شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسية

في الحاجة لإعلام عمومي

هل تمتلك بلدنا منظومة إعلامية عمومية مؤثرة قادرة على مساندة سياستها الخارجية والدفاع عن مصالحنا الوطنية أمام الخصوم والأصدقاء؟
لا نعتقد ذلك، رغم كل الميزانيات التي رصدت لهذا الإعلام من جيوب دافعي الضرائب.

نقول هذا الكلام لأنه تبين في أحداث الأزمة مع ألمانيا وإسبانيا وفرنسا كان الإعلام العمومي مقصرا للغاية رغم أن السياق كان صعبا على بلادنا ويستوجب التعبئة الشاملة في أدائه، بينما كانت فضائيات الدول التي نواجهها أو حتى الفضائيات الأجنبية التي لا دخل لها لا في العير ولا في النفير تغطى الأحداث دقيقة بدقيقة بينما إعلامنا العمومي غارق في شبكة برامجه المعدة سلفا وكأن ما يحدث يقع في دولة أخرى.

واليوم نعيش طعنة غادرة من الرئيس التونسي تطلبت استدعاء السفير المغربي للتشاور، لكن لم يجذب هذا الموضوع على أهميته اهتمام القنوات العمومية إلا قليلا ومن باب «أضعف الإيمان»، فلا هي قدمت برامج حوارية مكثفة كما يتناسب مع السياق، ولا هي شرحت خلفيات ومخاطر هذه الأزمة ولا هي ناقشت كل ما يدور حول هذا السياق الجيوستراتيجي الصعب الذي نمر به، وكأن الخبر عادي مثل كل الأخبار، ولا هي لعبت دورا في تقوية الجبهة الداخلية كما طالب بذلك الملك محمد السادس.

لو عدنا إلى العديد من الأحداث والحوادث الماضية، وبدرجة واضحة مع الأزمة التونسية سنجد أن هذا المبدأ -أي التواري عن الأنظار- يعمل بصورة فاعلة تماماً في إعلامنا العمومي، وفي بعض الأحيان يضطر المغاربة إلى الانتظار لأيام وهم يرون كرة الثلج المتدحرجة تكبر أمامهم في بعض الأحداث قبل أن يجيبهم الإعلام العمومي ببضع دقائق في قضايا تحتاج إلى العشرات من البرامج الحوارية والإخبارية والتحقيقات والمتابعات والتحاليل. فلم يكن الأمر عسيراً أو صعباً أن يوقف الإعلام العمومي برامجه الروتينية فور صدور الموقف التونسي وإعداد باقة من البرامج، لوضع الرأي العام في السياق، ويقول له كل ما ينبغي أن يخدم قضيته الوطنية.

لقد تبين من أزمات متعددة أن الإعلام العمومي يعاني من عدم فهم واضح لدوره الوطني، وعدم إدراك لأهمية مساهمته الدائمة في التعبئة الوطنية، والتغيب في قراءة أبعاد وتداعيات بعض الأحداث والأزمات التي دخلها المغرب، وكأنه غير معني إلا عن مهمة البرامج اليومية وأغلبها تافه.

إن الغيبوبة التي يعيشها الإعلام العمومي تمثل تهديدا حقيقيا للمصالح العليا للوطن، فكيف يمكن أن نواجه حملات الاستهداف لمؤسساتنا السيادية وعلى رأسها استهداف المؤسسة الملكية والأمنية والقضائية وقضايانا الوطنية وإعلامنا العمومي غائب عن الانخراط التام بخلاف ما تقدمه مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المنابر الإعلامية المستقلة التي لولاها لتداعت علينا الحملات كما تتداعى الضباع على فريستها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى