شوف تشوف

الرأيالرئيسيةمجتمع

ضحايا الحرب

 

يونس جنوحي

 

أول صباح بهذا الأسبوع في العاصمة الأوكرانية «كييف» بدأ بإطلاق صفارات الإنذار. وهو ما ينذر بأن الأسبوع سوف يكون مفتوحا على كل التوقعات.

حدث هذا في الوقت نفسه الذي كانت فيه المروحيات تحلق في بيلاروسيا لاستقبال وفد من أوكرانيا ومن روسيا لبدء محادثات لعلها تُنهي حالة الاحتقان قبل أن نضطر إلى مشاهدة مناظر الخراب.

المغاربة حاضرون في هذه الحرب. وهناك اليوم أبناء من نفس العائلة، بعضهم في روسيا وآخرون في أوكرانيا، يعيشون هذا التوتر بطريقتهم الخاصة. إذ إن الطلبة وحتى الباحثين عن حياة أخرى هناك، فضل أغلبهم ألا يعودوا إلى المغرب وينتظرون ما سوف تؤول إليه الأمور هناك، خصوصا منهم الذين لم يسووا بعدُ وضعيتهم الإدارية فوق التراب الأوكراني أو الروسي.

عاش شبان مغاربة على أعصابهم نهاية الأسبوع الماضي ونقلوا عبر هواتفهم أجواء لم تصل إليها كبريات القنوات العالمية التي تغطي الأحداث، من قلب القطارات التي أجلت النازحين من كييف نحو دول أخرى. وهؤلاء المغاربة، كما هي العادة دائما، كانوا يخلقون الابتسامة في عز الترقب وأجواء الخوف من القصف والرصاص.

أما الذين يعتبرون أوكرانيا مجرد بلد عبور نحو فرنسا وألمانيا وإيطاليا، فليسوا أحسن حالا من الآخرين، إذ بدورهم يحسون بأن لعنة كبيرة تلاحقهم حتى بعد أن نجحوا في الوصول إلى القارة الأوربية.

رغم أن السفارة المغربية في أوكرانيا نشرت عددا من التوجيهات للمغاربة، خصوصا الطلبة، حيث يشكلون الفئة الكبرى للمقيمين، إلا أن بعض هؤلاء الطلبة فضلوا ألا يمتثلوا للنصائح التي وجهتها عدد من الدول لرعاياها ليغادروا أوكرانيا قبل أي تدخل عسكري، وفضلوا البقاء، حيث احتموا مع الذين لم ينجحوا في مغادرة «كييف»، داخل مترو الأنفاق. ومنهم من قضى نهاية أسبوع بيضاء لثمان وأربعين ساعة، في انتظار القطار الذي يغادر الحدود الأوكرانية، مع كل ما تشكله العملية من خطر على أرواح آلاف الركاب. إذ كان محتملا أن تضرب الطائرات الروسية القطارات. المغاربة الذين كانوا من بين الركاب، جلهم من الطلبة الذين رفضوا العودة عندما أتيحت لهم الفرصة.

وفي هذه الحالة يكون الخاسر الأكبر هم العائلات المغربية التي تعيش على أعصابها. إذ رغم دخول عدد مهم من الطلبة المغاربة في أوكرانيا إلى المغرب، إلا أن القلق لا يزال مسيطرا على أحاسيس العائلات. الذين عادوا يعيشون على إيقاع الخوف من خسارة المستقبل الأكاديمي، والذين لم يعودوا يعيشون على إيقاع خوف من أن تطالهم الحرب،

ربما تحمل الأيام القادمة بعض الانفراج في الأزمة. إذ أن بعض المغاربة المرشحين للهجرة السرية اعتبروا دعوة بريطانيا لاستقبال لاجئين من أوكرانيا، فرصة ذهبية للوصول إلى لندن والبقاء هناك حتى لو انتهت الحرب.

لا أحد في أوروبا يعلم كيف سوف تدبر دول الاتحاد الأوروبي أزمة أوكرانيا مستقبلا. إذ أن ألمانيا تحاول خفض أعداد اللاجئين فوق ترابها، وبريطانيا تحاول حاليا ترميم ما خسرته بسبب الانسحاب من الاتحاد الأوروبي.

في كل حرب، هناك دائما زاوية لا يراها أحد. يسبق إليها صائدو الغنائم، ويحققون ثروة من وراء مآسي العائلات.

في حالة ما إن رفضت الجامعات الأوكرانية بعد انتهاء هذه الأزمة، تسوية وضعية الطلبة الذين غادروا نحو المغرب وتوقفوا عن الدراسة حاليا، فإن هؤلاء الطلبة سوف يصبحون من ضحايا الحرب بكل تأكيد، وربما لن يسمع أحد صوتهم في المستقبل.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى