شوف تشوف

الرئيسيةحواررياضة

غلطة العمر حوارات جريئة ناطقة بالندم والاعتراف: عبد اللطيف الطاطبي (الرئيس السابق للجامعة الملكية المغربية لكرة اليد)

الرابطة البيضاوية أخرجت المواطنين للشارع قبل كرة القدم والحاجة اليوم لبيضاويين في مناصب تدبير المدينة

بعد أن قضيت فترة طويلة في الملاعب رئيسا للرابطة البيضاوية لكرة اليد وللجامعة الملكية المغربية لكرة اليد، ما الأشياء التي ندمت عليها؟

كلما تأملت مساري مع نادي الرابطة البيضاوية لكرة اليد، إلا وشعرت بالندم لأنني قضيت عمري في الدفاع عن قضية قد تبدو بسيطة للبعض لكنها بالنسبة لي قضية وجود، حق الرابطة في الحياة. صحيح ارتكبت أكثر من غلطة عمر وكررت الأغلاط نفسها مرات ومرات، لكن صدقني الخلل في غياب من ينصت لك، أتحسر حين أرى في مدن أخرى رجالات المدينة في مناصب المسؤولية، للأسف رجال الدار البيضاء لا يدبرون أمرها.

 

ليس بالضرورة أن تكون بيضاويا لتنال منصبا..

حضرت يوما حفل توقيع كتاب منظم من طرف جمعية رباط الفتح، وحين كنت عائدا إلى الدار البيضاء تألمت لأنني وقفت على دور رجالات الرباط، كالأستاذ بناني، في النهوض بالجانب الثقافي والرياضي والفكري، الشيء نفسه حين نجد رجالات سلا كشماعو وعواد في جمعية أبي رقرار، وجمعية الأطلس من زمن المديوري. صحيح هناك جمعيات كبرى في الدار البيضاء لكنها لا تحمل هموم البيضاويين، ثم إن الدار البيضاء تدبر من غير البيضاويين.

 

ظل حي درب غلف، بالرغم من كونه قلعة للنضال السياسي، خارج اهتمامات القائمين على الشأن الاجتماعي، وظل مطلبه الكبير الحق في قاعة مغطاة..

 للأسف غالبية المواطنين يربطون درب غلف بـ”جوطية”، والحال أن الحي العريق أنجب شخصيات راسخة في ذاكرة الوطن في جميع المجالات وليس الرياضة فقط، المجال لا يسع للحديث عنها. لكن لا يمكن ذكر درب غلف دون الحديث عن الرابطة عن نجم الشباب عن الحياة. رغم أن كرة اليد ساهمت في إشعاع الحي بفضل شخصيات ساهمت في نقش تاريخ زاهر بماء من ذهب. نادي الرابطة البيضاوية يعد من أنجح الفرق بالعاصمة الاقتصادية في لعبة كرة اليد، أنجب لاعبين كبارا كان لهم عطاء لافت في البطولة الوطنية وحتى في المسابقات القارية، من يسأل اليوم عن الرابطة؟ حين نفوز بلقب البطولة تخرج النساء ويخرج الأطفال والشيوخ وكل فئات الحي لاستقبال أبطال درب غلف في باشكو وبئر أنزران وقطع ولد عايشة، الرابطة أخرجت الناس للشارع من أجل الاحتفال قبل كرة القدم.

 

هل كانت رئاستك للجامعة الملكية المغربية لكرة اليد غلطة عمرك؟

رئاسة الجامعة غلطة، كانت غلطة فعلا، قبل أن أتسلم المشعل كنت رئيسا للجنة الاستئناف بالجامعة، اشتغلت مع أساتذة أجلاء كبوهروال والسبيطي وبليندة الأكبر وبن حساين وفطاحلة التسيير، قبل أن أصبح رئيسا للجامعة. كنت أعيش، وأنا رئيس للرابطة، متاعب فريق فأصبحت مع تسلمي مقاليد الجامعة مهووسا بمشاكل اللعبة في المغرب بأكمله. أنا لا أشاهد مباريات الرابطة إلا نادرا ربما مباراة واحدة هذا الموسم، لا أريد أن أعيش ألم التهميش الذي يعيشه الفريق. لقد صبر اللاعبون والمدربون ولعبوا دون مقابل، أشكرهم على تضحياتهم لكن إلى متى؟ منحة الجامعة لا تتجاوز 90 ألف درهم هل يكفي هذا المبلغ لتدبير رحلتين خارجيتين؟ صحيح الرجال قبل المال لكن المسير الذي يعجز عن الوفاء بوعوده عليه أن يرحل.

 

هل هي دعوة لضخ دماء جديدة في الرابطة؟

كنت رئيسا للرابطة عام 1977 وأنا شاب في مقتبل العمر، هرمنا الآن وعلينا أن نترك السفينة لربابنة من الشباب، اليوم أرى نفسي راضيا ومطمئنا على الفريق، حققنا كل شيء، وحان الوقت لضخ دماء جديدة تتحمل المسؤولية. باب الانخراط مفتوح في وجه الراغبين المحبين للرابطة من اليوم وحتى نهاية الموسم، وأتمنى أن يقبل الشباب على تدبير هذا الفريق والحفاظ عليه.

 

هل هي استراحة محارب أم قطع نهائي مع عشق من جانب واحد؟

بعد قرابة نصف قرن من التسيير الرياضي يحق لي أن أطلب من «ناس» درب غلف ومن محبي الرابطة أن يسمحوا لي بالابتعاد مكرها عن هذا الصرح، لأن لدي أسرة تستحق بعض الاهتمام وأنا الذي أعطيت حياتي للرياضة بصفة عامة، ولكرة اليد بصفة خاصة. إن درب غلف، الذي أنجب العشرات من المتألقين في كل المجالات، قادر على أن ينجب من يخلف الطاطبي في تسيير الفريق التاريخي لكرة اليد.

 

ربما لن تستطيع الابتعاد عن الرابطة مهما حاولت..

أعيش مع الرابطة لحظة بلحظة، ولا تبعدني عنه سوى لحظات النوم. أفلست شركاتي من أجل الرابطة، وهو أمر يعلمه الجميع، لم أكن لأهتم، فسعادتي أختزلها في استمرار حياة الرابطة في انتصاراتها، إلى درجة أن المتعاملين والزبناء مع شركتي ظلوا يرفضون دائما تسليمي ما أدين به عليهم أيام الخميس والجمعة والسبت، لاقتناعهم بأنني سأصرفها على فريق الرابطة، أنني لم أتردد في أحد أيام بدايات التسعينات في طرح سيارتي الخاصة للبيع وقمت بالفعل ببيعها، واستعملت المبلغ الذي تسلمته في تحفيز اللاعبين ووزعته عليهم على شكل منح، إذ لم يكن يفصلنا حينها عن تحقيق لقب البطولة سوى مسافة قصيرة، وكنا نواجه متاعب عدة بسبب مواقف بعض المسؤولين عن تدبير الدار البيضاء.

 

هل ضيعت وقتا كثيرا في معاركك مع رؤساء المقاطعات والسياسيين؟

صدامي مع المنتخبين لم يكن الدافع وراءه مصلحة خاصة لي، لقد كنت أطالب بمعاملة الرابطة البيضاوية كفريق بطل يمثل المغرب ويمثل الدار البيضاء، إذا طالبت يوما بمنفعة خاصة فليفضحني أي مسؤول وجهت له هذا الطلب. صدامي مع المنتخبين، إذا سلمنا بوجود صدام فعلا، راجع لكوني كنت أصغر رئيس في كرة اليد، ففي سنة 1977 دخلت غمار المسؤولية وتعرفون أن الشباب مرادف للحماس والطموح وربما الاندفاع. اليوم الشباب هم الذين يسيرون الفريق أدعوهم للانخراط وهم مرحب بهم في النادي.

 

لكن حصل مشكل مع الرئيس الحالي لمقاطعة المعاريف حين حرم الفريق من حافلة الجماعة..

كانت الرابطة تجد دوما آذانا مصغية تلبي طلباتها لأنها تمثل درب غلف الحي العريق، كان المعطي ونودير والشافعي يعرفون احتياجات الفريق ويساهمون قدر الإمكان في دعم مسيرة الرابطة حتى تظل حية ترزق، أيضا لا بد من الإشارة لفضل نائب عمدة الدار البيضاء السابق ورئيس مقاطعة المعاريف سابقا عبد الصمد حيكر، على الفريق. شخصيا كعبد اللطيف الطاطبي لم يقع لي أي مشكل مع رئيس مقاطعة المعاريف الحالي، كل ما في الأمر أنني طالبت بحق الفريق في استخدام حافلة الجماعة كالعادة، هناك خمس جمعيات تستفيد من الحافلات وضعنا الطلب للأسف لم تكن الاستجابة تامة.

 

قصدي مشكل تنقل الفريق إلى مدينة السمارة..

حصل سوء تفاهم مع عبد الصادق مرشد، رئيس المقاطعة، حين استعصى علينا تدبير رحلة للفريق صوب السمارة. لقد عانى فريق الرابطة البيضاوية الشيء الكثير من أجل السفر إلى مدينة العيون عبر الطائرة ومنها عبر الحافلة إلى السمارة لمنازلة ودادها المحلي في إطار البطولة الوطنية لكرة اليد. الضائقة المالية اضطرت فريق عبد اللطيف طاطبي إلى طرق العديد من الأبواب، وعلى رأسها مقاطعة المعاريف التي يترأسها عبد الصادق مرشد دون أن نجد حلا، ولولا مجهودات أبناء درب غلف وبعض العاطفين لاعتذر الفريق العريق في رياضة كرة اليد الوطنية، الحاصل على 24 لقبا وطنيا، منها 12 لقبا للبطولة الوطنية و12 لقبا مثلها من كأس العرش، عن هذه المقابلة المصيرية. ويبدو أن العلاقات التي تربط الرابطة البيضاوية بأبناء درب غلف أثمرت تدخل أحد الغيورين من أبناء الحي العتيق الذي تطوع لتحمل مسؤولية تنقل الرابطة إلى العيون ومنها إلى السمارة على نفقته الخاصة.

 

والسلطات؟

لقد تم تذويب الخلاف وإزالة الغموض فعادت المياه إلى مجاريها، خاصة وأن الرئيس الحالي هو «ولد درب غلف»، وله إلمام بكرة اليد، فقد كان كاتبا عاما للوداد في كرة القدم وكاتبا عاما لكرة اليد مع الشرايبي بفرع الوداد حين بلغ الفريق الأحمر نهائي كأس العرش ضد النادي المكناسي، وكنت حينها رئيسا للجامعة الملكية المغربية لكرة اليد، ثم إن عامل مقاطعات أنفا عزيز دادس كان لاعبا في الوداد ويعرف جيدا درب غلف. طوينا صفحة الخلاف مع الرئيس في حفل تكريم اللاعب والحكم الكرش.

 

هل سبق لك أن دخلت غمار الاستحقاقات الانتخابية السياسية؟

فعلا كانت محاولات لاستقطابي نحو عالم السياسة، لكنني كنت أتهرب وأبحث عن مبررات، أنا أناضل ضد هيمنة السياسي على الرياضي. أذكر أن شكري، والد اللاعب بيتشو، اتصل بي وكان مبعوثا من المعطي بوعبيد وعبد اللطيف السملالي وطلب مني الانضمام للاتحاد الدستوري لكني رفضت العرض لاعتبارات عديدة أبرزها أنني لست سياسيا، علما أنني رفضت مقترحات في هذا الاتجاه من أحزاب أخرى، شعاري الرياضة من أجل الرياضة.

 

لكن السياسة كانت حاضرة في تصوراتك خاصة القضية الوطنية، فنادي وداد السمارة حين يمثل المغرب في محفل رياضي قاري ينسحب خصوم وحدتنا وتعلن الجزائر اعتذارها عن المشاركة..

تقصد وداد السمارة لكرة اليد الذي شارك في أبريل 2011 بالكاميرون في بطولة إفريقيا للأندية الفائزة بالكأس، وهو ما دفع الفريق الجزائري اتحاد سكيكدة إلى الانسحاب من البطولة. لقد أشار الكاتب منصف اليازغي لهذه الواقعة في كتابه حول مخزنة الرياضة المغربية. أما بالنسبة لنا كجامعة في تلك الفترة، فقد قمنا بالمتعين على المستوى الإداري وأشعرنا رئيس السمارة حنفي وهو الرئيس الحالي للجامعة، حيث طلبت منه المشاركة في التظاهرة المنظمة بالكاميرون، وأجريت اتصالات مع وزير الشباب والرياضة بلخياط ومع جهات أخرى، وكما توقعنا انسحب الجزائريون، منذ ذلك الحين أصبحت مشاركة فريق الصحراء المغربية سنة حميدة للجامعة سواء مع العمراني أو مع الرئيس الحالي حنفي، وكلما شارك وداد السمارة في ملتقى إفريقي أو عربي تنسحب الفرق الجزائرية.

 

ما سر لغز القاعة المغطاة لدرب غلف التي لم تر النور رغم تعاقب عدد من وزراء الرياضة؟

يجب أن نعترف بأن تعاقب وزراء الرياضة لم يخرج مشروع القاعة المغطاة إلى الوجود، لكن، بالمقابل، علينا أن نعترف بأن نوال المتوكل دعمت الرابطة وكرة اليد، وأن الوزير منصف بلخياط ضاعف منحة نوال. بالنسبة لمشكل القاعة المغطاة، تجب العودة إلى الوراء لفترة سجيد وكان رئيس المقاطعة الحالي في ديوان العمدة. لقد جاءا إلى درب غلف ووقفا على مشكل القاعة بتدخل من عزيز دادس الذي كان عاملا على مقاطعة الفداء. لكن العمدة اقترح علينا قاعة سعتها 200 مقعد، تداولنا الأمر في ما بيننا وتبين أنه من السخرية بناء قاعة في معقل كرة اليد بسعة جماهيرية قليلة جدا، أذكر أن اللاعب والإطار السابق للرابطة اعترض قائلا: «الإخوان حشومة نصومو كل هذه المدة ونفطرو على جرانة»، ولا زلنا إلى اليوم نتذكر هذه القولة. لقد قال رئيس المقاطعة الحالي إن بناء قاعة مغطاة في درب غلف لا يعني وضعها رهن إشارة الرابطة بل سيستفيد من خدماتها شباب الأحياء المجاورة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى