
النعمان اليعلاوي
أثار تحويل صفقة اجتماعية بقيمة 80 مليون سنتيم من الإعانات المخصصة لمحتاجين من ساكنة مقاطعة اليوسفية بالرباط إلى جمعيات محدودة، غضب عدد من المستشارين والمنتخبين بالمجلس، الذين اعتبروا أن ما وقع يعكس ارتباكاً في التدبير وغياباً للشفافية في صرف المال العام.
وحسب مصادر مطلعة تحدثت إلى «الأخبار»، فإن المجلس صرف المبلغ المذكور لفائدة جمعيتين لذوي الاحتياجات الخاصة ومؤسستين أخريين تستفيدان أصلاً من دعم مجلس عمالة الرباط ومجلس المدينة، ما أثار تساؤلات عميقة حول معايير الاختيار وخلفيات القرار، خاصة أن العملية تمت ـ بحسب المصادر نفسها ـ من دون علم أو استشارة مستشاري المقاطعة، في خطوة وُصفت بـ«الانفرادية وغير المسبوقة» في تاريخ التسيير المحلي باليوسفية.
وأكد عدد من المنتخبين أن الطريقة التي تم بها توزيع الإعانات هذه السنة «تطرح علامات استفهام حول النية الحقيقية للمجلس، خصوصاً وأنها السنة الأخيرة من الولاية الحالية، وهو ما يثير شبهة استغلال سياسي أو انتخابي للعمل الاجتماعي»، وأضافوا أن «الحديث عن دعم فئات محتاجة لا ينبغي أن يُستعمل غطاءً لتوجيه الدعم إلى جمعيات بعينها على حساب أسر معوزة في أمسّ الحاجة إليه».
وشددت المصادر نفسها على أن إحدى الجمعيات المستفيدة يرأسها شخص معروف بلقب «عراب المنتخبين» في الرباط، ما زاد من حدة الجدل حول خلفيات الصفقة وطبيعة العلاقات التي تجمع بعض الفاعلين الجمعويين بمسؤولي المجلس، ومن جهة أخرى، طرح مستشارون بالمجلس أسئلة حول المعايير المعتمدة في اختيار الجمعيات المستفيدة، وما إذا كانت هناك لجنة تقييم أو مسطرة انتقاء شفافة، وتساءلوا عن الأساس القانوني الذي سمح بتحويل الإعانات الاجتماعية التي كانت موجهة للفئات الهشة إلى جمعيات ومؤسسات سبق أن استفادت من تمويلات أخرى من مؤسسات عمومية.
وأشارت المعطيات، التي حصلت عليها «الأخبار»، إلى أن هذا القرار أدى إلى إقصاء نحو 150 أسرة معوزة سبق أن استفادت من مبادرة اجتماعية مماثلة تتعلق بـ«ختان الأطفال»، كانت أُدرجت ضمن برامج الدعم الإنساني للمقاطعة، قبل أن يتم استبعادها بشكل مفاجئ هذه السنة دون مبررات واضحة.
ويرى مستشارون أن ما حدث يعكس غياب رؤية واضحة لدى مجلس اليوسفية في تدبير الشأن الاجتماعي، وتحويل مبادرات التضامن من أداة لخدمة الساكنة إلى ورقة سياسية وانتخابية، داعين السلطات المختصة إلى فتح تحقيق شفاف في مآل هذه الصفقة وطريقة صرفها، لضمان احترام مبادئ الإنصاف وتكافؤ الفرص بين الجمعيات والمستفيدين، كما طالب عدد من الفاعلين الجمعويين بإعادة النظر في طريقة تدبير الدعم العمومي للجمعيات داخل المقاطعة، واعتماد دفتر تحملات واضح ومعايير موضوعية، حتى لا تتحول الإعانات الاجتماعية إلى «ريع مقنّع» أو وسيلة لخدمة أجندات انتخابية ضيقة.





