شوف تشوف

الرئيسيةتقارير

في قلب دار القايد المتوگي الذي كان صديقا للفرنسيين

يونس جنوحي

استرخينا فوق المراتب واتكأنا على الوسائد، نتبادل قصص الحيوانات. الغرفة كانت مجاورة للفناء الخارجي، وطيور الحمام كانت تنتظر بلهفة من أجل الحصول على الفُتات الذي كان من نصيبها.
عتبات نوافذ الغرفة كانت مليئة بأوراق الورد المهروسة، وهو ما أعطى رائحة جميلة.
أصبحت المحادثة أكثر جدية وتحدثنا عن التطلعات المحلية. لا داعي للخطط والطرق الثورية. من الجانب المادي، كانت فرصة حققت بداية ممتازة. الحاجة اليوم تتمثل في تقدم سريع في العمل الذي كان بدأ سلفا بصورة جيدة.
ومن بين المفارقات الساخرة أن أحد أوجه النجاح الفرنسي أثار مشاكل جديدة.
وكما سنرى فالمغرب لا يزال يعرف نقصا على مستوى الموارد الطبية، لكن تم إنجاز الكثير من العمل في مجال السيطرة على الأمراض، وخصوصا في ما يتعلق ببقاء العدوى التي كانت تجتاح البلاد بشكل متقطع. لذلك ازداد توقع ارتفاع معدل الحياة بشكل كبير وفاق عدد السكان الضِّعف، وهو ما نتج عنه مشكل إيجاد فرص عمل لهذه «الأعداد المتزايدة» من البشر.
لنقل إن فلاحا مُزارعا لديه أربعة أولاد، في الأيام الخوالي، اثنان أو ثلاثة منهم سيموتون بسبب الأمراض أو أحداث العنف. اليوم كلهم أو أغلبهم يعيشون. مع ذلك فإن مِلكيته الصغيرة بالكاد يمكن أن تُعيل أربع عائلات عندما يحين أجل تفويتها لهم. وهذا المشكل ليس خاصا بالمغرب، بل يتكرر في كل بلد فلاحي.
فائض السكان فوق الأرض يبقى شكلا من الأشكال الخفية للبطالة ويُعتبر مشكلا مُلحا للغاية.
جذور سي حسن كانت مزروعة بالتأكيد في روحه المحلية، وكان صبره قليلا أثناء تعامله مع أبناء بلدته الذين قدموا نظريات غير واقعية. كان أحد تعليقاته عليها قويا بشكل مُدمر.
قال:
-«لقد عملتُ مع الفرنسيين، ليس لأنهم أسياد، لكن لأنهم جلبوا السلام إلى بلدي. ليس لديك أية فكرة عن الفوضى وانعدام القانون في الماضي. لاحظتَ في الليلة الماضية أنني أرسلتُ معك رجلا لكي يجلب معه البغل في طريق العودة، ولم يكن الرجل مُسلحا. قبل أربعين سنة كنت لأرسل فريق حرس مسلحين وأقوياء، وإلا فإنك لن تستطيع أبدا العودة إلى أمزميز. ليس لأنكم أجانب، فعندما كنتُ شابا لم أجرؤ على الابتعاد عن قريتي بعد حلول الظلام حتى لا تُقطع رقبتي، والآن ننعم بالسلام وسيادة القانون. صدقا إنها مشيئة الله! ».
إحدى محاولات حل مشكل الفائض السكاني في أعداد الفلاحين كانت فعالة جُزئيا، حتى أنها مع الوقت قد تُصبح أكثر أهمية.
الموارد المعدنية في المغرب هائلة. في الماضي كانت دائما مُهمَلة، والآن بدأ استغلالها، ونظرا لأن أغلب الموارد موزعة في المناطق النائية فإنهم يعتمدون على سكان القرى المحلية لتوفير اليد العاملة.
هناك مناجم عديدة في منطقة أمزميز، اتجهتُ بالسيارة صوبها في منطقة «أزيگور». تتجه الطريق صعودا على ارتفاع ستة آلاف قدم، ثم تنكشف على واد كبير. ارتفاع الجبال المحيطة بالمكان يصل إلى عشرة آلاف قدم، لكن منظرها كان عاديا. عند رؤيتها، لم تكن قممها المستديرة تولد أي إحساس بعظمتها، لكن كان يوجد هناك واد به حجارة خشنة بُنية اللون يكشف غضب الطبيعة عندما كانت المنطقة تتشكل طبيعيا، وأكملت عملية التعرية خشونة المنحدرات، ما أعطى مشهدا خياليا بشكل مطلق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى