شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

فيلم عن سقوط الشاه

يونس جنوحي

 

حسب ما تداولته وسائل إعلام أجنبية، قبل أيام، فإن بعض المنتجين السينمائيين، بمعية بعض كُتاب السيناريو المعروفين في الولايات المتحدة، سبق لهم أن تدارسوا جوانب مشروع إخراج عمل عن حياة شاه إيران الذي أطاحت به ثورة أنصار الخميني سنة 1979، من بدايتها إلى النهاية.

لكن المثير أن هؤلاء المنتجين وضعوا المغرب على رأس قائمة الدول التي سيجري فيها تصوير أحداث الفيلم، إذ من غير المطروح نهائيا أن يصوروا في شوارع طهران.

وسبق فعلا أن تم تصوير فيلم حياة فنان إيراني عصفت الثورة بحياته في عالم الرقص والاستعراض، واختير المغرب لتصوير أغلب لقطات الفيلم التي تناولت حياته وأجواء المظاهرات التي سبقت إسقاط نظام الشاه.

لكن علاقة المغرب بقصة شاه إيران تتجاوز أجواء التصوير ومحاكاة مشاهد تتشابه فيها معظم دول الشرق في عيون الغربيين. بل يتحتم التصوير في المغرب من الجانب التوثيقي أيضا، بحكم أن شاه إيران استُقبل من طرف الملك الراحل الحسن الثاني هو وأسرته بمجرد ما أعلن خبر إسقاط نظامه وعودة الخميني على متن الخطوط الجوية الفرنسية إلى طهران وسقوط الليبرالية وإعلان بداية الدولة الإسلامية على طريقة الخميني.

شاه إيران كان صديقا لكل رؤساء العالم تقريبا، وأقام حفلات باذخة دعا إليها الرؤساء والملوك والوزراء ومشاهير السينما والأدب، وحج إليه مُعجبون من كل الانتماءات السياسية لكي يتعرفوا بأنفسهم على سحر بلاد فارس. لكن عندما سقط نظامه رفضت كل الدول استقباله، بما فيها دول الغرب التي كانت داعمة له في السابق. ووقتها أبان الملك الراحل الحسن الثاني عن حنكة سياسية كبيرة واستضاف شاه إيران واستقبله في قصر مراكش ووضع إقامة رهن إشارة أسرة الشاه وسمح للطائرة التي كانت تقل أولاده من مدارسهم في مختلف أنحاء العالم لكي تحط بالمغرب، ويجتمع شمل أسرة الشاه الذي كان حكمه وقتها في مهب الريح.

ومن المغرب تابع الشاه تطورات الأحداث ورأى كيف أن عودة الخميني إلى البلاد كانت مدروسة ومخططا لها من طرف الذين أرادوا الإطاحة به، وسهلت لهم حكومات غربية عملية إعادة الخميني ليستقبله آلاف الأنصار في المطار ويُعلن من هناك أن نظام الشاه سقط رسميا.

فهل يا ترى فكر مُنتجو الفيلم في تسليط الضوء على الدور الكبير الذي لعبه الملك الراحل الحسن الثاني في حماية الشاه في ساعاته الأخيرة عندما رفضت دول كبرى استضافته، ولم يسمح له بمغادرة المغرب إلا لكي يبدأ رحلة العلاج من الأمراض التي أنهكت جسده؟ إذ إن الشاه وجد نفسه مضطرا لمغادرة المغرب لبداية حصص العلاج، ولم يُسمح له بالتوجه إلى الغرب إلا بعد اتصالات هاتفية أجراها من المغرب كاد أن يتوسل فيها إلى الرئيس الأمريكي وقتها لكي يسمح له بدخول الدول الأوروبية التي كان سابقا يقضي فيها عطله بدون مشاكل وينفق فيها ملايين الدولارات في اقتناء التحف وتقديم الهدايا الإيرانية لضيوفه من سياسيين ورؤساء أحزاب من اليمين واليسار، وكلهم انقلبوا عليه بعد سقوطه ولم يزوروه وهو في أضعف حالاته على الإطلاق.

قصة شاه إيران تستحق فعلا أن يُسلط الضوء على جوانبها الإنسانية قبل السياسية. وإذا كُتب يوما أن يخرج عمل ضخم عن حياة شاه إيران، فلا بد أننا سوف نصادف مشاهد كثيرة صُورت في المغرب، ونتمنى أن يُشير المخرج إلى هذا الأمر، بدل أن تُستغل هوية المغرب البصرية وثقافته ورصيده المعماري، دون الإشارة إلى ذلك، تماما كما وقع في أفلام أخرى عن إيران صورت هنا في المغرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى