المهنة، على الرغم من الحصار الذي كان مضروبا على الطاقات النسائية. ومع فرقة العروسي جابت «نجمة الجبل» عشرات الدول وفاقت شهرتها تاونات. لكن وفاة العروسي أثرت سلبا على شامة التي أصبحت تعيش وضعا مزريا ولجأت للغناء في الأعراس لضمان لقمة العيش لأسرتها، خاصة وأن تدبير مصاريف إعالة ابنين تجاوزا الثلاثين من العمر ليس بالأمر الهين.
في ظل هذا الوضع قام عشاق هذه الفنانة، وعلى رأسهم الإعلامي أحمد افزارن، بمبادرة تضامنية لجمع سبل الدعم لفنانة تعيش ضائقة مالية، مطربة «مظلومة مقهورة، بريئة براءة الطفولة هرمت بعامل السن المتقدم، شاخ حتى صوتها، ولم تعد جسميا قادرة على الانتقال بين جبال تاونات للغناء في الأعراس، فهي تعيش اليوم حياة بدوية في أقاصي البادية ترعى ماعزها، تطبخ أكلتها، لتقوم بذلك بكل ضروريات الحياة الزوجية».
استجاب كثير من هواة الطقطوقة الجبلية للنداء التضامني، بل إن أحد المحسنين قام بإرسال شامة إلى الديار المقدسة لأداء مناسك العمرة، بل إن الحملة شملت إعادة بناء بيتها في الجبل الذي التهمته النيران.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى