حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

فيروس القليشية

إن فساد بناء العمارات والطرق والمشاريع يمكن تداركه، وتكون تبعاته محدودة ومقدور عليها، ويمكن معالجتها داخل آجال محصورة، على عكس فساد بناء الإنسان الذي إذا استمر لا قدر الله، فسنكون أمام كارثة بكل المقاييس، وتدهور كافة القطاعات الحيوية، وتفشي ظواهر الغش والخداع وطوفان التفاهة الذي يهدد الجميع بالغرق، وتمييع عمل المؤسسات الرسمية، والتطبيع مع جرائم هدم الأسس المتينة للأسرة كلبنة أساسية في بناء المجتمع والحفاظ على تماسكه.

مع تفشي فيروس “القليشية”، والفساد الذي ينخر الجامعات وبيع الشهادات الجامعية، وتحول التعليم إلى تجارة والمضاربة في الدعم المدرسي والنتائج المنفوخة التي لا تتوافق ومستوى التلاميذ والطلبة، نحن أمام أزمة حقيقية تجعل الشهادات والدبلومات بلا قيمة، ومن يحملها كمثل الحمار الذي يحمل أسفارا دون دراية بالتخصص ولا القدرة على الممارسة الميدانية وتقديم قيمة مضافة للمجتمع والمساهمة في تقدم الدولة.

لا أحد منا يريد أن يعيش كابوس حصول طلبة على المديين المتوسط والبعيد على شهادات ودبلومات عليا، وهم لا يفقهون شيئا في الطب ولا الهندسة ولا البحث العلمي، ودخول أساتذة جامعيين للتدريس وهم لا يفقهون ما يدرسونه للطلبة من الأصل لأنهم نجحوا بالغش وحصلوا على المنصب بالفساد، فيتحولون من منارة لتلقين العلم إلى تكريس الجهل والفساد داخل قطاع التعليم والتكوين المهني.

إذا لم يتم تدارك الأمر وتحمل الكل مسؤوليته في محاربة الفساد بالقطاعات الحساسة، فإننا لاشك سنعاني مستقبلا ليس في العثور على طبيب ماهر لعلاج مرضانا فقط، بل سنفتقد حتى لنجار في المستوى المطلوب لصنع باب لمنازلنا وفق الجودة المطلوبة، وسيعم الغش جميع القطاعات ويتزايد التطبيع معه، ليصبح كل شيء مغشوشا ولا يساوي قيمته الحقيقية على أرض الواقع.

من المؤسف رؤية بعض الكفاءات والطاقات التي نصرف عليها من المال العام لتعليمها وهي تغادر إلى الخارج وتستقطبها بلدان أجنبية للاستثمار فيها والاستفادة من خدماتها، في حين يبقى الوطن في أمس الحاجة إليها، لذلك فنحن أمام مسؤولية تاريخية في محاربة الفساد بالجامعات والتعليم بصفة عامة لتحقيق هدف التنمية المنشودة وتشجيع البحث العلمي، واستعادة الشهادات الجامعية لقيمتها والصرامة في تخريج الكفاءات والطاقات الشابة.

عندما يعم فيروس الغش تُفقد الثقة في كل شيء، لذلك مازال الوقت يسمح بتحرك جميع القطاعات الوزارية المعنية والمؤسسات والفاعلين السياسيين والجمعويين وكل القوى الحية، من أجل المشاركة الفعلية في محاربة الفساد، وضمان احترام المبدأ الدستوري الذي ينص على تكافؤ الفرص بين الجميع، لأن التنافس الحقيقي في طلب العلم والمهارات في الحرف والاحترافية ومواكبة المستجدات، هو السبيل لتحقيق التقدم والازدهار وتجويد الحياة العامة، وليس التنافس في الفساد والغش بمبرر أن الجميع يفعل ذلك، وهو مبرر مردود على صاحبه طبعا في الدنيا وأمام الله.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى