شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

«فهم تسطى»

حسن البصري

مقالات ذات صلة

 

حين تعاقد عزيز البدراوي، الرئيس السابق للرجاء البيضاوي، مع اللاعب الغابوني أكسيل مايي، استهلت جل الصحف الورقية والإلكترونية خبر التعاقد، بفعل «نجح»: «نجح البدراوي في حسم صفقة المهاجم..». «نجح رئيس الرجاء في قطع الطريق على أندية مغربية». «نجح مكتب الرجاء في توقيع صفقة الموسم»، وقس على ذلك من المقالات التي بدأها كتابها بفعل «نجح» ولكن القصة ستنتهي بفعل «فشل». كان الراسخون في الإعراب على حق حين تبين لهم أن «نجح» فعل ماض ناقص، والفاعل مرفوع.

لجأ اللاعب لغرفة المنازعات مطالبا بأزيد من مليار سنتيم، كمتأخرات مالية لم تجد الطريق إلى حسابه البنكي، رغم أنه لم يجد الطريق إلى الشباك.

لم يقدم هذا اللاعب ما يشفع له بالبقاء في تشكيلة الرجاء، وتبين أن البدراوي «بلبلها» فعلا، حين تعاقد مع لاعب لا يعرف الطريق إلى الشباك، وكل ما يعرفه هواتف المحامي والمفوض القضائي والبريد الإلكتروني لمحكمة التحكيم الرياضي. الرجاء اليوم مطالب بمنح اللاعب أزيد من مليار مقابل التنازل عن القضية.

استعصى علي تصديق تعاقد غريب بين البدراوي ولاعب ليبيري الأصل سويدي الجنسية يدعى بيتر ويلسون، جاء إلى المغرب وتحت جنح الظلام وقع عقدا بقيمة 400 مليون سنتيم، وفي اليوم الموالي تبين أن قدم بيتر صماء، فتقرر التخلص منه تحت مبرر الفشل في الاختبار التقني، علما أن الفحص التقني يسبق التوقيع. لجأ اللاعب إلى «الفيفا» التي أجبرت الرجاء على أداء المبلغ ومعه مصاريف التقاضي.

قد يكون بيتر أول لاعب يحصل على آلاف الدولارات دون أن يلعب ولو دقيقة، لكن الرئيس لم ينتبه أثناء توقيع العقد إلى قميص هذا اللاعب، لقد كان يحمل صورة توباك شاكور مغني الراب الأمريكي المتمرد.

أما سيف الدين العلمي الذي كسب قضيته أمام الرجاء، ورفض التنازل على درهم واحد مطالبا بنصف مليار سنتيم، حتى اعتقدنا أنه سيف مهند، فلم يخض سوى بضع دقائق بقميص الرجاء وقضى ما تبقى من أيامه مشجعا. لكنه يظل الأغلى في تاريخ الرجاء والكرة المغربية.

أما اللاعب المصري عمرو وردة، فقد استقال من اللعب بعد ساعات عن توقيع عقد الانضمام للرجاء، وطالب بفسخ العقد وهو ما استجاب له الرئيس بودريقة على مضض، لاسيما وأن اللاعب قرر التفرع للعب والاحتراف في مجال التحرش، كل ما كسبه من العبور السريع قميص أخضر للذكرى وصديقات مقيمات في «إنستغرام».

هؤلاء كانوا يقبلون قميص الرجاء ويضعون في صفحاتهم نسرا، ويبايعون فضائل المشجعين سرا وعلانية، لكن عند امتحان الأزمة يعز اللاعب أو يهان، حينها يتبين أن القلوب باتت تتلون وفق المصالح.

في كل فريق نسخة منقحة من أكسيل وبيتير والعلمي ووردة وحركاس، هؤلاء وغيرهم يؤمنون بأن «الفيفا» لا تحمي الرؤساء المغفلين، وأن كثيرا من الصحف خصصت صفحة المحاكم لأخبار غرفة النزاعات رغم أن كل خبر يصلح ليكون خبرا ساخرا.

أنصح هؤلاء اللاعبين بالتفكير في تأليف كتاب «كيف تلهف الملايين دون أن تعرق؟». سيجد إقبالا واسعا خاصة إذا تعددت نسخه وتنوعت من الرياضي إلى السياسي إلى الفني والفكري. أكيد أن الجيل القادم سيهرول للمكتبات لاقتنائه قبل كل المقررات الدراسية. كما أنصح أيضا هؤلاء اللاعبين الأشباح بالانضمام لبطولات «البلاي ستيشن»، حفاظا على سلامتهم من كل مكروه، من يحاسب الرؤساء الذين أبرموا صفقات بالملايين دون كلمة عتاب؟

باسم «الجمع سيد نفسه» تلغى قاعدة الحكامة المهددة بالانقراض «لحساب صابون»، وفي عز «الميركاتو الصيفي» يتقدم فريق ترعاه شركة مسحوق النظافة بعرض لشراء هذه العينة من الرؤساء، مع وعد بخدمة التوصيل.

الله يسخر.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى